[COLOR=red]فاطمة الحسن " صحيفة عين حائل " [/COLOR]
"أظهرت له خصلات من شعري علامة على حبي وموافقتي عليه".. "توقفت عن إنشاد الشعر حتى لا يفضحني حبي".. "تتبعت أخبارها من زلات أمي في حديثها عن أهلها".
مشاهد لحظيّة جسّدت الحب العذري في واقع من عاشوها قبلنا -بما يقارب 50 عاما- وكشفها أجداد وجدات ألسنتهم؛ بعدما مضى نصف قرن عليها، حينها لم تنتشر وسائل الاتصال؛ عندما كانت وسيلتهم لإيصال صوت الحب "لغة الصمت والنظرات الخاطفة".
عدد من أصحاب ذاك الحب القديم، كانو شاهدين لـ "أوج" على حُب ذاك الزمن، وكشفوا جوانب خفية للحظات الأولى لوقوعهم في الحب.
ففي حين كان ينتظر الشاب نظرة خاطفة بعد انتظار طويل يصل إلى الشهرين، كانت الفتاة تنتظر نظرة من حبيبها؛ لتطفئ شوقها وتحيى معها إلى حين مصادفتهما اللاحقة -في الوقت الذي يتلبسهما الحذر لتفادي العيون المحيطة بهما- وربما طال انتظارها لأيام أو أسابيع لتُحظى بالتفاتة من حبيبها؛ مما يُبقيها حالمة لأشهر تنسج خلالها قصص شهامة وحب وبطولة محبوبها، قبل أن يُتوج الحب الطاهر بخطبة تعلن بين الأهل.
[COLOR=blue]الأمهات.. بريد للغرام[/COLOR]
أم يوسف (جدة لخمسة أحفاد) كانت أول شاهدة من ذاك الزمن، قالت عن حبها لزوجها "كنت أشعر بميل قلبي نحوه -وهو لا يعلم- وكانت والدته دائمة الحديث عنه في كل مرة تأتي لبيتنا، وكأنها تنثر بذور حبه في قلبي مع كل مرة تزورنا وتتحدث خلالها عنه". بهذه الطريقة لعبت الأمهات دورا في بذر الحب في نفوس الفتيات لتكون هذه أحد أساسيات الخطبة على الطريقة القديمة.
وفي الجهة المقابلة، كان زوجها أبو يوسف ينتظر أي خبر عنها لحظة وصول والدته إلى المنزل لعلها تتحدث عنها ولو بالخطأ، وقال "كنت أنتظر أن تنقل لي أي كلمة منها ولو كانت عابرة -ربما كانت تريد إرسالها إلي عبر أمي- وهو ما حدث بالفعل، حيث قالت أمي في يوم من الأيام: أم يوسف وأبناؤها سيذهبون إلى أحد أقربائهم عصر يوم الغد"، ليفهم أبو يوسف حينها أنه سيتمكن من لقائها في الطريق. ويكمل أبو يوسف "ظللت أفكر في أي الطرق سيسلكون لأنتظرها وأراها"، وتابع ضاحكا "وقد رأيتها وتبادلنا نظرات خاطفة ظلت تعصف بي طويلا حتى تزوجتها".
[COLOR=blue]الحبّ الصامت[/COLOR]
أما الجدّ أبو خالد (وبعد أن صار لديه 15 حفيداً)، باح عن حبه بلغة الصمت، يقول "لغة الحب الصامتة لغة المخطوبين منذ نصف قرن مضى، كانت نظرات العيون خلال رعاية الفتاة للإبل بعيدا عن أعين أهلها، إيذانا منها بقبول حب الشاب الذي تلقى سهام عينيها ومبادلته شعور الحب الطاهر والموافقة على أن يكون زوجا لها؛ ليتقدم بعدها إلى خطبة محبوبته".
[COLOR=blue]إيقاف.. إنشاد الشعر[/COLOR]
و روت أم ناصر (جدة لسبعة أحفاد) كيف أن الفتاة عندما كانت تحب تبدأ بإنشاد بعض من الأبيات الشعرية على الطريقة النبطية، وهي ترعى الإبل.
وتقول عن نفسها "توقفت عن الإنشاد بعد ما شعرت بميل نحو ابن عمي الذي كان من المقرر عبر عاداتنا وتقاليدنا أنه لي، كي لا يُفضح أمر حبي له، وكنت أقول بأني لا أحب الإنشاد لأبعد الشبهة عني".
[COLOR=blue]خصلة شعر.. تُطيح بحبيبها[/COLOR]
أم علي (جدة لتسعة أحفاد)، وتقول وهي تروي ما حصل معها "كنت عندما أرعى الإبل أرى الفتى الذي كانت تحكي القرية عنه وعن شهامته وطيبته، وبعد ما عرفت أنه يجلس تحت الشجرة وقت القيلولة، كنت أذهب وأتعذر برعي الإبل لأراه، وبدأت أرقبه حتى بدأ يهتم بي بعد مرور أيام عديدة، وشعرت به يبادلني نفس الشعور، ولكنه لم يحرك ساكنا ولم نتحدث، فقط كنا نرى بعضنا البعض من بعيد".
ويبدو أن أم علي كانت مصممة على ذاك الشاب، لدرجة أنها قدمت له ما يُحفزه أكثر على خطبتها -وفقا لنمطهم القديم- وتقول "حتى أشجعه أكثر لخطبتي بدأت بإظهار القليل من مقدمة شعري وأطرافه كنوع من الإغراء على الطريقة القديمة، وتم زواجنا وكانت أسعد ليالي العمر".