عبدالمجيد الذياب ( صحيفة عين حائل الإخبارية )
من قلب الصحراء القاحلة ، وفي بطن الآكام والأودية ، وفوق الجبال الراسية ، وفي السواحل والبحار وعلى الشطآن وفي كل بقعة من بقاع الوطن الإسلامي والعربي الغالي كانت ولا زالت إسرائيل مغتصبة أرض فلسطين الحرة هي العدو الأول والدائم لكل عربي حر أبي ومسلم ..
ورغم مرور سنوات طويلة على اغتصاب أرض فلسطين إلا أنها لازالت جرح نازف في خاصرة كل مسلم ولازال اليهود هم القردة الممسوخين في قلب كل عربي..
والتاريخ حافل بكثير ممن قاومهم ووقف موقف الأبطال بل واستشهد في سبيل أرض فلسطين الغالية ودرجت دمائه فوق أرضها الطاهرة منذ أن تم زرع الكيان اليهودي في أرض البراق والصخرة ومهد الأنبياء والمآذن الشامخة وأجراس الكنائس عام ١٩٤٨ ميلادي ..
أحد هؤلاء الأبطال ، والذي سجل إسمه في قافلة المجاهدين لتحرير أرض فلسطين عام ١٩٤٨ جاء من عمق الصحراء السعودية ومن بين جبال حائل الجميلة ، جاء يحمل جرح فلسطين النازف في خاصرته التي تئن بالوجع العربية ، جاء وقد لوحته شمس الصحراء وقسوة الحياة البدوية ، رغم عمره العشريني إلا أنه جاء برغبته وحميته الإسلامية وغيرته على الهوية العربية ، أتى وقت المصيبة والنكسة العربية عام ١٩٤٨ وقت الإحتلال اليهودي الغاصب والنجس لأرض الصخرة النبوية
حيث بدأت الحملات المنظمة للجهاد لتحرير فلسطين عندما أعلن الملك ( عبدالعزيز آل سعود ) النفير العام والجهاد في فلسطين
هرع الشاب الصغير في عدد سنوات عمره العشريني ، والهرم والكبير برجولته وأفعاله .. ( عبدالهادي بن لافي العويفي الجعفري العنزي ) والملقب ( بأخو عنقاء ) لتسجيل إسمه في الجيش السعودي المجاهد على أرض فلسطين .
عالم متأجج من الرجولة والحمية والشجاعة أقل وصف له أنه شخصية وطنية ونادرة تحتار في وصفها أو البدء في الحديث عنها أو حتى كيف تنهي الحديث عنها فهو أكبر وأقدر من كل كلام يقال عنه أو وصف ينعت به .
تناقل قصصه ونوادره وبطولاته السعوديين والعرب بل حتى اليهود الذين أتعبهم كثيراً ولهثوا للإيقاع به طويلاً إنه قاطع رؤوس اليهود وماسح دمائهم بشاربه العزيز والرجولي .
إنه نبراس يقتدى به ونموذج للرجولة العربية التي كادت تختفي .
وينتسب لقبيلة عنزة مفخرة القبائل في شبه الجزيرة العربية ومن فخذ ( الجعافرة ) وكم تمتلئ ذاكرة البطولات العربية بأبناء هذا الفخذ الشامخ والعزيز .
إلتقينا مع إبن أخيه والراوي الوحيد والقريب جدا لأخو عنقاء وهو الشيخ / كاتب سليم العويفي الجعفري العنزي حيث عاش أخو عنقاء في كنفه حتى وافته المنية في مدينة حائل وكان الحوار الشيق مع الإبن البار لأخو عنقاء شيقا جدا وحملنا نحو الماضي الجميل والبطولات التي كادت أن تندثر وأكملنا الحوار معه واستمرت رحلتنا مع الشيخ / كاتب العنزي وكانت هذه بعض المقتطفات من سيرته العطرة حيث تزدحم بالجميل والرائع ….
إنضمامه للجيش
انضم عبدالهادي العويفي الجعفري للجيش السعودي في عام ١٣٦٧هـ والموافق لعام ١٩٤٨ م – عندما أعلنت الدول العربية النفير للجهاد لتحرير أرض فلسطين وتنظيم الجيش العربي وكان عمره وقتهاأقل من الخامسة والعشرين ولا يزيد عنها
ونظم الأمير الشهيد / فيصل بن عبدالعزيز آل سعود وكان وزيراً للخارجية وأميراً للحجاز آنذاك خروج الجيش السعودي لأرض فلسطين براً وبحراً وجواً وكان الفتى عبدالهادي الجعفري ضمن الفريق الجوي والذي كان بقيادة قائد اللواء الجوي القائد / حسن بن يعيش العنزي ، ويرافقه في رحلته الجويه صديقه الذي تعرف عليه بعد ذلك ( عزم بن حنيظل السويدي الشمري ) .
وتم نقلهم مع كثير من الأبطال ومن قبائل مختلفة إلى الجبهة الأمامية للحرب مع اليهود .
اقتناصه وأسره للجنود اليهود
بعد أيام منهكه وشرسه من القتال بين الطرفين العربي واليهودي بدأت بوادر علاقة صداقة قوية تربط بين عزم السويدي الشمري وعبدالهادي الجعفري العنزي
وتم إعلان هدنة بين الأطراف المتقاتلة واقتصر الأمر على مناوشات خفيفة
لكن خلال فترة الهدنة الرسمية تعرضت فصيلة عبدالهادي لرصاص قناص فكلما خرج مجند سعودي يتم إصابته رغم الهدنة النظامية مما أثار غضب المجند عبدالهادي فاستأذن قائده (حسن بن يعيش ) أن يخرج مستطلعا وباحثا عن مكان القناص ولثقة القائد ( ابن يعيش ) برجولة وشجاعة المجند عبدالهادي والتي تبلورت أمام قائده خلال فترة القتال – سمح له ووافق أن يذهب للبحث عن القناص اليهودي ولكن عبدالهادي طلب فقط أن يموه زملائه القناص اليهودي بأن يخرجوا للحظات سريعة ثم يرجعوا إلى ثكناتهم حتى يُعرف مكان الرمي
وهكذا كان ، فقد خرج يمشط المكان باحثا عن مصدر الرمي كأسد جائع يبحث عن فريسته ، فوجد بين الأشجار مكان الهدف والمجند الاسرائيلي يصوب السلاح بدقه على زملائه فهجم عليه من الخلف وقام بخنقه بسلاحه حتى كاد يدركه الموت فتفاجأ بأن القناص ما هي إلا قناصة يهودية برتبة ملازم
فقام بأخذ سلاحها واقتادها أسيرة حرب لزملائه وسلمها لقائد فصيلته قائلا له ( هذا هو القناص بين يديك ) ولاقى فعله استحسان زملائه وقيادته .
بطولته مع صديقه عزم السويدي :-
عندما إشتد القتال وحمي الوطيس بين الأطراف المتقاتلة ، وبدأ الهجوم اليهودي الشرس على القوات السعودية أصيب ( عزم السويدي الشمري )
وكان معه صديقه عبدالهادي ، ملازما له كالظل لحمايته لشدة تعلقه بصاحبه وولائه له .
حبث كان أمامهما إثنان من المجندين اليهود مدججين بالسلاح يريدان الفتك بهما والإجهاز على عزم الذي كان يردد وينتخي بأخته كعادة العرب دلالة الإعتزاز بها وطلبا للفزعة ( انا اخو عنقاء ) فقال له عبدالهادي :- ( معك أخو عنقاء الثاني ) ويقصد نفسه دلالة أنه لن يتخلى عنه وقت شدته وأزمته وإشرافه على الموت وأنهم إخوة جميعاً
فوجه سلاحه بغضب وشجاعة البدو نحو اليهودي الأول فأصابه بمقتل فجر بها رأسه بسلاحه ، وأدبر المجند اليهودي الثاني هارباً كعادة اليهود الجبناء فلحقه عبدالهادي فأصابه ثم أقبل عليه ونحر رقبته ومسح شاربه بدم اليهودي دلالة الفتك بالعدو وقتله شر قتله حيث كان معروفاً عن عبدالهادي أنه لايخطئ الهدف أبدا وأنه لايترك عدوه اليهودي إلا بعد أن يقضي عليه بنحر رقبته .
وحمل صديقه عزم على ظهره حتى وصل به الى أحد المدرعات والتي حملت عزم معها وأثناء متابعته السير وراء صديقه تعرض لإصابة من العدو في كتفه لم يشعر بها لقوة بنيته ولما ناله من إجهاد وتعب سابق ولإنشغاله بصديقه الذي يتابعه كالظل خلف الاسعاف إلا بعد ساعات من المشي المتواصل وعند احساسه بالالم وبخدر باليد تفاجأ بالنزف الشديد من يده
إلى قدميه .
فرجع الى المدرعة ممازحاً وقال لهم :- ( إحملوني مع أخي أخو عنقاء )
فذهب للعلاج وعندما تماثل للشفاء طلب العوده الى الجبهة لمتابعة القتال وبالفعل رجع للصف الأمامي في الجبهة بطلاً يقطع رؤوس اليهود ويمسح بها شاربه معلناً الفتك بهم والإجهاز عليهم .
سبب تسميته بأخو عنقاء
في أحد المرات كان جالسا مع عزم السويدي والقائد حسن بن يعيش ومجموعة من فرقتهم العسكرية وكان عبدالهادي وعزم السويدي كلاهما عند أي موقف ينتخي بأخته فكان عزم السويدي ينتخي بأخته ( عنقاء ) وعبدالهادي ينتخي بأخته ( هيا ) فقال القائد ( حسن بن يعيش ) ممازحا لهما ( من يأتي بأي شئ يخص متعلقات المجندين اليهود فسوف ينتخي بأخت صديقه )
دلالة شجاعته وإقدامه وعزته
بالإضافة الى نخوته بأخته .
فذهب عبدالهادي أولا وقد أخذته روح المنافسة بعيداً
وأخذ يبحث في الأحراش وبين الشجر داخل خطوط العدو حيث كان يتنقل غير آبه بهم أو خائفا من بطشهم ، وعند بحثه وجد أحد المجندين منبطحا وسلاحه أسفل رأسه وساتر السلاح ( اللباس الخاص بالسلاح ) قريباً منه
ولكن شجاعته وعزة نفسه وصلابته البدوية أبت أن يحصل على ساتر السلاح فقط ، فهجم على المجند وخنقه بسلاحه الذي يحتضنه حتى كاد أن يموت فشد الوثاق على المجند وأخذ سلاحه وسحبه رهينة معه فقال للقائد وهو مقبل نحوه بثبات الأبطال ( نحن لا نأتي بالحديد فقط بل وأيضا بالرجال )
فقال له صديقه عزم السويدي ( وأختي هي أخت لك ونخوة لك الى الأبد ) . ومنذ ذلك الوقت كان لاينتخي ولا يعرف بين الناس إلا بأخو عنقاء .
لقد كان رحمه الله تعالى ذو بأس شديد ويتنزه بين الأحراش وبطون الأعداء ويخترق بسهوله مواقع العدو دون خوف أبدا .
قصة أسره وتحريره للأسرى
عندما بدأ الهجوم على الرابط الحدودي بين الأردن وفلسطين وبين القوات العربية والإسرائيلية تم أسره مع بعض الأسرى السعوديين وكان عددهم ما بين ٣٩ – ٤٠ جندي سعودي أسير و ٨٠ أسير عربي من مختلف الجنسيات العربية .
وأودعوهم السجن في إسرائيل ولم يقتنع أو يستسلم عبدالهادي بفكرة أن يكون أسيراً بيد اليهود وتحت رحمتهم إذ يرفض واقعه وشخصيته القوية هذا الأمر ، فبدأ بالتفكير مطولاً كيف يتخلص من السجن ؟ وبدأ يتعلم بعض الكلمات العبرية ليستطيع أن يفهم ما يدور حوله .
ومما زاد تصميمه على الهرب هو طريقة التعامل المزرية والمهينه من اليهود وكذلك تعرضهم لشتى أنواع التعذيب والإهانات .
وكان نظام الحراسة في المعتقل بالتناوب بوجود حارسين في كل مناوبه فتقرب بذكاء ودهاء من حارسين يأتيان مع غروب الشمس إلى الفجر ومددجين بالسلاح أحدهما يحمل بندقية بحربة سكين ، والأخر رشاش وكذلك كان يراقب مخطط السجن فتأكد من وجود خندقين أحدهما من البوابة للسجن والآخر من البوابة للقيادة وهم في المنتصف معزولين عن العالم وأما الخفارة فتأتي من جهة القيادة . وحاول بجهد وذكاء تحسين وتلطيف العلاقه مع الحارسين وجعلهم يعلمونه بعض الكلمات العبرية وما أن يستلم الحارسان خفارتهما حتى يقبل عليهما وهو مقيد ومكبل كالأسد ويجلس معهما حتى مغادرتهما ليستأنسا به ويأمنا جانبه .
ومضي على أسره مع الأسرى السعوديون والعرب شهر وثمانية عشر يوما قضوها بإهانات وتعذيب حتى أن الأكل يقذف لهم كالحيوانات مما جعله يشعر بالقهر والغضب وتصميم على الهرب . وفي ليلة خميس بعد إكتمال أسره شهر و١٨ يوم بدأت لحظة الحسم والتنفيذ .
وجاء الغروب فخرج أحد الحارسين بعد تسليم سلاحه البندقية مع صديقه ليأتي بالعشاء لهم ، فانطلق البطل عبدالهادي للحديث مع الحارس وهو مقيد بالسلاسل كالأسد المتربص وعيناه على السلاح الذي تركه الحارس يرقب لحظة الإنقضاض .
فطلب سيجارة منه
ثم بدأ بالحديث مع المجند الإسرائيلي فسأله كيف السلام العسكري اليهودي ؟ فأخبره المجند اليهودي
ثم قال له اليهودي بحذر وكيف السلام العسكري السعودي ؟
فقال لا اعرف إلا بالبندقية ذات رأس الحربة لأنه يستلزم بعض الحركات
فمدها إليه المجند بحذر وخوف
فقال له عبدالهادي هكذا سلامنا الملكي السعودي فباغته بطعنة قتلته ، وكعادته قطع عنقه ومسح الدم بشاربه – وأخذ السلاحين معه فحمل البندقيه ووضع الرشاش على ظهره وخرج مسرعاً الى الخندق الموصل للبوابة ووجد الضابط المناوب يتحدث مع المجند الذي خرج ليجلب العشاء لهم وبعض من فرقته عند سيارته العسكرية فخرج إليهم فجأه وقتلهم بالسلاح سريعا وهرب الجنود الأخرين محاولين الفرار الإ أنه لحق بهم وهم يفرون كالجرذان وهو مقيد بالسلاسل فقتلهم جميعا بالسلاح الذي يحمل .
فحمل على ظهره بعض الأسلحة ، وأسرع الى زملائه الأسرى وفي طريقه لهم وجد مفاتيح الزنزانات وعنابر الأسرى مع العسكري الحارس الذي قتله في بادئ الأمر فذهب لزملائه صائحا ( جاكم الفرج على يد اخو عنقاء ) وكان عدد الأسرى ما يعادل ١٢٠ سعودي وعربي ولم يصدقوا في البداية إلا انه صاح بهم بسرعة الهرب والفرار من الأسر.
وأخرجهم جميعاً وقادهم نحو خندق العبور للبوابة ليتم هروبهم ووقف منتظراً حتى خرج جميع الأسرى لأنه خاف أن يكون هناك مريض او مصاب فيتركونه وراءهم وأقسم أنه لو وجد من تخلف وراءه لحمله مع السلاح على ظهره – واستمرت رحلة الهروب نحو الحرية ، وبعد ٥ كيلومترات من الهرب وهو محمل بالسلاح ومقيد الأرجل أنهكه التعب لوجود القيد في قدمه والسلاح الثقيل على ظهره فأخذ بعض الأسلحة التي يحملهاعلى ظهره وبدأ بتفكيك بعض عدتها ورميها بعيدا حتى يضمن أن لاتستعمل بعده – واستمر برحلة الهرب مع باقي الأسرى وأخذ يفكك الأسلحة ليخفف الحمولة كلما زادواً بعداً عن مواقع سيطرة العدو ولم يبقى معه سوى رشاش ورأس حربه ومخزن سلاح . ووصلوا جميعا الى الحدود الأردنية فقال لهم أخو عنقاء ( أصعدوا الجبل حتى لاتقتلكم القوات ألعربيه ظنا منهم إنكم فرقة يهودية ) فصعدوا جميعا الجبل واستغربوا حركه تحرك الجيوش العربية أسفل الجبل وكانهم يبحثون عن شي ما .
وكانت الإذاعة الإسرائيلية قد أعلنت هروب الأسرى العرب على يد أسير سعودي قام بقتل جنودهم وعرضوا مكافأة لمن يلقي القبض عليه . وبدأت القوات السعودية تبحث عنهم بمجرد سماع خبر الهروب للأسرى . إلا أنه قال لهم إجلسوا في مكانكم حتى ينبلج الفجر ثم اخرجوا أي قطعة بيضاء معكم من ملابسكم للتلويح لهم ليعلموا أننا من القوات العربية فنزلوا كما أمرهم أخو عنقاء وتأخر في النزول رغم قيده وتعبه فكان وراء زملائه وآخرمن نزل ليحمي ظهورهم بسلاحه الذي يحمله
واستقبلتهم القوات السعودية والعربية واستقبلوه إستقبال الأبطال فقال لهم ممازحاً رغم حالته التي يرثى لها ( لاتقتربوا مني رائحتي كريهة ) فقال له أحد القادة ( والله إن رائحتك كالمسك ).
فكوا قيده وتم استدعاءه للقيادة السعودية في الرياض .
إستقبال الأمير فيصل لأخو عنقاء
وعلى أرض الرياض إستقبله الأمير فيصل بن عبدالعزيز وزير الخارجية السعودية آنذاك
وقال له مرحباً ويداه تسابق عبدالهادي الذي أراد مصافحة الأمير فيصل ولكن الأمير عانقه عناق الأب والصديق والأخ فقال له ( حي الله البطل إبن البطل ) فبكى أخو عنقاء طويلاً متأثراً بإستقبال الأمير الفيصل له رغم هيبته وقوته رحمه الله .
فأمر الفيصل بعلاجه أولا ثم يأتون به بعد ذلك إلى الفيصل عند تمام شفاءه وهكذا تم الأمر .
وعندما قابله الأمير الفيصل قال له :-
( إختر ما شئت ، ونحن سنستجيب لك ) إلا أن شهامته وعزة نفسه أبت أن يطلب سوى أن يكون في حماية الأسرة المالكة عند سجنه أو وقوعه في مشكله مستقبلاً ، فقال له الفيصل لك ما طلبت . وقلده الأمير فيصل وسام الشجاعة والبطولة .
ولم يمض فترة طويلة حتى انتهت بعدها الحرب بإحتلال أرض فلسطين الحرة .
عدد قتلاه اليهود
لقد قتل أخو عنقاء ٣٩ مجند يهودي وقطع رأس أغلبهم ومسح بسكينه التي لازمته معظم حياته بقايا دمائهم بشاربه الشامخ .
بعض مواقفه البطولية
كان في مجلس بالمدينة المنورة وشتم أحد الحضور شيخ مشايخ عنزه آنذاك / مشعان بن هذال ؛ فغضب أخو عنقاء وأمره بالكف عن شتم إبن هذال فقال الرجل لأخو عنقاء ( إن كنت غاضباً لأجله الحق به في العراق ) فاشتد غضب أخو عنقاء وهب واقفا وقد ظن الجالسون أنه يريد الخروج إلا أنه إنطلق نحو يد النجر ( الهاون ) وفقأ عين الرجل الذي شتم إبن هذال .
فدخل السجن وحكم عليه الشيخ بربع الدية أي ما يعادل ١٥ الف ريال آنذاك فقال أخرجوني من السجن لآتي بالدية فقالوا / ومن يكفلك ؟ قال :- الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير المدينة المنورة آنذاك ولم يلجأ يوما لآل سعود إلا لضرورة قصوى وكفله الأمير بدون أن يعلم سبب
سجنه أو حاجته للمال وكفله بضمان سمعته ومكانته العظيمة وأخرجه من السجن وذهب أخو عنقاء إلى الشيخ / محمد بن فرحان الأيداء / رئيس الفوج بحائل ؛ وأخبره بقصته فأمر بجمع الدية من أصحابه وخلال ٤٨ ساعة تم جمعها، فقال ممازحا كعادته ( رحمه الله ) لو كنت أعلم سرعه جمع الدية لفقأت عينه الأخرى .
أيامه الأخيرة
عاش أخو عنقاء في مدينة حائل التي كان يعشقها مع أصدقائه القدامى من قبيلة شمر وهم عزم السويدي – وإبن سعيد – وإبن فنيدل والذي بقي متواصل معهم حتى وفاتهم
( رحمهم الله تعالى جميعا )
تعرض أخو عنقاء لجلطة دماغية أرقدته السرير الأبيض في المستشفى العام بحائل حيث توفي في شهر رمضان عام ١٤٠٦ هـ .
وتوفي وهو بكامل قواه العقلية فلم يدخله خرف أو نسيان وشيخوخه بل مات شامخاً ولم ينتكس أو يضعف لمرض وكانت بقايا قيد الأسر اليهودي باقية في قدميه حتى وفاته رحمه الله حيث دفن في مقبرة الزبارة بحائل وأقرب وصف لهذا البطل الضرغام قول الشاعر :-
وأنا المهيـب ولـو أكـون مقيـدا
فالليث مـن خلف الشباك يهـاب
وختام الحديث ، لن تجد له نهاية تليق بفخامة هذه الشخصية ويكفي القول بأنه أحد رموز البطولة العربية في وقت تزاحم فيه الأبطال ومفخرة عنزة على مر الأزمان وبطل من أبطال فخذ الجعافرة العريق لينظم إلى قافلة زاخرة بالأبطال من قبيلة عنزة عامة والقائمة متخمة بهم ولازال التاريخ يسجل ويسطر بطولاتهم بماء الذهب .
26 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓