( صحيفة عين حائل الإخبارية )
“ما في معلوم.. أنا يروح سيارة.. نفر أول كلام فيه إنت”. صباح مساء تتردد على أسماعنا نماذج كثيرة من هذه المفردات والتراكيب الركيكة، والتي يستخدمها غالبية السعوديين لاشعورياً عند التواصل مع العمالة الوافدة ممن لا يتقنون اللغة العربية، حيث يضطرون إلى التحدث معهم بلغة يطلق عليها البعض لغة (إنت ما في معلوم) بغية إفهام الطرف الآخر ما يراد الحديث عنه.
وتنتشر لغة “ما في معلوم” بين المواطنين حيث يستخدمونها كلغة رائجة في المحال التجارية والمؤسسات، كما تستخدمها ربات البيوت في المنازل مع العاملات المنزليات، نزولاً لمستوى فهم العاملة التي جاءت إلى السعودية وهي لا تعرف عن لغتها الكثير، ما تسبب في انتقال هذه اللغة للأطفال، وهو ما يسبب تأثيراً سلبياً على المقدرات اللغوية لديهم ويضعف فهمم للغة العربية الصحيحة.
وحول تفسير الاستخدام اللاشعوري للغة “ما في معلوم” قال صهيب الحربي الباحث في اللغة العربية، إن معرفة أي لغة، يتم من خلال طريقتين، تعلّم أو اكتساب، الأولى تكون ضمن نظام دراسي، أما الثانية فتتم بشكل طبيعي تلقائي من المجتمع، ويتم الاكتساب في وقت أقل نسيباً مقارنة بالطريقة الأولى، مشيراً في حديثه لموقع العربية.نت إلى أن اكتساب الفرد للغة، أشبه باكتساب الطفل للغته الأصلية من أمه.
وقال الحربي إن لغة “ما في معلوم” تدخل ضمن معرفة اللغة عبر الاكتساب الطبيعي، بسبب انتشارها وكثرة المتحدثين بها، وهو ما ولّد استخداما لاشعورياً بين المواطنين لهذه اللغة عند الحديث مع #الوافدين، حيث يعتمد الاكتساب اللاشعوري للغة على استخدامها في المواقف التواصلية وهي كثيرة، بحيث يكون التركيز في هذه الحالة على المحتوى والأثر الذي يحدثه استخدام اللغة لا على دقة التراكيب اللغوية.
ولا تفرق مفردات لغة “ما في معلوم” بين المذكر والمؤنث، وبين المتكلم والمخاطب، والمفرد والمثنى والجمع، كما تتغير فيها مخارج الحروف حيث تقلب الحاء هاءً، والشين سيناً، والواو فاءً، فيما تخلو مفرداتها من أدوات الربط وحروف الجر والأسماء الموصولة وظروف المكان والزمان، أما الضمائر فلا يستخدم فيها سوى الضمير (أنا) سواء للمفرد والجماعة، وتخلو كذلك من أسماء الإشارة، سوى (هذا) والتي تنطق بالزاي بدلاً من الذال.
وقال الحربي إن لغة “ما في معلوم” نشأت للأسف باشتراك وتوافق بين جميع الأطراف، ولاجتثاثها ينبغي سلك ثلاثة طرق، الأول: أن يشترط الكفلاء على العمال معرفة العربية في ممارسة المهن، التي فيها اتصال مباشر مع المواطنين. ثانياً: توفير برامج خاصة بتعليم العربية لهؤلاء الوافدين ومساعدتهم على التحدث بها. وثالثاً: الخروج من الاستخدام اللاشعوري للغة “ما في معلوم” والحديث مع الوافدين بلغة عربية صحيحة، ما من شأنه أن يؤثر إيجابياً على فهمم للغة العربية الصحيحة.