( صحيفة عين حائل الإخبارية )
كشف تقرير لمجلة “بوليتكو” الأمريكية ترجمته “سبق” عن حرب خفية يقودها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ومستشاروه السابقون؛ من أجل إفشال تحرك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يبحث بجدية عن طرق لإلغاء الاتفاق النووي مع إيران.
وتفصيلاً، جاء بالتقرير: “في الوقت الذي يهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتفجير الاتفاق النوي، يقوم أعضاء من إدارة أوباما السابقة بالتعبئة للمحافظة عليه، حيث يقوم بعض المساعدين السابقين للرئيس أوباما بعقد اجتماعات والاتصال بالمشرعين، والتواصل مع الأذرع الإعلامية؛ في محاولة عاجلة لمنع تفكيك أحد أهم إنجازات الإدارة الأمريكية السابقة”.
وأضاف التقرير: “بالطبع أوباما يدرك جيداً جهودهم، إنها معركة منسقة بشكل فضفاض شنّوها بنجاح من البيت الأبيض إبان فترة أوباما ضد الجمهوريين في الكونغرس، الذين حاولوا مراراً وتكراراً كسر الصفقة، كما أنها في حد ذاتها معركة كانوا يأملون بتجنبها. فبعد إدانة الرئيس ترامب للصفقة، وتوليه رئاسة البيت الأبيض كانت لدى الرئيس فرص متعددة لإلغاء الصفقة، لكن الآن أيدي أوباما تعمل بكدّ على منع إلغاء الصفقة في مقابل ارتفاع المخاوف بعد التقارير التي تحدثت عن استعداد ترامب لإلغاء الاتفاق النووي في هذا الخريف”.
وتابع التقرير: “يقول روب مالي وهو مستشار سابق لدى أوباما حول قضايا الشرق الأوسط: إن الاتفاق النووي شيء ملموس، كما أنه هدف، وهو أمر يشعر كثيرون بأنه إنجاز كبير، ويختلفون بشدة مع نقاد الصفقة، ويضيف: إننا نهتم بالعواقب التي يمكن أن تنجم عن تفكيك الصفقة، والتي أبرزها سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، وأضرار بالغة للدبلوماسية الأمريكية أو ما هو أسوأ”.
وكانت سامانثا باور سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة في عهد “أوباما” حذرت قائلة: “من الصعب أن نرى كيف يمكن التخلي عن الصفقة بطريقة لا تؤدي إلى حرب”، ويردّ المحافظون الجمهوريون بأن هناك نبرة عالية لدى وسائل الإعلام الأمريكية المؤيدة للديموقراطيين عادت لدعم الصفقة، بالرغم من أن مسؤولي المخابرات الأمريكية استنتجوا في منتصف عام 2015 أن إيران قد تكون قادرة على بناء قنبلة نووية خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر.
وزاد التقرير: “في يوم الخميس الماضي اختار ترامب عدم فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي، مما يعني أن الاتفاق سيبقى سليماً حتى الآن. وهذا القرار لم يكن مفاجئاً؛ نظراً للمشورة القوية من مساعدي ترامب وحتى مناوئيه لتجنّب نهاية مفاجئة للاتفاق. إلا أن ترامب الذي يشعر بالإحباط من انتهاك إيران للصفقة النووية اقترح أنه سيطرح مسألة التصديق النهائي على الصفقة في الكونغرس، والذي قد يحتاج ستين يوماً لتقرير ما إذا كان سيعيد فرض العقوبات الأمريكية على إيران. ومن شأن تصويت الكونغرس على إعادة فرض العقوبات النووية على إيران أن يقتل الاتفاق النووي فعلياً، ويمكن أن يدفع إيران إلى استئناف برنامجها النووي مجدداً.
وتابع التقرير: “في يوم الأربعاء أطلع العديد من مساعدي أوباما السابقين الصحافيين على أن إعادة النظر في الاتفاق النووي سيكون خطيراً وغير عملي. من بين المشاركين ويندي شيرمان التي قادت فريق التفاوض الأمريكي مع إيران، وكولن كاهل مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس السابق جون بايدن، وجون فاينر المسؤول السابق في الخارجية الأمريكية، حيث قالت شيرمان للصحافيين: “من الصعب جداً إن لم يكن من المستحيل إعادة النظر في الصفقة بأي شكل من الأشكال دون تفكيكها بالكامل”.
وأوضح التقرير: “إن شيرمان أكدت بالفعل أن أوباما يدرك ويعلم بجهود مساعديه في المحافظة على الصفقة، وتحدّث مساعد أوباما دون الكشف عن اسمه أن أوباما منخرط في التفاصيل، ويحصل على المعلومات حول الصفقة أولاً بأول”.
ويلتزم “أوباما” الصمت تجاه تهديدات “ترامب”؛ خوفاً من أي تصريح للرئيس السابق “أوباما” سيدفع “ترامب” على إلغاء الصفقة؛ نظراً للكراهية الشديدة التي يُكنّها “ترامب” لـ”أوباما”.
ويكشف التقرير “عن أدوار نشطة لوزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري؛ للمحافظة على الصفقة، وهو الذي قضى مئات الساعات للتفاوض مع الجانب الإيراني؛ من أجل توقيع الاتفاق، وبحسب مسؤول أمريكي سابق تحدث مع “كيري” أن الأخير منخرط تماماً في الجهود الكبيرة لمنع إلغاء الاتفاق النووي، حيث ما زال على اتصال مع أعضاء الكونغرس؛ لإقناعهم بخطورة إلغاء الاتفاق النووي، كما أنه يتواصل مع نظرائه الأوروبيين للتحذير من إلغاء الاتفاق النووي الذين هم جزء منه”.
وقد أطلقت مجموعة “دبلوماسي وركس” التي بدأت في مايو أعمالها الدعوة للاتصال مع الصحافيين؛ للدفاع عن الاتفاق النووي، حيث تضم في مجلسها الاستشاري جون كيري، والعديد من كبار إدارة “أوباما” السابقين من بينهم نائب مسشار الأمن القومي بين رودس، والذي قال للصحافيين إن انسحاب أمريكا من الصفقة النووية سيخلق أزمة نووية ثانية، وستتخلى عنا الدول التي نحتاجها في مواجهة كوريا الشمالية”.
وتابع التقرير: “هناك منتقدون متشددون للصفقة، حيث تنتقد الصفقة منظمات متشددة مثل مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات التي لديها روابط قوية داخل إدارة ترامب، كما أن ضغوط بنيامين نتنياهو مستمرة في هذا الصدد منذ أكثر من عام، حيث سيجتمع في الأسبوع القادم في نيويورك مع ترامب، ويحث نتنياهو على إصلاح الصفقة أو إلغائها”.
وتشمل مخاوف منتقدي الصفقة النشاطات الإيرانية المزعزعة لاستقرار الشرق الأوسط، حيث ترتبط طهران مع الديكتاتور السوري بشار الأسد، ومع المليشيات الإيرانية في العراق ولبنان واليمن، كما أن تجاربها النووية تثير مخاوف بشأن طموحاتها النووية على المدى الطويل، وقدّم مسؤولون وحلفاء لـ”ترامب” هذه الحجج، متهمين إيران بأنها تنتهك روح الاتفاق النووي، كما يخشى النقاد العسكريون من أن إيران بعد الصفقة ستصبح قادرة بعد فترة وجيزة على صنع قنبلة نووية. أما مؤيدو الاتفاق فهم يرون أن إلغاءها سيضع إيران على سكة السلاح النووي، وأن سباقاً نووياً سيندلع في المنطقة.
وبحسب التقرير، فإن العديد من المنتقدين الأقوياء للصفقة يحثون “ترامب” على عدم إلغائه بشكل صريح، حيث يعترفون بردّ الفعل الدولي المحتمل، كما في الوقت نفسه يلاحظون أن إيران جنت عشرات المليارات من الدولارات من أصولها المجمدة. لكن تقارير حديثة تتحدث عن مخاوف إيران من إقناع “ترامب” للغربيين بضرورة عمل صفقات تكميلية للاتفاق، وهو ما سيعني فشل الصفقة، وأحدث هذه التقارير انفتاح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعقد صفقات تكميلية لإنجاح الاتفاق النووي، كما سيكون هناك اجتماع بين “ترامب” و”ماكرون” كما أعلن البيت الأبيض.
لكن مساعدي “أوباما” السابقين يرفضون فكرة أي صفقات تكميلية، ويقول “كاهل” أحد مسؤولي إدارة “أوباما” السابقين على حسابه في “تويتر”: “ينبغي عليك إحضار أشياء أخرى للإيرانيين؛ ليقبلوا بالتفاوض وليس الضغط فقط”.
ويوم الأربعاء الماضي أصدر أكثر من 80 خبيراً في حظر انتشار الأسلحة النووية بياناً يحث “ترامب” على عدم التخلي عن الاتفاق، ويشير الخبراء والمفتشون في المجال النووي إلى أنهم تأكدوا تكراراً ومراراً من أن إيران بالفعل تمتثل للاتفاق النووي، كما أن التخلي عن الصفقة دون أدلة واضحة على خرق الاتفاق من قبل طهران يخاطر بأن تستأنف إيران نشاطها النووي”.
وسيتعيّن على “ترامب” أن يقنع روسيا والصين في حال أراد إعادة النظر في الاتفاق، ويخشى الصينيون بشكل خاص من أن إلغاء الاتفاق النووي مع إيران أو إعادة النظر فيه، سيؤدي إلى تشدد الموقف الكوري الشمالي، ولن تستطيع أن تثق بأمريكا مجدداً في أي محادثات نووية محتملة. كما كشف مسؤول في الخارجية الأمريكية لمجلة “بوليتكو” أن الأوروبيين “لن يكونوا في صفّنا في حال الانسحاب الأمريكي من الصفقة؛ نظراً لمشاريعهم الاقتصادية التي أقاموها مع الطرف الإيراني بعد الاتفاق”.