( صحيفة عين حائل الإخبارية )
شهد عام 2017 العديد من الأحداث العلمية المهمة التي نالت اهتمام العالم أجمع، ما بين اكتشافات جديدة لأسرار الأرض والبشر والفضاء الخارجي، وكذلك رصد ظواهر كونية تخصّ حركة النجوم واصطدامها ونشوء عوالم جديدة.
ومع اقتراب العام من نهايته وحلول عام 2018، يرصد موقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، أبرز وأهم ثمانية أحداث وقصص علمية كان لها صدى كبير العام الماضي:
اصطدام نجمين
رصد علماء الفلك العام ظاهرة كونية مثيرة هي موجات الجاذبية التي تنبّأ بها العالم الشهير ألبرت أينشتاين، لكنها هذه المرة من مصدر جديد، وجاءت موجات الجاذبية من اصطدام نجمين ميتين أو نجمين نيوترونيين.
وأعلن العلماء عن أول اكتشاف لهذه الموجات عام 2016، عندما رصدت معاهد تكنولوجيا أمريكية تستخدم ليزر متقدماً لقياس موجات الجاذبية “مرصد ليزر موجات الجاذبية التداخلي” (LIGO)، اهتزازات في الفضاء جراء اندماج ثقبين أسودين.
وأثار هذا الاكتشاف اهتماماً كبيراً باعتباره بداية لحقبة جديدة في علم الفلك ونشوء فرع جديد يعتمد على موجات الجاذبية لجمع البيانات عن الظواهر البعيدة.
وحصلت تليسكوبات من مختلف أنحاء العالم، في أغسطس الماضي على تفاصيل تصادم نجمين نيوترونيين قبل نحو 130 مليون عام، في مجرة تبعد نحو ألف مليار مليار كيلومتر في كوكبة هيدرا (كوكبة الشجاع).
وبعض الحقائق المتعلقة بهذه الأحداث الكارثية هائلة. على سبيل المثال، النجوم النيوترونية كثيفة لدرجة أن ملعقة صغيرة منها تزن مليار طن. وهي أجرام سماوية ذات قطر متوسط يقدر بنحو 20 كم وكتلته تتراوح ما بين 1.44 و3 كتل شمسية.
كما تمكّن الفريق من التأكد من أن هذه التصادمات تؤدي إلى إنتاج الذهب والبلاتين الموجودين في الكون.
كاسيني تنهي مهمتها
أنهت مركبة الفضاء كاسيني مهمتها الأخيرة بعد بعثة طويلة إلى كوكب زحل دامت نحو 20 عاماً، حيث انطلقت في مسارها نحو الكوكب في 15 أكتوبر 1997.
واحترقت مركبة الفضاء كاسيني-هوجينز بعد دخولها الغلاف الجوي لكوكب زحل بسرعة كبيرة، وكانت قد وصلت إلى النظام الخاص بالكوكب في 2004، وبدأت في إرسال معلومات وصور للمساعدة في فهم حلقات زحل والأقمار التي تدو رحوله وإمكانية وجود حياة عليها.
واكتشفت عيوناً حارة تقذف المياه التي تتجمّد في الفضاء، وكذلك اكتشاف بحار وبحيرات الميثان على تيتان، أكبر أقمار زحل، كما شوهدت كعاصفة عملاقة تطوّق زحل.
وبدأت الرحلة من خلال مركبة كانت مركبة فلاج شيب الروبوتية غير المأهولة والتي حملت كاسيني ومسبار هويجنز، الذي هبط على سطح تيتان أكبر أقمار زحل.
وكانت كاسيني رابع مسبار فضائي يزور زحل وأول مسبار يدخل مداره، وتمت المهمة بالتعاون بين وكالة ناسا الأمريكية ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الإيطالية.
وقررت ناسا تدمير المركبة كاسيني، في 15 سبتمبر الماضي، بعد أن أوشكت خزانات الوقود على النفاد، وكانت تستخدم وقوداً نووياً خلال رحلتها الطويلة.
واختار العلماء تدميرها في الغلاف الجوي لزحل بدلاً من اصطدامها بأي قمر يدور حوله وتؤدي لتلوث بيئته، وهو ربما يكون مناسباً للحياة في المستقبل.
“ترامب” واتفاقية باريس
بينما كان مرشحاً للانتخابات الرئاسية تعهّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ.
لكن بعد فوزه بالانتخابات في نوفمبر 2016، أطلق عدة تصريحات حول قضية تغير المناخ، وأشارت تقارير إلى وجود انقسام بين مستشاري “ترامب” حول القضية، وكان هناك جدل حول مدى قناعته بالبقاء في الاتفاقية وعدم الانسحاب.
لكن “ترامب” لم ينتظر طويلاً، وعقد مؤتمراً صحفياً في البيت الأبيض 1 يونيو الماضي، ليعلن انسحاب أمريكا رسمياً من اتفاقية باريس للمناخ.
وكما كان متوقعاً، فجّر هذا الإعلان غضباً داخل أمريكا وخارجها، وأدان الديمقراطيون والعديد من قادة العالم قرار “ترامب”.
واتهم الرئيس السابق باراك أوباما إدارة “ترامب” بأنها “ترفض المستقبل”، بينما وصف وزير الخارجية السابق جون كيري هذا القرار بأنه “تنازل كامل عن قيادة العالم”.
أراضٍ في الفضاء
اكتشف علماء الفلك 3500 كوكب خارج نظامنا الشمسي، بعضها غريب جداً والآخر يشبه الأرض بشكل كبير.
وفي ديسمبر الجاري، عثر العلماء على نظام نجمي يشبه نظامنا الشمسي، ويتكون من ثمانية كواكب، تدور حول نجم يسمى كيبلر-90.
وأشار العلماء إلى أن ثلاثة كواكب منها توجد في مدار يمكن أن يحتفظ بسيولة المياه، وهو ما يجعلها مؤهلة لإنشاء حياة تشبه تلك الموجودة على كوكب الأرض.
ويعدّ هذا أكبر عدد من العوالم يتم اكتشافها على الإطلاق في نظام كوكبي خارج نظامنا المعروف.
ويقع النجم على مسافة 2545 سنة ضوئية، لكن النظام الكوكبي الذي يدور حوله يشبه نظامنا الشمسي المعروف.
أجداد البشر
استمراراً لرحلة البحث عن أجداد البشر الأوائل وصفاتهم ومعلومات جديدة عنهم، اكتشف علماء حفريات خمسة أشخاص من البشر الأوائل العاقلين، في جبل إيغود بإقليم اليوسفية في دولة المغرب، في يونيو الماضي، مؤكدين أنها الحفريات البشرية الأقدم.
ومما يميز هذا الاكتشاف أن تاريخه يعود إلى ما بين 300 ألف و350 ألف عام، أي أقدم بأكثر من 1000 عام عن الحفريات البشرية التي تم العثور عليها سابقاً في إثيوبيا، بقارة إفريقيا أيضاً.
وهو ما يعني أن البشر تطوروا وعاشوا في مناطق مختلفة بالقارة الإفريقية، وليس في مكان واحد كما كان يُعتقد في السابق.
الكسوف الأمريكي
أظلمت السماء تماماً فوق الولايات المتحدة الأمريكية في 21 أغسطس هذا العام؛ بسبب الكسوف الكلي للشمس الذي يعد الأكبر منذ اكتشاف أمريكا عام 1776.
قد وُصف الحدث بأنه “الكسوف الأمريكي العظيم”؛ لأنه كسوف شمسي كامل، وأظلمت السماء تماماً.
واكتسح ظل القمر معظم قارة أمريكا الشمالية. بدأ الكسوف في المحيط الهادئ وانتهى في المحيط الأطلسي، عابراً الولايات المتحدة الأمريكية من الساحل إلى الساحل في طريقه من الشمال الغربي إلى الساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة.
وكان هذا أول كسوف منذ 99 عاماً، يمر من الساحل الغربي إلى الساحل الشرقي.
وتجمّع ملايين الأمريكيين عبر الولايات المتحدة؛ لمشاهدة الظاهرة الفلكية النادرة.
زائر من الفضاء
ظلّ العلماء لسنوات طويلة يتوقعون أن كويكباً من الفضاء سيزور الأرض، وكنا بالفعل على موعد هذا العام 2017، على مشاهدة هذا الكويكب وهو يقترب من الأرض، في أكتوبر.
واكتشف تلسكوب بان ستارس في هاواي الكويكب، وأطلقوا عليه (أومواموا) وتعني بلغة هاواي “المرسال”، وكان يشبه السيجار، وكان هناك قناعة بأن سرعة الكويكب ومساره يشيران إلى أنه من خارج نظامنا الشمسي.
وبعد الإعلان عن رصده من جانب التليسكوب في هاواي أصبحت جميع مراصد العالم قادرة على متابعته وتسجيل حركته بدقة، وكان طوله 400 متر وعرضه 40 متراً فقط، ويشبه السيجار الكوبي.
واكتشف العلماء أنه لا يختلف عن الكويكبات المعروفة التي تصل إلى نظامنا الشمسي من بعيد.
ما أثار التعجب حتى أكثر من شكل الكويكب، هو مساره، الذي لا يخضع لقوانين المنظومة الشمسية ولا جاذبية الشمس، التي لا يدور حولها.
فمنذ اكتشافه، لوحظ أنه يسير بشكل متقاطع مع المسارات البيضاوية للكواكب السيّارة. وفي 20 أكتوبر، تم تحديد سرعة مساره بـ 38.3 كيلومتراً في الثانية، واقترابه من الأرض لمسافة 200 مليون كيلومتر.
انفصال جبل الجليد العملاق
شهد هذا العام أيضاً أكبر انفصال لكتلة جليدية عن القطب الجنوبي المتجمد، حيث رصد العلماء في يوليو، صدع وانفصال الجبل الجليدي الأكبر في العالم ويبلغ 4 أضعاف حجم مدينة لندن.
ويبلغ حجم الجبل الضخم المنفصل عن الجرف الجليدي لارسن C، نحو 5800 كيلومتر مربع، كما يزن نحو تريليون طن. ويعتقد أن هذا الأمر حدث بعد كشف قمر ناسا الاصطناعي (الذي يلتقط الصور الحرارية)، للصدع الجليدي المتشكل.
وتزايد عمق الصدع المذكور بشكل سريع منذ عام 2014، مما جعل انفصال الجبل الجليدي أكثر ترجيحاً.
ويقول العلماء إن الجبل الجليدي الذي يبلغ سمكه أكثر من 200 متر لن يتحرك لمسافة بعيدة على المدى القريب، ولكنه من الضروري وضعه تحت الرقابة؛ إذ إن التيارات البحرية والرياح قد تدفع به شمالاً، بحيث يصبح خطراً على حركة الملاحة.
وقال العلماء إن هذا الانفصال أدّى إلى تقلص مساحة حرف لارسن C، بنسبة تزيد على 12 في المائة، بالإضافة إلى تغير المشهد العام في شبه الجزيرة القطبية الجنوبية إلى الأبد.