( صحيفة عين الحقيقة الإخبارية )
تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثلاثاء بمنع الشركات التي تجري معاملات مع إيران من التعامل التجاري مع الولايات المتحدة مع بدء سريان العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران، على الرغم من مناشدات حلفاء واشنطن، حسب رويترز.
وكانت إيران قد رفضت في اللحظة الأخيرة عرضًا من إدارة ترامب بإجراء محادثات قائلة إنها لا يمكن أن تتفاوض بعد أن تراجعت واشنطن عن الاتفاق النووي الذي أُبرم عام 2015، وينص على تخفيف العقوبات مقابل فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني.
وكتب ترامب على تويتر يقول: “هذه هي العقوبات الأشد على الإطلاق. ستصل في نوفمبر إلى مستوى أعلى. كل من يجري معاملات مع إيران لن يتعامل مع الولايات المتحدة. أطلب السلام العالمي، لا أقل من ذلك!”.
وانتقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تغريدة ترامب، ووصفها بأنها مكررة، وندد بما وصفه بـ”النزعة الأحادية الأمريكية”، وقال على تويتر: “ليست هذه هي المرة الأولى التي يزعم فيها داعية للحرب أنه يشن حربًا من أجل السلام العالمي”.
ومن ناحيته، قال جون بولتون مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض الاثنين إن فرصة إيران الوحيدة للنجاة من العقوبات هي قبول عرض ترامب بالتفاوض على اتفاق أكثر صرامة.
وأضاف لقناة فوكس نيوز الإخبارية: “يستطيعون قبول عرض الرئيس للتفاوض معهم، والتخلي عن برامجهم للصواريخ الباليستية والأسلحة النووية بشكل كامل. يمكن التحقق من ذلك فعليًّا”.
وأوضح “بولتون” أن العقوبات تحقق المرجو منها بالفعل؛ إذ ردعت الشركات الأوروبية عن التعامل مع إيران. مشيرًا إلى أن الحكومات الأوروبية لا تزال متمسكة بالاتفاق النووي، لكن بصراحة شركاتها تهرب منها بأسرع ما يمكن؛ لذلك فإن أثر العقوبات الأمريكية مستمر على الرغم من ذلك (تمسكها بالاتفاق).
يُذكر أن عددًا قليلاً من الشركات الأمريكية لديها أعمال في إيران، الدولة المعادية للولايات المتحدة منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979؛ لذلك فإن تأثير أي عقوبات يعتمد على قدرة واشنطن على منع الشركات الأوروبية والآسيوية من إقامة أعمال هناك.
ومن بين الشركات الأوروبية الكبيرة التي علقت خططًا طموحة للاستثمار في إيران استجابة للعقوبات التي فرضها ترامب شركة توتال النفطية الفرنسية وشركتا رينو و(بي.إس.إيه) الفرنسيتان لصناعة السيارات.
وفي هذا الصدد قالت شركة دايملر الألمانية لصناعة السيارات والشاحنات: “أوقفنا أنشطتنا المحدودة بالفعل في إيران تماشيًا مع العقوبات السارية”.
انزع السكين
رغم أن واشنطن تقر بأن إيران التزمت بشروط اتفاق عام 2015 الذي وقعت عليه إدارة الرئيس الأمريكي السابق بارك أوباما، لكنها تقول إن الاتفاق معيب؛ لأنه غير صارم بما فيه الكفاية.
فيما ترى إيران أنها ستستمر في الالتزام بالاتفاق في الوقت الراهن إذا استطاعت الدول الأخرى حمايتها من التأثير الاقتصادي لقرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق.
وتستهدف العقوبات التي دخلت حيز التنفيذ الثلاثاء مشتريات إيران من الدولار الأمريكي وتجارة المعادن والفحم والبرمجيات الصناعية وقطاع السيارات.
وارتفعت أسعار النفط الثلاثاء مدفوعة بمخاوف من أن تقلص العقوبات الإمدادات العالمية، على الرغم من أن أشد الإجراءات العقابية التي تستهدف صادرات إيران النفطية لن تسري قبل أربعة أشهر. فيما ارتفع سعر العقود الآجلة لمزيج برنت إلى 74.75 دولار للبرميل في الساعة (18:23 بتوقيت جرينتش).
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد قال في كلمة ألقاها قبل ساعات من بدء فرض العقوبات: نرفض إجراء أي مفاوضات طالما لم تعد واشنطن ملتزمة بالاتفاق النووي.
وأضاف روحاني في كلمة بثها التلفزيون على الهواء: “إذا طعنت شخصًا بسكين ثم قلت إنك تريد إجراء محادثات فعليك أولاً أن تنزع السكين”. مستطردًا: “نفضل دائمًا الدبلوماسية والمحادثات، لكن المحادثات تتطلب الصدق”.
ورفض روحاني اقتراح إجراء محادثات باعتباره يهدف إلى إثارة الفوضى في إيران، وإرباك الناخبين الأمريكيين في الداخل قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني.
وقال إن واشنطن أصبحت معزولة دوليًّا، وستندم على فرض العقوبات ومخالفة آراء حلفائها والقوى العالمية.
ومن ناحيته، قال وزير المخابرات الإيراني محمود علوي إن انسحاب ترامب من الاتفاق يعني ألا جدوى من التفاوض في ظل ما أظهرته واشنطن من عدم التزامها بتعهداتها.
وأضاف: “استنادًا إلى خبرتها السابقة فإن إيران لا تثق في التفاوض مع الحكومة الأمريكية”.
يُذكر أن الاتفاق النووي مرتبط على نحو وثيق بروحاني الرئيس المعتدل نسبيًّا الذي فاز باكتساح في الانتخابات مرتين على وعد بفتح اقتصاد البلاد على العالم الخارجي.
وتخشى الدول الأوروبية من أن قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق يجعلها تجازف بتقويض روحاني وتعزيز قبضة معارضيه المحافظين الذين يقولون منذ وقت طويل إن الغرب لن يسمح لإيران بالازدهار.
أزمة إيران تتفاقم
وقالت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي في بيان مشترك الاثنين: نأسف بشدة على استئناف العقوبات الأمريكية.
وكانت صادرات إيران النفطية قد ارتفعت منذ تخفيف العقوبات قبل عامين، ولكن لم يشعر أغلب الإيرانيين بتحسن اقتصادي ملموس بعد.
وقاد تلويح الولايات المتحدة بمعاودة فرض العقوبات إلى تراجع في قيمة الريال الإيراني؛ وهو ما زاد من كلفة الواردات.
وخرجت مظاهرات في إيران هذا العام احتجاجًا على ارتفاع الأسعار، وتصدت قوات الأمن لها بحزم.
وأعلنت إيران خطوات هذا الأسبوع لتسهيل الحصول على العملة الصعبة في محاولة – فيما يبدو – لتجنب مزيد من الاضطرابات، وقالت إنها تحاكم مسؤولاً سابقًا بالبنك المركزي في جرائم اقتصادية.
وقال سعيد لايلاز – وهو محلل اقتصادي وسياسي يقيم في طهران -: (العقوبات) ستصعب بالتأكيد الحياة اليومية على الإيرانيين.
وأضاف: لكن إذا كانت الحكومة لديها خطة جادة فإن بإمكانها السيطرة على الموقف.
في غضون ذلك، ذكر العراق أنه لا يتفق مع العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران لكنه سيلتزم بها لحماية مصالحه.
وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي: من حيث المبدأ نحن ضد العقوبات في المنطقة. الحصار والعقوبات يدمران المجتمعات ولا يضعفان الأنظمة”.
وأضاف: نعتبرها خطأ جوهريًّا واستراتيجيًّا، وغير صحيحة، لكن سنلتزم بها لحماية مصالح شعبنا. لا نتفاعل معها، ولا نتعاطف معها، لكن نلتزم بها”.