( صحيفة عين الحقيقة )
حققت السعودية برعايتها التوصل إلى اتفاق بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي،إنجازاً مهماً سيقوم عليه ترتيب البيت اليمني من الداخل في مواجهة المشروع الإيراني في اليمن، الذي يسعى إلى جعل اليمن بؤرة لنفوذه من خلال ميليشيا الحوثي الانقلابية، التي وضعت أجزاءً من البلاد في ظروف ينعدم فيها الأمن ومطالب العيش، وعزلتها عن الاتصال بالعالم في ردة متخلفة، ترمي إلى إعادتها إلى ما كانت عليه في القرون الوسطى.
وتتجلى قيمة الإنجاز الذي حقّقته المملكة في عدة مكاسب يمنية وإقليمية ودولية، فبتشجيعها الطرفين على الحوار واحتضان محادثاتهما، نزعت السعودية فتيل الصدام المسلح، الذي وقع بالفعل في بعض أجزاءٍ من العاصمة المؤقتة عدن، وكان في حال استمراره سيجر اليمن إلى ويلات الحرب الأهلية، بما كان سينعكس بالإيجاب على خطط ميليشيا الحوثي في تفتيت الدولة اليمنية، كما أن لعب المملكة دور الوسيط المحايد الذي يكتفي بمد جسور التفاهم بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي وإزالة العوائق المانعة للتوصل إلى اتفاق، والالتزام بعدم فرض أيّ مواقف على أيّ طرف منهما، ساعد على التوصل إلى الاتفاق الذي سيوقّع في الرياض قريباً.
وبهذا الحياد في إدارة محادثات الحوار بين الطرفين، وحثهما على التوصل إلى حل لخلافاتهما قائم على مرجعيات الحوار اليمني، حققت السعودية أحد مطالب الوحدة اليمنية في الحاجة إلى احتشاد كل مكونات اليمن في مواجهة الانقلاب الحوثي على الدولة، وبهذا صانت المملكة وحدة اليمن وحافظت عليها، وهو مبدأ طالما أعلنت السعودية الالتزام به، وأثبت احتضانها محادثات الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي حصرها العملي على وحدة اليمن وسيادته.
ومن المكاسب الإقليمية والدولية المهمة لرعاية السعودية الاتفاق بين الطرفين، حيلولتها دون ظهور بؤرة توتر جديدة في اليمن وتحديداً موضع التحام المحيط الهندي مع البحر الأحمر المهم للتجارة الدولية، وما كان سيترتب على تلك البؤرة من توفير بيئة لإعادة انتشار الإرهاب في جنوب اليمن؛ نتيجة التصارع العسكري بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي وما كان سينجم عنه من فراغ أمني يستفيد منه الإرهابيون، في الاعتداء على حرية الملاحة واستهداف السفن العابرة لجنوب البحر الأحمر في أنشطة موازية لما يقوم به المتمردون الحوثيون.
وتبرهن هذه المكاسب على حقيقة الدور الذي تضطلع به السعودية في رعاية الأمن والاستقرار الإقليميين، وإسهامها الفعال في عودة الدولة اليمنية إلى سابق عهدها قبل الانقلاب الحوثي، ووقوفها على مسافة واحدة من كل مكونات وأطياف الشعب اليمني، وتفهمها مطالب الجميع وفي القلب من ذلك الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، ومنعها اقتتال الأشقاء وإراقة مزيدٍ من الدم اليمني، إضافة لما يسفكه الحوثي في ساحات المعارك، وتقوية الجبهة الداخلية لليمن في مواجهة المشروع الإيراني الذي يستهدف الهيمنة عليه، وتصور الأوضاع التي كان سيؤول إليها اليمن في حال عدم التوصل إلى الاتفاق بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي كفيل بالتعرف على قيمة الإنجاز الذي حققته السعودية.