[COLOR=red]محمد حلبي " صحيفة عين حائل الاخبارية "[/COLOR]
يتوجه المصريون أخيرا إلى صناديق الاقتراع اليوم الأربعاء وغدا الخميس لاختيار رئيس جديد يخلف الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة 25 يناير/كانون ثاني 2011، بعد ثلاثين عاما قضاها في السلطة.
وعلى مدى عقود مضت لم يكن معظم المصريين يأبه لمثل هذه الانتخابات، خاصة أنها كانت في الأغلب أقرب إلى استفتاء على شخص واحد هو شخص مبارك، وحتى عندما شارك فيها آخرون كانوا مثل دمى يكتمل بها ديكور المشهد، أو مثل ضحية تعاقب حتما على أنها تجرأت وحاولت منافسة الفرعون على ملك مصر.
ولأن دوام الحال من المحال، فقد فاجأ المصريون أنفسهم والعالم من حولهم بثورة أنهت حكم مبارك، وبدأت تؤسس لكثير من مظاهر التغيير التي لم يألفها المصريون وفي مقدمتها الانتخابات الحرة، حيث ذهبوا إلى مراكز الاقتراع قبل عدة أشهر واختاروا ممثليهم في البرلمان بعد أن ناب عنهم نظام مبارك عام 2010 عندما اختار برلمانا يتكون كله تقريبا من أعضاء الحزب الوطني المنحل.
وجاء الدور على انتخابات الرئاسة التي تخلو قائمة المتنافسين فيها من مبارك المشغول بمواجهة مصيره أمام القضاء الذي يحاكمه على تهم تتراوح بين الفساد وقتل المتظاهرين، بينما تتسع في المقابل لـ13 مرشحا يراود كل منهم الأمل في قيادة جمهورية جديدة لمصر الثورة.
وبمتابعة السباق الانتخابي المحتدم في مصر يبدو أن الفرصة الحقيقية تنعقد لخمسة من المرشحين مع تفاوت حظوظهم، بينما يبدو أن الثمانية الآخرين بعيدون عن المنافسة.
فوفقا لعدة مؤشرات في مقدمتها الشارع إضافة إلى استطلاعات الرأي ونتيجة تصويت المصريين في الخارج، تبدو المنافسة محصورة بين مرشح حزب الحرية والعدالة -المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين- محمد مرسي، والقيادي السابق بالجماعة عبد المنعم أبو الفتوح، والناصري المخضرم حمدين صباحي.
كما تضم دائرة المنافسة اثنين من المحسوبين على نظام مبارك وهما عمرو موسى الذي كان وزيرا للخارجية قبل أن يتولى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وأحمد شفيق الذي عمل وزيرا للطيران ثم رئيسا لآخر حكومات مبارك.
ورغم استفادة مرسي من المؤيدين لفكر الإخوان والمتعاطفين معه إضافة إلى الماكينة الانتخابية الهائلة للجماعة، فإنه يلقى منافسة شديدة من جانب أبو الفتوح الذي تم فصله بعدما أصر على الترشح للرئاسة مخالفا قرار الجماعة في أعقاب تنحي مبارك بعدم ترشيح أحد أعضائها.
واستطاع أبو الفتوح لفترة طويلة تصدر السباق الرئاسي بفضل جمعه بين تأييد تيارات ليبرالية وثورية، إضافة إلى حزب النور السلفي الذي يحتل ربع مقاعد مجلس الشعب تقريبا، لكنه تأثر سلبا في الأيام الأخيرة بالصعود النسبي لكل من مرسي وصباحي.
وبدوره فإن صباحي الصحفي المحسوب على التيار الناصري والذي يرفع شعارات قريبة من الثورة ومن الفئات المهمشة على حد سواء، كان يعاني نقصا في شعبيته على المستوى العام، إلا أنه في الأيام القليلة الأخيرة أظهر تقدما واضحا، خصوصا بعد دعمه من جانب شخصيات نخبوية في مجالات السياسة والإعلام والفن.
أما عمرو موسى فلم يفقد مكانه بين أبرز المرشحين طوال الأشهر الماضية بفضل ما تركز عليه حملته من أنه الأقرب إلى مواصفات رجل الدولة بفضل عمله وزيرا للخارجية على مدى عشر سنوات ثم أمينا للجامعة العربية لفترة مماثلة.
ويسعى موسى جاهدا لإبعاد نفسه من دائرة فلول النظام السابق، مؤكدا معارضته لمبارك من داخل النظام، وعندما يسعى خصومه لإبراز تصريحات سابقة له بأنه سيؤيد مبارك في انتخابات الرئاسة، يقول إن ذلك كان بفرض أن الاختيار بين مبارك ونجله جمال.
أما آخر الخمسة فهو شفيق الذي أثار جدلا بترشحه ثم باستبعاده ثم بعودته إلى قائمة المرشحين، رغم أن قانون العزل السياسي لفلول نظام مبارك الذي أصدره البرلمان ينطبق عليه، كما أن قوى الثورة بمصر تعتبر ترشحه نوعا من التحدي للثورة، وتؤكد أنها ستشعل ثورة ثانية لو نجح في تحقيق الفوز.
وشهدت الأيام الماضية صعودا لأسهم شفيق -على الأقل- على مستوى الإعلام المحلي الذي نشر عدة استطلاعات تشير إلى تقدمه، وهو ما يراه خصومه نوعا من المساندة من بقايا نظام مبارك، وهي ما زالت كثيرة، في حين يرجع محللون هذا الصعود إلى أن الأوضاع الصعبة التي عاشها المصريون في الفترة الانتقالية ربما دفعت بعضهم إلى القبول بمن يعتقدون بأنه يمكن أن يعيد لهم صورة الحاكم الفرعون الذي اعتادوا عليه ولم يألفوا غيره إلا قليلا.