[COLOR=red]كتب .الدكتور عثمان العامر " صحيفة عين حائل الاخبارية " [/COLOR]
نُشر في إحدى الصحف الورقية في غضون الأيام القليلة الماضية إعلاناً صغيراً ولكنه خطير.. فحواه (حاجة شركة كبرى لمقاولين من الباطن في عدد من مناطق المملكة…) وهي بالطبع المناطق المصنفة في قاموس الاقتصاديين ورجال الأعمال السعوديين).. الأقل حظاً في مسارنا التنموي!!)، والكل منا – بلا استثناء – يعلم الآثار السلبية المترتبة على هذا العمل الذي صار – وللأسف الشديد – عرفاً سائداً وسلوكاً شائعاً لدى كثير من الشركات المصنفة، وطبعاً في النهاية.. المواطن أياً كان طالباً في مدرسة أو مريضاً يحتاج إلى سرير أو فقيراً يتطلع إلى سكن في مشروع خيري أو.. هو من سيدفع الثمن،فضلاً عن الهدر المالي المترتب عن تعطيل المشاريع وتعثرها أو حاجتها للصيانة قبل اكتمالها أو حتى الانتهاء منها بصورة عرجاء تختلف عن كراسة المواصفات الموقع عليها بين الطرفين حين العقد.
لقد رأينا كثيراً من مشاريعنا المفصلية في عدد من مناطق المملكة تموت وهي واقفة – كما يقال -،وتصبح حلماً بعيد المنال بعد أن كان المواطن قاب قوسين أو أدنى من الاستفادة منها بسبب المقاول السعودي المصفد بالمناطقية الضيقة المهوس بالماديات حتى النخاع وحاله كالنار يوم الدين (هل من مزيد).
إن الزائر لمدينة كحائل مثلاً يلحظ أثر المٌبطنّون على واقع المشاريع الحكومية خاصة سواء المنفذ منها أو المتعثر،، وجزماً سيسمع القصص والحكايات المأساوية على كل لسان، وربما صادف أن قابل أحد الأعيان فروى لها التاريخ التفصيلي لمشروع ما منذ ترسيته حتى وصل إلى يد خان الباكستاني أو عبده اليمني أو أبو علي المصري الذي جاء إلى المملكة قبل عشر سنوات وهو لا يعلم شيئاً.. عمل نجاراً، ثم حداداً وإذا به بين عشية وضحاها يصبح مقاولاً له اسمه في السوق،، يجمع حوله أخوته وأبناء عمومته وأهل قريته ويبرم العقود ويفاوض في الصفقات والشاب السعودي “ الكفيل” الذي حصل على الترخيص واستخرج الفيز وباع التأشيرات حضه مبلغاً من المال على رأس كل شهر ولذا فهو يهتم بالكم لا بالكيف، إذ كلما زاد عدد العمال كثر الدخل،، حتى صرنا نسمع عن صغار عاطلين يصل دخل الواحد منهم إلى 100000 مائة ألف ريال سعودي أو يزيد،وهو لا يحسن كتابة اسمه المدون على اللوحات والمحلات وسيارات العمال وللأسف الشديد!!.
إن قطاع المقاولات في هذه المناطق البعيدة عن الإيقاع التنموي السريع يعج بالفوضى غير الخلاقة، وهو بيد الأجنبي غالباً،ومشاريعنا التنموية المفصلية ينفذ البعض منها بصورة عرجاء،والمكاتب الاستشارية التي تقوم بالإشراف والمتابعة ضعيفة الأداء،،وغالبية المهندسين فيها حديثوا عهد بالتخرج والخبرة لديهم تفقدهم القدرة على لعب دور المستشار، والإدارات الهندسية في مؤسساتنا الحكومية ليست على المستوى المأمول جراء ضعف الكادر الهندسي السعودي الذي لا يغري مقارنة بالقطاع الخاص، ولذا لا عجب من التأخر أو التوقف أو الانتهاء من المشروع بصورة غير مرضية ولكنه الخلاص في النهاية والهروب من الرجوع إلى المربع الأول بعد سحب المشروع.
هذه بإيجاز حكايتنا مع المقاول المتنفذ والذي تٌسند له مهمة بناء أو تخطيط أو رصف أو تأسيس مشاريع طويلة المدى وذات أثر على حياة واستقرار المواطنين الأحياء منهم ومن هم في الأرحام، ويعلم الله أن الألسنة لتدعوا لمقاولين نفذوا مشاريع مفصلية قبل زمن وما زالت ذات فاعلية وعطاء، وفي المقابل يدعون على مقاولين أحياء رٌسيت عليهم مشاريع ونفذت بالباطن بصورة مزرية عرجاء!!.
ويبقى السؤال..أين هي “نزاهة” وديوان المراقبة والجهات ذات العلاقة،، وقنوات المتابعة والمسألة عن هؤلاء الوسطاء الذين تميزوا بالتصنيف ورسيت عليهم مشاريع أكثر بكثير من إمكانياتهم وقدراتهم فكان منهم هذا السلوك المشين ؟؟و متى ننتهي من أحداث هذا المسلسل المعيق للتنمية والذي كان من المفترض أن يكون هو من يصنع التنمية خاصة حين نكون أمام مشروع حيوي هام كالمستشفيات سواء التابع منها لوزارة الصحة أو الجامعات والطرق والمدارس والمطارات، دمتم بخير وحفظ الله الدار وإلى لقاء والسلام.