المعلمات المصابات في الحادث، تحدثن والألم يعتصرهن على فراق زميلتهن وإصابة الأخريات فيما انخرط والد المعلمة المتوفاة نوال الحازمي مع أخيها وزوجها في بكاء شديد ولم يستطيعوا التحدث
ويلاحظ تلقي المعلمة جميلة الأحمدي العلاج في سريرها من آثار جروح ورضوض المت بها وبالكاد تحدثت قائلة عن الحادث: «كنا في السيارة خمس معلمات متوجهات إلى المدرسة الابتدائية الأولى في العرائض مقر عملنا وتحركنا من المدينة المنورة من الساعة الرابعة فجرًا مستودعين الله أبنائنا وأطفالنا الرضع. وفي السيارة لم يكن شيء غير معتاد، حيث تجاذبنا أطراف الحديث الذي نكرره يوميًا ونتلوه على أسماع بعضنا بعد إذكار الصباح وهي أن يكتب الله لنا أن نستقر بين أولادنا ويحقق لنا أمنية الانتقال عبر حركة النقل التي تتكرر دون أن يكون لنا فيها نصيب، حيث كانت أمنية زميلتنا المعلمة نوال الحازمي أن يكون اسمها ضمن الحركة القادمة وكان رجاؤها هذه المرة أن تكون لها الأولوية لما قضته من خدمة متميزة في صرح التعليم ولكن القدر سبق أمنيتها واختارها من بيننا لتكون إن شاء الله في جنات الخلد تنعم بالفردوس الأعلى من الجنة».
وتكمل الأحمدي بأنفاس متعبة وصوت يعلوه الحزن ودموع هي الشاهد على ما أصابها وزميلاتها من ضر: «غفوت بالسيارة وصحوت على صوت زميلتي تسألني كم من الوقت يتبقى على وصولنا وبين نظري إلى ساعتي والتفاتتي إليها سمعت صوت ارتطام ودوران للسيارة وصوت من تصرخ ومن تنطق بالشهادة من زميلاتي وقتها غبت عن الوعي ولم أشعر بنفسي إلا وأنا محاطة بالممرضات والأبر معلقة في يدي.
وقطع الحديث أخيها محمد وصل الله الأحمدي الذي كان يتحدث ولازال صوته يرتعد من هول الفاجعة وقال: «نحمد الله أن سلم أختي وزميلاتها وأن يرحم الله المعلمة نوال الحازمي ويلهم أهلها الصبر والسلوان وهذا قضاء الله وقدره ولكن إلى متى والأسباب تتسلط على المعلمات وترمي في طريقهن الموت».
وأشار إلى أن نقل المعلمات أصبح أمنية لكل من جاء تعينها في بقاع شتى من المناطق النائية وأصبحت حوادث المعلمات تتكرر ودمائهن تنزف على الطريق دون توقف فتمضي المعلمة سنوات في مناطق نائية دون أن تتمكن من النقل إلا بعد جهد جهيد وفي النهاية يكون تقريبها إلى مسافة لا تكاد تذكر من المسافة الحقيقية التي تشد إليها الرحال كل سواد ليل.
وحمل الأحمدي مسؤولية الحوادث المتكررة لوزارة التربية والتعليم التي لم تتخذ الإجراءات المناسبة في عملية التعيين ونقل المعلمات عبر آلية عادلة ومقننة وتشاركها وزارة النقل في عدم تنظيمها آلية نقل المركبات، إضاقة إلى الطرق الغير آمنة.
ومن السرير الآخر جاء نداء المعلمة دولت سليمان الحربي أصابها بكاء شديد وقالت: «أرجوك أكتبي معاناتنا وصوري حالتي وأنقليها لأمير المدينة.. أنا من مكة المكرمة وجاء تعيني على قطاع خيبر مدة 3 سنوات وكل يوم أتكبد معاناة شديدة وقبل أن يبزغ الفجر استعد لرحلة المعاناة. وقبل خروجي أحضن أطفالي وهم نيام عبدالحكيم ورتاج وبنان طفلتي الرضيعة التي يعتصر قلبي وأنا أضمها على صدري خشية ألا أعود وأشاهدها مرة أخرى».
وأكدت الحربي أن لديها الرغبة في ترك العمل لتتخلص من معاناة المناطق النائية ولكن حاجتها للعمل تجبرها ان تنحني للظروف وتكابد مشقة الترحال وعذاب الطريق.
وفي أثناء الحديث دخل خالها أبو رائد والدموع تقطر من عينيه وفي يده الجوال وصوته يؤكد لمن يحدثه أن دولت بخير حتى ناولها الجوال وكلمت والدتها وطمأنت أخواتها أنها بخير.
وفتح أبو رائد جواله واطلعها على صور الحادث التي بدت في منتهى البشاعة وقال: «هكذا نخرج بناتنا من بين الحطام»، مؤكدًا أن حوادث المعلمات تعكس صورة محزنة لمعاناة تتكرر ووفيات للمعلمات تزداد بسبب الطرق الغير معبدة في المناطق النائية التي يعين فيها المعلمات ويقطعن مسافات طويلة في ظل وسائل نقل غير آمنة لا تحكمها ضوابط وزارة النقل في قصور واضح، إضافة لعدم الاهتمام بكبار السن من السائقين الذين يفقدون القدرة على التركيز في المسافات البعيدة لاسيما في الليل.
وأشار إلى أن ملف حوادث المعلمات أصبح من القضايا المقلقة التي تقض مضاجع الأهالي وهو ما يحتم على وزارة التربية والتعليم إعادة النظر في طريقة التعيين للحد من الحوادث بإثبات إقامة المعلمة وتعيين كل معلمة في منطقتها لأن الملاحظ أن معلمة مكة تعين في المدينة ومعلمة المدينة تعين في مكة لذلك لابد قبل بداية العام الدراسي أن يفتح باب تبادل للنقل للراغبات في ذلك لتستقر كل معلمة في منطقتها أو إنشاء إسكان خاص بمعلمات المناطق النائية تحت إشراف ومتابعة من مراكز الشرطة وإمارات المناطق
أما المعلمتان عبير المغامسي وحنان مرعشي في العناية المركزة.
1 ping