الحمد لله الذي أعزنا بدين الله وجعل هذا البلد الأمين من حملة دينه وحماته ،وقد قضى جل جلاله قضاءاً محكماً ومبرماً : أن الله يدافع عن الذين آمنوا ، وبيّن الله لنا أن أعداءنا مهما عملوا فإنهم : لن يضروكم إلا أذى ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا محمد بن عبدالله ، أما بعد:
فإنه لا يشك عاقل أبدا بمدى عداوة الخوارج الغلاة لبلدنا السعودية بالذات ، والتي تمثلت وتصورت بتركيز غدرهم وتفجيراتهم في السعودية من دون بلاد العالم واستهداف مصالحها ومحاولة زعزعة أمنها واستقرارها وبث الشائعات وتحريك الفتن وقتل الانفس المعصومة . ومنبع هذه العداوة ومصدرها كون المملكة العربية السعودية هي البلد الوحيد الذي يحكم شرع الله وينشر سنته ويحمي الحرمين ويساند قضايا المسلمين العادلة رسميا وأكبر بلد يدعم فقراء العالم.
ومن آخر محاولات هؤلاء الغلاة الدواعش قيامهم باستهداف رجال حرس الحدود الشمالية ، ولنا مع هذه الحادثة وقفات لابد منها:
الوقفة الأولى:
أن هذا البلد الامين الذي ارتضى شرع الله حكما وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم منهاجا وطريقا لا يمكن أن يخذله الله ، أو تؤثر فيه الزوابع والفتن ، وقد مرت عليه من الفتن والعداوات أكبر من عداوة الخوارج ؛فنجاه الله منها وحماه الله وثبّت قلوب أبنائه وولاته ، فخرجوا بعد كل مشكلة وزوبعة تمر بالعالم وهم أقوى جناحا وأحسن حالا ، وهذا لأنهم حفظوا حق الله بتوحيده فحفظهم الله ، والجزاء من جنس العمل ، ثم إن هذه الدولة السعودية وفقها الله لا يمكن أن تعتدي على احد أو تتدخل في شؤون أحد أو تظلم أحدا
أو تبغي على احد أو تغدر بدولة أو تنقض عهدا وميثاقا ، وهذا أحد مميزاتها وأسس الحكم فيها وقد تكفل الله بمن عمل بذلك بالنصر والتأييد والتمكين.
الوقفة الثانية:
أن هذه الحادثة الإجرامية التي جمعت في ثناياها : الغدر والخسة ونقض العهد وسفك الدم الحرام وترويع الآمنين ، أثمرت عن تلاحم المجتمع قيادة وشعبا وزادت من قوته ، وكشفت بشكل واضح حقيقة هؤلاء الغلاة لكل منصف ، وبيّنت بعدهم الكبير عن سماحة الإسلام وعقيدته ومخالفتهم شريعة الله في الاعتقاد والعمل والسلوك.
فإن كان الله قد اختار هؤلاء الجنود الثلاثة شهداء لحمايتهم بلد التوحيد والسنة ، فإنّ الشعب كله جنود ضد أعداء الوطن والملة ، وقد أبهج النفس ردة الفعل الإيجابية من كافة المواطنين الذين استنكروا هذه الجريمة وأبدوا استعدادهم ووقوفهم الثابت والقوي ضد من يريد المساس بأمن الوطن.
الوقفة الثالثة:
بشارة لجنود الوطن المرابطين على ثغور هذا البلد الامين ، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : عينان لا تمسهما النار ، عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله ، وبينت النصوص الشرعية فضل الرباط والمرابطة ، بما يجعل كل مسلم يتمنى ان يكون بينكم مرابطا يحمي دينه وبلده وشعبه ، فياله من فضل عظيم ، ثم إن نبينا صلى الله عليه وسلم بيّن أن هؤلاء الخوارج الدواعش هم شر قتلى تحت أديم السماء ، وأن خير الناس من جاهدهم وقتلهم أو تسببوا بقتله ، وقد سجد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب شكرا لله لما مكّنه الله من قتلهم في معركة النهروان . فهنيئا لكم أجر المرابطة وحراسة الحدود ، وجعل الله ذلك رفعة لكم في الدارين.
الوقفة الرابعة:
تذكيرا للمؤمنين الذين تنفعهم الذكرى ووصاة للمواطنين وتأكيدا لما سبق ، أن يعتصموا بحبل الله جميعا ولايتفرقوا ، وأن يبتعدوا عن كل مايفرق الجماعة ويخل بأمنها ، وأن يشكروا نعمة التوحيد والامن والاستقرار ورغد العيش الذي أنعمه الله عليهم ، وأن يعضّوا بالنواجذ عليها ، فبذلك لايمكن لأي عدو مهما كان أن يفتت وحدتنا أو يطمع فينا طامع.
والله أسأل أن يوفق ولاتنا وامراءنا وأن يكبت عدونا وحاسدنا ، وأن يكفينا شر الأشرار وكيد الفجار ، وأن يتم علينا النعمة ويوزعنا شكرها.
كتبه:
عمر بن علي الحماد
المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة حائل