[COLOR=red]حمود اللحيدان " صحيفة عين حائل " [/COLOR]
تتحول موائد العزاء عند البعض إلى ساحة للتنافس على المفاطيح، ومن يولم أكثر، ويصبح العزاء ميداناً للمفاخرة.
فقد تم رصد بعض الآراء التي اتفقت على ضرورة أن يكون واجب العزاء متوسطاً بلا إفراط أو تفريط فيما ذهبت آراء أخرى على جعل العزاء في مسجد الحي، وتقنينه وضبطه لإغلاق باب المباهاة.
العزاء تلك المناسبة الحزينة التي تجمع أكبر قدر من الناس ولمدة ثلاثة أيام في بيت المتوفى، صحيح أن فيها من المشاركة الإنسانية والوجدانية والتعاطف الشيء الكثير إلا أنها لا تخلو من كثير من المخالفات والسلبيات والإسراف وأمور أخرى كما نسمع في بعض من المناطق أنها تستأجر الاستراحات لأجل العزاء وتقدم أنواع الأكلات والحلى والمشروبات والسهر لأوقات متأخرة، ولعلنا هنا نأخذ شيئا بسيطا من أقوال شرائح مختلفة من المجتمع ومن المشائخ.. فماذا قالوا
عن ذلك يقول الشيخ عيد بن محمد الرميح رئيس لجنة إصلاح ذات البين بمدينة جبة: هناك عادات دخيلة على مجتمعنا بالغ فيها كثير من الناس إلى حد كبير حتى وصل الأمر إلى وضع مخيمات وصواوين وما يصاحب ذلك من ولائم وتعطيل للقيام بالوظائف، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة تزداد شيئاً فشيئا حتى تصل إلى ما وصلت إليه في بعض بلدان المسلمين فبعضهم يقيم العزاء لمدة شهر.
وأكد الشيخ عيد الرميح أن العزاء في كثير من المناطق فيه مخالفات كثيرة نص عليها العلماء ومنها اجتماع الناس على الطعام والمبالغة فيه بذبائح وما يصحب ذلك من المفاخرة في كثرة المعزين، وقال: هذا مخالف للسنة وفتح أبوابا للبدعة. يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في كتاب فتاوى الجنائز صفحة 277 إن أهل الميت إذا شغلوا عن إصلاح الطعام،فإنه يسن لمن علم أن يبعث إليهم بطعام لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين جاء نعي جعفر بن أبي طالب: اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم، وهذا إشارة إلى أن ذلك ليس مستحبا على سبيل الإطلاق، لكنه مستحب إذا كان أهل الميت قد انشغلوا عن إصلاح الطعام، أما إذا كان الأمر طبيعيا كما هو المعروف في عهدنا الآن فإنه لا يسن أن يبعث إليهم بطعام.
ولفت رئيس لجنة إصلاح ذات البين أن الإسراف في ولائم العزاء له أضرار كثيرة ومنها: إحراج الأقارب بصنع الطعام. وترك الوظيفة من أهل الميت وأقاربه، بل وصل الأمر ببعض الناس أنهم يلومون الذي لم يعزهم ويأخذون عليه بخواطرهم كأنه مرتكب لمحرم من المحرمات، بل إني رأيت بعض الناس قد أحضروا سجلاً يكتبون فيها من جاءهم للتعزية.
من جهته قال سعود بن عبدالله الرومي مدير عام المهرجان الوطني للتراث والثقافة: إن البعض هداهم الله وكأنهم في حفل أو فرح بإقامة الولائم والتسابق كل يطلب بأن يولم إما بالغداء أو العشاء وتنصب الموائد وتحضر المطاعم وكذلك ما يتبعها من الشاي والقهوة وينشغل أهل الميت وقد يأخذ بهم الإرهاق مأخذه، ولو صرفت هذه الأموال في أوجه الخير بنية الصدقة عن الميت لناله الأجر والثواب بإذن الله، كذلك ما يتم الإعلان عنه والتعزية وملء الصفحات فربما لو وضعت في موقعها الصحيح لكان ذلك أنفع وأبقى.
ورأى الرومي أن يكون العزاء في أقرب مسجد لأهل المتوفي خاصة أن أغلب المساجد فيها مساحات كبيرة ومهيئة، واقترح أيضاً أن يقوم أقارب المتوفي باستئجار استراحة لإقامة العزاء فيها بدون تكلف وتحديد الوقت من بعد صلاة العصر إلى صلاة العشاء.
أما عدي بن سعيد الهمزاني عضو المجلس البلدي بمنطقة حائل وعضو في الجمعية الخيرية وجامعة حائل فيوضح أن الدين أمر بكل ما يؤدي إلى الأخوة والتكاتف والتعاون وأداء واجب العزاء أحدها، ولكن برفق وبدون إسراف من ذوي القربى لأن هناك أسرا تتزاحم على الجمعيات الخيرية للحصول على لقمة أكل، وأكد أن الواجب علينا توعية الناس والحرص على عدم الإسراف واستشعار النعم العظيمة من الله.
وتحدث خالد عبداللطيف المثقال وهو معلم وأمام مسجد قائلا: علينا أن نعود لفتوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله حين سئل ما حكم البذخ والإسراف في العزاء حيث يتكلف أهل الميت بإقامة الولائم للمعزين وهناك عادة جرت مثل اليوم الثالث واليوم الثامن، والأربعين بالنسبة للمعزين؟ حيث أجاب – رحمه الله -: هذا لا أصل له، بل هو بدعة ومنكر ومن أمر الجاهلية، فلا يجوز للمعزين أن يقيموا الولائم للميت لا في اليوم الأول ولا في الثالث ولا في الرابع ولا في الأربعين أو غير ذلك، هذه كلها بدعة، وعادة جاهلية لا وجه لها، بل عليهم أن يحمدوا الله ويصبروا ويشكروه سبحانه وتعالى على ما قدر، ويسألوه سبحانه أن يصبرهم وأن يعينهم على تحمل المصيبة ولكن لا يصنعون للناس طعاما.
على السياق ذاته أيد عدد من المواطنين
بشكل قاطع أهمية تحديد وقت العزاء وتقليل الأسراف في الولائم.
في المقابل نجد رأياً مخالفاً لما سبق، وأكد على ضرورة استمرار هذا الأسلوب في الولائم، بل وتمنى ألا ينقطع، ولكن إذا عُرف السبب بطل العجب فهو صاحب مطبخ وإعداد ولائم.