[ALIGN=CENTER][COLOR=red] وجدتها ... وجدتها !!! [/COLOR]
لا أعفي الغرب من محاولة افساد أخلاقنا كما يدعي الكثيرون في عالمنا حتى ظننا أن الغرب هو وحده المسؤول عن كل أوجه الفساد والإفساد في مجتمعاتنا ولكن مع ظهور الفضائيات والتقنيات الحديثة من جوال وانترنت وغيرها ظهرت أمامي حقيقة أننا لسنا أقل شرا من الغرب في إفساد أنفسنا وأخلاق أجيالنا.
وبنظرة بسيطة للقنوات الفضائية العربية وما تتضمنه من برامج نجد أن التعري والمعاكسات ورسائل الغرام وهز الوسط وإظهار اللحوم والشحوم هي مصادر جذب المشاهدين من قبل ملاك هذه القنوات ولا أظنها قادمة من الغرب أو مصنوعة فيه بل هي من صنع أنفسنا. ولولا إدراك هؤلاء الملاك بأنهم سيجدون الزبائن لقنواتهم لما أقدموا على التسابق في افتتاح المزيد منها. أما الجوال والانترنت فتحكي قصصا أخرى تشيب منها الرؤوس عن التركيبة التربوية البائسة للكثيرين ، حيث الصور الدامية والكلام البذيء والصور الخالعة والممارسات السلوكية المقززة.
يجب أن نعترف بمسؤوليتنا عن ما يجري ولا ينبغي أن نكتفي برمي المسؤولية على الآخر. فالواضح أن هناك اختلالات كبرى في العملية التربوية لدينا جعلت من بعض أبنائنا وبناتنا يظهرون الالتزام في الظاهر ويبطنون الفساد والانحلال في الباطن. وبمجرد أن تحين الفرصة لغياب عين الرقيب تظهر حقيقة تكوينهم الأخلاقي والمعرفي الهش من خلال البذاءة في القول والانحراف في السلوك والانقياد الساذج وراء عناصر الفساد والإفساد.
الإلتزام الحقيقي يكمن في الشخصية التي رغم كل المغريات التي تحيط بها إلا أنها تتمسك بمبادئها الدينية والأخلاقية. وهذه الشخصية الملتزمة لا يمكن بناؤها بالقمع والتخويف والإكراه والإخضاع ولكنها تتشكل حين نتعامل معها عبر الإقناع والحوار والمجادلة بالتي هي أحسن. فالالتزام الشكلي الناجم عن الخوف سرعان ما يتلاشى إذا ما غابت عين الرقيب أما الالتزام الحقيقي بالمباديء والقيم والناجم عن الاقناع والحوار فيبقى راسخا مهما بلغت درجة الأمواج العاتية المحيطة بالفرد والتي تستهدف النيل من مبادئه وقيمه وأخلاقه.
التربية عن طريق الإكراه والتهديد والوعيد هي المسؤولة في ظني عن هشاشة البنية الأخلاقية لدى كثيرمن شبابنا وشاباتنا. كما أن انحسار دور القدوة في المجتمع ساهم هو الآخر في تنامي تلك الهشاشة في التكوين التربوي والأخلاقي لأجيالنا المعاصرة. كذلك ساهم الدور المحدود للوالدين في العملية التربوية للأبناء ورمي هذه المسؤولية الجسيمة على كاهل الخادمات والسائقين الوافدين في تشكل نماذج مشوهة تربويا.
لقد ظللنا ردحا من الزمن نلقي باللائمة على الغرب في فساد أخلاقنا لكننا للأسف لم نسأل أنفسنا يوما عن مسؤوليتنا نحن فيما يجري. كنا نظن أننا ملائكة تمشي على الأرض وأن أساليبنا التربوية لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها فإذا بنا اليوم نكتشف أن الخلل لا يقتصر على محاولات الأعداء كما يدعي البعض في افساد أخلاقنا وإنما يمتد إلى ذواتنا التي لا تخلو من فساد وجاهزية للإفساد.
علينا أن نتنازل عن كبريائنا لنبحث في مكامن الخلل في أساليبنا التربوية والتي لا أشك في مسؤوليتها عن التكوين الأخلاقي والتربوي الهش لأبنائنا وبناتنا. فأساليب الترهيب والقمع والإكراه والإخضاع والإجبار والعنف التي تمارسها مؤسساتنا التربوية في تنشئة أطفالنا لن تنجب لنا سوى نماذج ملتزمة مظهريا نتيجة الخوف لكنها سرعان ما تتمرد على كل المباديء والقيم وتمارس أشنع التصرفات وأبشع الإنحرافات بمجرد أن تأمن من مصادر الخوف المحيطة بها.
دعونا نتخذ من الحوار وسيلة لتنشئة أبنائنا وبناتنا وأنا متأكد من أن هذا النهج التربوي سوف يقلل من الممارسات القولية والفعلية السيئة التي تصدر عن كثير منهم والتي تعبر بالضرورة عن حالة من التمرد والعصيان على ممارساتنا التربوية القمعية بحقهم ... هذا وللجميع أطيب تحياتي.[/ALIGN]
[COLOR=blue]
الدكتور/ عبد الله محمد الفوزان
" صحيفة عين حائل الاخبارية " [/COLOR]