[ALIGN=CENTER][COLOR=red]بين مهرجان الجنادرية والإرهاب ؟؟؟؟ [/COLOR]
يقول ابني متعب وهو في الصف الثالث ثانوي أن معلم المواد الدينية دخل عليهم ذات يوم وكان مهرجان الجنادرية قائما في ذلك الوقت فسألهم هذا المعلم: أين قضيتم عطلة نهاية الأسبوع فأجابوه بأنهم ذهبوا إلى مهرجان الجنادرية فما كان منه إلا أن قال لهم بالحرف الواحد ( الله المستعان: إخوانكم يذهبون للجهاد وأنتم تذهبون إلى مهرجان الجنادرية ).
يقول ابني من حسن الحظ أن ظهر من بيننا أحد الطلاب الأذكياء ففاجأ المعلم بما لم يتوقعه حين قال له ( قبل أن تطلب منا نحن أن نذهب من أجل الجهاد لماذا لم تذهب أنت؟ ). وهنا تلعثم المعلم – يقول ابني - وأخذ يتمتم بما لا نستطيع فهمه ثم غير الموضوع.
ونفس الشيء حدث مع أحد طلابي في الجامعة حين غاب فترة من الزمن عن حضور المحاضرات ثم عاد وتبين أنه ينتمي لمجموعة متشددة وتم إلقاء القبض على أفرادها من قبل الجهات الأمنية ومن بينهم هذا الطالب ثم أطلق سراحهم أخيرا. فقد زارني هذا الطالب في مكتبي وسألته مجموعة من الأسئلة: قلت له يا ابني لماذا شيخكم الذي يحرضكم على الجهاد لم يكن هو المثل والقدوة لغيره فيكون هو أول من يذهب إلى هناك؟ لماذا رضي لنفسه أن يكون من القواعد بينما يضعكم أنتم في هوة المدفع ويحثكم على الذهاب إلى هناك لتكونوا حطبا لحرب خاسرة وليس لها راية؟.
استرسلت في طرح أسئلتي على هذا الطالب وقلت: هل لشيخكم أبناء؟ قال: نعم عنده ولد واحد. قلت أين هو الآن؟ قال إنه يدرس الماجستير في بريطانيا. قلت سبحان الله ولده يدرس الماجستير في بريطانيا بينما أنتم يريد أن يزج بكم – يا أولاد الناس – في أتون حرب تذهبون ضحايا لها. ألم تسأل نفسك: لماذا بعث شيخك ابنه لدراسة الماجستير في بريطانيا بينما يبعثكم أنتم إلى الجهاد لتكونوا حطبا لحرب خاسرة؟ أين عقولكم من مثل هذه التناقضات في كلامه وتصرفاته؟ لماذا لا يكون هو أو ولده هم أول من يذهب إلى هناك قبل أن يأمركم أنتم بالتضحية بأنفسكم من أجل حرب خاسرة؟ أجابني والدهشة على محياه قائلا: صدقني لم نكن نفكر بهذه الطريقة ولم نكن نسأل أنفسنا هذه الأسئلة. كنا نحسن الظن بشيخنا ونظن أنه يريد الخير بنا أما عقولنا فكانت معطلة عن التفكير بمثل هذه الأسئلة المنطقية. شكرني هذا الطالب وأكمل تعليمه الجامعي والتحق بالعمل الوظيفي ثم تزوج وعاد مواطنا صالحا يخدم دينه ومجتمعه ووطنه وأسأل الله له ولجميع أبناء هذا الوطن التوفيق والسداد.
ما ورد أعلاه يطرح أمامنا قضيتين رئيسيتين في غاية الأهمية: الأولى: هي قضية المنهج الخفي في مدارسنا وخطورة مثل هذه المنهج على طلابنا. والقضية الثانية هي السذاجة الفكرية لدى كثير من أولادنا وعدم القدرة على التساؤل وإدراك التناقضات في كلام الآخرين وتصرفاتهم والثقة العمياء بما يقولون.
المنهج الخفي في مدارسنا هو السبيل الذي ينفذ من خلاله أصحاب الفكر المنحرف والمتشدد إلى عقول أبنائنا وبناتنا فيحولونهم إلى كوادر تنخرط في جماعات التشدد والتكفير في غفلة من إدارة المدرسة ومن أسرة الطالب أو الطالبة. وهذا يتطلب من الجهات المعنية التنبه إليه ووضعه تحت مجهر المراقبة حتى لا تصبح مدارسنا معاول هدم لعقول أبنائنا وبناتنا ومن ثم معاول هدم لمكتسبات الوطن وسمعته. كما يتطلب إعادة النظر في طرق اختيار المعلم والمعلمة حتى نضمن سلامتهم الفكرية والنفسية من الملوثات التي يذهب أولادنا وبناتنا ضحايا لها في نهاية المطاف.
والسذاجة الفكرية لدى كثير من أبنائنا وبناتنا وعدم القدرة على التساؤل وإدراك التناقضات في كلام الآخرين وتصرفاتهم والثقة العمياء بما يقولون هي التي تجعل منهم أدوات طيعة في أيادي أصحاب الأفكار المنحرفة والمتشددة. وهذا يجعل من الأهمية بمكان محاورة الأبناء من قبل الوالدين والتقرب منهم ومعرفة ما يدور في أذهانهم من أفكار والتنبه إلى طبيعة الأشخاص الذين يتفاعلون معهم وأعني بذلك الصحبة والرفاق. كما يجعل من الأهمية بمكان إقرار الحوار في مدارسنا ودعم هذا النهج في كافة المواد وعدم الركون إلى مجرد التلقين الذي يعني أول ما يعني إلغاء دور العقل وتعطيله وهو ما يجد فيه أصحاب الأفكار المنحرفة فرصة ثمينة لاصطياد أولادنا وبناتنا وإدخالهم في دائرة الغلو والتشدد والانحراف الفكري من ارشيف الدكتور عبدالله الفوزان.[/ALIGN]
[COLOR=blue]الدكتور /عبدالله محمد الفوزان
" صحيفة عين حائل الاخبارية "[/COLOR]