[COLOR=#E54D2C]" أهل العسل .. وملح الحياة "
[/COLOR]
هذه الأيام والأيام القادمة سيتوافد العرسان بعد قضاء أيام عُرسهم أو أيام " عسلهم " كما يصِفُون .. يعودون بعد أن عاشوا اياماً أشبه بالحلم .. بل عاشوا كل لحظة فيها كما يعيش أصحاب قصص العشق الأسطورية بين حوارات هادئة .. وكلمات لطيفة .. وعبارات تُسقط الجمل قبل الحمل .. في الليل لا تسمع منهم إلا همساً ، وبنهارهم يغدون كالطيور المهاجرة يروحون خماصاً ويعودون بطاناً .. ضحكاتهم تملأ الآفاق وتغريداتهم كالبلابل العاشقة ، لا يمل منها ولا تمل منه .. يسامحها إن أخطأت .. تغفر له إن قصر .. يعتذر إن جرَح .. وتقبّل الرأس إن غضب .. لا يعرف إلا " هيَ " ولا تعرف إلا " هوَ " قد يتخيلون أنفسهم في لحظات أُنسهم أن القيامة قامت وهذه جنة ربهم !؟
يستيقظون على طبيعة تخطف الأبصار .. تأتيهم أطايب الأطعمة وهم على سررهم .. يشربون الماء بكؤوس الحُب ، ويُحلُّون بأواني العشق ، ويغتسلون بماء الورد !؟
ينتهي اليوم قبل أن يرتد الى أحدهم طرفَه .. لا لوم عليهم فقد شربوا خمر العشاق فلا يعرفون الصباح من المساء ولا المساء من الصباح !؟
وهكذا تمضي الأيام بهم سِراعاً .. وفجأة .. يستيقظ الحبيبان على صوت المذيع الداخلي لمطار بلدهم معلناً انتهاء رحلة العمر الأولى .. انتهاء رحلة التنازلات .. رحلة الحُب .. رحلة العسل !!
تقلع الطائرة .. فيسلمان أنفسهما على كرسي الطائرة لنوم عميق ، وإن جزعت عينا أحدهما بدأ شريط الذكريات يسترجع تلك الأيام ليلتفت الحبيب إلى حبيبه ويطلق آهات وزفرات تجتمع في سؤال واحد .. " ألست معي في أن رحلتنا كانت كالحلم " !؟
تهبط الطائرة في موطنهما .. يتوجهان إلى عشهما الدائم .. تمر بضعة أيام فتبدأ رحلة الحياة الحقيقية .. ويبدأ الامتحان الصعب لكليهما ، يجد الزوج نفسه أمام حياة جادة .. حياة اختلفت كلياً عن حياة رحلة العمر رغم تشابه أيامها وساعاتها ولحظاتها .. لكن هنا المكان يختلف والارتباطات تختلف والبيئة تختلف .. والطبيعة تختلف .. والناس يختلفون .. والمتطلبات أيضاً تختلف .
تتكشف الحقائق .. وتتبين الخفايا .. وتقل التنازلات .. وتبدأ الحسابات والمحاسبات ، والأسوأ حينما تبدأ التدخلات والتوصيات .
وتجد الزوجة نفسها حائرة بين متطلبات الزوج الحياتية والتي كانت في أيام العسل لا تحمل همها والتزاماته الوظيفية وارتباطاته الاجتماعية في برنامج يومي جديد وثقيل عليها .. وبين التزاماتها ومتطلباتها وارتباطاتها وخاصة الاجتماعية منها مع الأهل والقريبات والصديقات!
بعد هذا كله نقول .. على الزوجة أولاً أن تضبط المعادلة وتتوقع المفاجآت وتقدر الظروف وتتيقن أن الحياة ستختلف خاصة في أول سنة من زواجهما فإن استطاعت وعرفت هي وزوجها كيف يديرا حياتهما الزوجية وفق - نظرية " شعرة معاوية " لسلما بإذن الله تعالى من كثير من العقبات التي تمر بهما .. فالحياة الزوجية مبنية أكثر ما تكون على اجتماع شخصين لم يفهما بعضهما جيداً .. فمن أخذ بسياسة معاوية فأرخى وشدَّ سلم من كثير من المشاجرات والمشاكلات وباتت حياته مع الطرف الآخر سهلة يسيرة وإن وجد بعض المنغصات التي قد تكون أحياناً " ملح الحياة "
لعل الصورة اتضحت وما أعنيه فُهم .. متمنياً لكل " حبيبين " دوام الألفة والمودة والرحمة .
[COLOR=#2238E8]فهد بن عبد الله العامر
مستشار أسري ورئيس وحدة التوجيه والارشاد بجمعية وفاق
( صحيفة عين حائل الإخبارية )[/COLOR]