[CENTER][COLOR=#FF2000]النقد بين البناء والتشفي[/COLOR]
الحمد لله أما بعد :
النقد مأخوذ من نقد الدراهم وهوتمييز الردي من الجيد وله أناس خبراء متمرسين في ذلك
وانشد سيبويه
تنْفِي يَداها الحَصَى في كلِّ هاجِرةٍ ,,, نَفْيَ الدَّنانِيرِ تَنْقادُ الصَّيارِيفِ
ومن هذا الباب سمي تمييز الشعر الجيد من الرديء نقدا , ثم سمي تمييز الكلام الرديء من الجيد نقدا ,
ثم اطلقه البعض في زماننا الحاضر على الغيبة فجاء أناس يستحلون اعراض المسلمين من علماء وأمراء وأدباء وشعراء ومسؤولين باسم النقد , أو يسميه بعض الشباب المتدين جرحا وتعديل إذا كان في أعراض علماء ومشائخ فضلاء.
فهي من باب تسمية الشيء بغير اسمه كما قال في الحديث الذي رواه أبوداود وغيره وصححه الألباني " ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها " .
ومن وجهة نظري أنه لابد أن نفرق بين نقد الأقوال والأفعال وبين نقد الأشخاص بأسمائهم
فنقد الأفعال والأقوال الأمر فيه وارد وكل له الحق أن ينقد أي كلام يسمعه أو تصرف يراه ويبدي فيه رأيه , ولا مشاحة في ذلك إلا كلام الباري عز وجل وصحيح السنة فهما فوق مستوى النقد . أما نقد الأشخاص على الملأ فهذه غيبة وتشهير .
وفي حدود علمي أن الرسول لم ينتقد أحدا من الناس بعينه على الملأ أو يتكلم فيه ليحذر الناس منه , حتى أعراض اليهود والمنافقين لا أعرف أنه تكلم في واحد منهم على مافعلوه من مكرٍ في هدم الإسلام وإيذاء المسلمين , لكنه كان يحذر من أفعال وأقوال كما قال ( آية المنافق ثلاث ...) ,, (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ...) , ( مابال أقوام . . .) لأنه إمام في احترام مشاعر الآخرين وإمام في جمع الكلمة وردم الخلاف بين أبناء المجتمع , ونقد الأشخاص لاشك أنه يفرق ويجرح مشاعر ويغضب أقوام وإن كان نقدا في محله , فيسكت عن الكلام في شخص ما , ليس احتراما له ولكن احتراما لمشاعر ذويه وأتباعه وقومه , أما نقد الأفعال والأقوال الخاطئة وتحذير الناس منها فهي تقوم معوج المجتمع وتجمع القلوب المحبة للصلاح والحق .
وسورة براءة التي سميت الفاضحة لأنها فضحت المنافقين لم يرد فيه اسم شخص واحد بعينه من المنافقين لكنها فضحت وحذرت من أفعال وأقوال (ومنهم من يقول إئذن لي . .. ومنهم من يلمزك ....ومنهم الذين يؤذون النبي .... ومنهم من عاهد الله ....) لأن المقصود الحذر من هذه الأفعال وعدم الوقوع فيها أما الأشخاص فأمرهم إلى الله .
وهذا لايتعارض مع إبداء الرأي في حال الاستشارة عن شخص بعينه كما قال لفاطمة بنت قيس حينما استشارته في أبي جهم ومعاوية فقال (أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه , وأما معاوية فصعلوك لا مال له , انكحى أسامة بن زيد)
ومن يحتج بردود أئمة الإسلام كأحمد بن حنبل وشيخ الإسلام وابن القيم ومن قبلهم وبعدهم من أئمة الدين فيقال له إذا كنت إماما من أئمة الإسلام ووصلت مكانتهم فلك أن تقول كما قالوا .
لكن بعض النقاد لما في نفوسهم من الهوى يجعل النقد وسيلة لتشفي من الأشخاص سواء كانوا علماء أو دعاة أو أمراء أو وزراء أو مسئولين والنيل منهم ومن أعراضهم واتهام نواياهم بلباس النقد البناء .
ولو سلك الناس المسلك النبوي في نقد الأخطاء وتصحيحها لصلحت كثير من امورنا ولأصلحنا كثير من أخطائنا ولردمنا هوة كبيرة تتسع يوما بعد يوم بينناعلمائنا ومفكرينا وأدبائنا ,
والسلام
[/CENTER]
[COLOR=#0008FF]محمد بن مزعل العبدلي
" صحيفة عين حائل الإخبارية " خاص[/COLOR]