قد يتبادر إلى ذهنك سؤالاً غير ذا أهمية كبرى ، و لكنه يظلّ مُلحاً : من أنت ؟!
و كيف تشكلت "هوّيتك" التي تختزلك في هذه "الأنت" الكامنة بك ، و تُحدد جنسك
و تفاصيل ملامحك ، و ميولك الفكرية و العلمية ؟! ، من أنت في هذه الكرة الأرضية !
كلها أسئلة ذاتية لا تهم !
ما يهمني هو كيف تتأثرُ أنت - و بشدة - من خلال الآخرين ، و الذين يملكون كل
هذه التفاصيل و الفكر و الجنس و الملامح و العلم .. إلخ ؟! ، و لماذا تتأثر بهم
و لا يتأثرون هم بذاتك ؟! .. قد تكون الإجابة هي ثمة مرآة لا ترى فيها نفسك بشكل جيّد !
نعم ! .. توجد في دواخلنا "مرايا" عديدة لا نُبصرها ، بل و نجهلها كثيراً !
أصبحنا - و مع الأسف - ننظر "أشكالنا" في مرآة الآخر الذي يختلف عنا و عن إنتماءاتنا
في الشكل أو العِرق أو القبيلة أو الثقافة التي شكلتنا بهذا "الشكل" بإعتبارنا جزءاً من
عالم بشري ملياريّ ضخم !
نحنُ نتقارب ، و نتعايش .. و نتعاشر .. و نتصادق و نُؤاخي .. لكن و بكل دهشة : نتناسخ !
و هذا "النسخ" الذي بات ينتشر في كل وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة لم يُوجد له
تفسيراً سوى أن "مرايانا" القابعة في ذواتنا قد تكسرت و تحطمت و قد يكون هذا الفعل
منذ السنوات الأولى في مراحل وعينا و تبصرتنا و فهمنا للواقع الذي نعيشه أنا و أنت
و كل هؤلاء الذين قد تراهم "مرآتك" ، بينما هم عكس ذلك تماماً ..
ما أود الوصول إليه - و ببساطة مُتناهية - أننا أصبحنا نكتب و نتلفظ للآخر ، بلغة الآخر نفسه !
لم نعد نُبالي بالإلحاح الميّت في أنفسنا ، بمن هو أنا ومن أنت ؟ و ما هي نقطة إلتقائنا ؟!
و أصبح "الإرتماء" في لغة الآخرين هي "الرداء" الذي نتلبسه لثقافتنا المُغايرة في "اللفظ"
و قد يكون في المعنى أيضاً ، و أصبحنا نتساير مع هذا الخليط "اللفظي" و الفكري كذلك في
مجتمع "التويتر" و الفيس بوك" و أكثر من وسيلة تواصل باتت غزواً من الداخل إلى الداخل !
بكل ما بهذا "الغزو" من ألفاظ و كلمات ..
بإختصار : من يُعيد لنا "مرايا" الذات لكلٍ منا ، كي نرى ألفاظنا و مُفرداتنا و كلماتنا نحن ؟!
و كيف نُحافظ عليها من الكسر و الخدش ! ، لكي تُصبح أكثر بريقاً ، و أجمل رؤية .. لنا !
وليد آل مساعد
كاتب سعودي