أطفال "الثامنة" يا معالي الوزير ..!
بعد غياب صيفي عن مدرستي وساحاتها وعن لقاء صديقاتي ومعلماتي، كنت أترقب بشوق كبير أن أكون معهم في أحضانها مع عام دراسي جديد ومع كتب وأقلام ومريول وتفاصيل صغيرة تحكي قصة نجاحي عند نقطة النهاية..
انتظرت أيام الدراسة وانتظام النوم والشعور بجدية الحياة، وها أنا ذا استقبلت بفرح أول يوم دراسي مع إشراقة شمس تشرق بها حياتي وتنير لياليّ بنور العلم والعمل؛ ولكن انقلب الفرح إلى خوف وفزع وتحول الشوق إلى نفور وقلق يرافقني حتى في منامي لتتحول أحلامي إلى كوابيس مزعجة وأصبحتُ أبغض تلك الساحات بعد حبي لها بسبب يُقال له " الإهمال "..!
كنتُ أظن أن هذه الكلمة تُقال لمن لم تلتزم بواجباتها الدراسية أو لم تذاكر للامتحان لكن اليوم تعلمت معناها ليُقال كذلك عند عدم الشعور بالأمان في مدرستي من مسئوليّ التعليم..
يا معالي الوزير .. لماذا تطالبوننا بالتفوق والمثابرة في الدروس وأنتم تهملون أمننا وسلامتنا في إيجاد بيئة تربوية آمنة؟!
رفقًا بنا فنحن لا نستطيع التعبير إلا بالصراخ والبكاء، ولا قدرة لنا لعمل شيء تحسّن أوضاعنا فقلوبنا تخفق وجلًا وتطيش بينكم لتبحث عن الثقة والأمان.. الأمان الذي نفتقده من إهمال وزارتكم..!
كيف تزرعون في قلوبنا حب الوطن وأنتم لا تبالون بأرواحنا؟! تعلمنا الفداء لأجله مهما كان الثمن ولكن معاليكم بعد ارتداء عباءة تمنحه الثقة للعمل والبناء والنماء وبذل الخدمات الضرورية لخدمة من فيه نسي وغفى في أبراج عالية كاتمة لنحيب وبكاء الأطفال..! ألم تتعلموا في مدارسكم الوفاء لوطنكم والرفق بصغيركم والأمانة في أعمالكم؟! إذن تعلموها الآن من وجوه أطفال الثامنة البريئة التي عاشت الرعب والإرهاب النفسي حتى استوطن في قلوبهم بل تحولت إلى لوحة تجسد كل معاني الألم..
يا معالي الوزير .. لقد استكثرت وزارتكم مبلغ التقييم لدراسة حالة المبنى الذي رصده الاستشاري وتم رفضه كلياً ولم تراعى الحالة النفسية التي مرينا بها من مبنى يعاني التصدعات في جدرانه وتسريب المياه من أسطحه والتماسات كهربائية كادت أن تودي بحياتنا ولازالت تهددنا على الرغم من إنتهاء عمره الإفتراضي والذي تجاوز 40 عاماً .
يا معالي الوزير .. لقد بلغ السيلُ الزُبى ، وطفح بنا الكيل ، فلم نعد نشعر بالأمان ودقائق الانتظار تمر ثقيلة ، فمن بعد الحادثة لم نستطع العودة إلى المدرسة ، لاننا لم نلمس خطوات عملية جادة للبحث عن حل يمنحنا لو بصيص أمل حتى نعود من جديد ..!، منذ زمن ومدرستنا تعيش لحظات الاحتضار ، وجراحها لم تندمل ، وعوامل التعرية تنخر في جسدها المنهك ، تكالبت عليها ظروف الزمن وأصبحت في طي النسيان ، حتى باتت آخر إهتمام المسؤولين في وزارتكم والذين صموا أذانهم عن صرخاتنا ولربما وضعوا سماعات الترف ، فلم يعد يسمعوا إلا صوت الرفاهية، فالكراسي الصغيرة أصبحت تشكو من الهجران والطاولات الدراسية تعيش طغيان الصمت وبدت تفقد معالمها للمستقبل الذي ننتظره، وأخيراً أوصدت جميع أبواب الأمل والتفاؤل أمامنا حتى أقرت كل طالبة منا لتحمل عناء بعد المسافة وخطورة الطريق من أجل النقل من المدرسة بحثاً عن مكان آمن قبل أن يتكرر المشهد وتقع كارثة بحق أطفال الثامنة، حينها سندفع ثمن صمتكم الذي لازال مستمراً .!
فهل وصلت رسالتنا يا معالي الوزير ؟
بقلم الاعلامي/ روّاف الكويكبي
" صحيفة عين حائل الإخبارية "