( لن تخترق حتى تحترق )
تعمدت هذا العنوان وبهذه الصورة لأنه في نظري يحمل الغاية والوسيلة ويختصر ويختزل كثيراً من المعاني في كلمتَي الاختراق والاحتراق . ونعني بالاختراق بلوغ الهدف المراد الوصول إليه دينياً أو دنيوياً .. ونعني بالاحتراق بذل ما في الوسع من جهد وطاقة وقدرة وفكر والصبر في سبيل الوصول للهدف المنشود وبلوغ المرام .
نعم ؛ فنيل الغايات وبلوغ الأمنيات لن يأتي دون جهد وتعب .. وهذه سنة ربانية راسخة قال تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ) .. قال المتنبي : ( تريدين لقيان المعالي رخيصة .. ولا بد دون الشهد من إبر النحل ) .. وقال غيره : ( لا تحسب المجد تمراً أنت آكله .. لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا )
فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعاً لم يبلغوا ما بلغوا إلا بعد الاحتراق المؤدي للاختراق .. فقد احترقوا إيماناً وتوكلاً وصبراً ويقيناً وجهاداً ثم اخترقوا إلى المجد والثناء الحسن والجزاء الأحسن من رب العالمين . والصحابة رضي الله عنهم جميعاً لم يبلغوا ما بلغوا إلا بعد الاحتراق المؤدي للاختراق .. والتابعون كذلك لم يبلغوا ما بلغوا إلا بعد الاحتراق المؤدي للاختراق .. والخلفاء والعلماء والمجاهدون والملوك والأمراء والأطباء والشعراء وسائر النبلاء في كافة المجالات لم يبلغوا ما بلغوا إلا بعد الاحتراق المؤدي للاختراق .( ومن طلب العلا سهر الليالي ) .
وواقعنا المعاصر يزخر بأمثلة وقامات وهامات عالية ذات طموحات لا محدودة ونجاحات مشهودة .. فكم رجل أعمال ذاع صيته بين القاصي والداني وأصبح من أهل الثراء والدثور ؟ وكم من طبيب أصبح رمزاً من رموز الطب واشتهر بين بني جنسه ؟ وكم من مهندس دوّن اسمه في قائمة المشاهير ؟ وكم وكم وكم ؟
فهولاء وغيرهم لم يبلغوا ما بلغوا إلا بعد الاحتراق المؤدي للاختراق .
فخلاصة ما سبق : أنك لن تخترق جدار اليأس وتحلق في سماء الإبداع وتحقق طموحك وأحلامك حتى تحترق بإيمانك وتوكلك وجهادك ومثابرتك وصبرك واصطبارك ومصابرتك .
وأخيراً فلن تخترق حتى تحترق !
.
المشرف التربوي
خالد بن درزي المبلع
مكتب التعليم شمال حائل – بنين
( صحيفة عين حائل الإخبارية )