وسائل التواصل وتأثيراتها..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
وسائل التواصل الاجتماعي ، إن استخدمت في الخير ، وبث الحق الذي أرسل الله به رسوله ، فذلك خير ، وسيبلغ الافاق بلمسة زر ، وينفع الله بها البلاد والعباد .
وإن استخدمت في الشر ، وبث الباطل والكذب ، فإنها أيضا تبلغ الافاق بضغطة زر
، فالوسائل لها أحكام المقاصد .
ولا ريب ان لرسائل التواصل الاجتماعي تأثيرا على المتلقي ، لاسيما الشاب الذي لديه حماس واندفاع ، وتنقصه الحكمة والتجربة في الحياة ، ويتقصد أهل الاهواء ومديرو التوحش ، هذه الفئة من الناس ، ويضعون لهم رسائل ومقاطع إجرامية ، يتم صناعتها باحتراف ، بعد دراسة نفسية الشباب ، وماالذي يؤثر فيهم ، فيتم سبك المصطلحات البراقة ، والصور الجذابة ، واجتزاء النصوص الشرعية من سياقاتها ، وإشعار الشاب بأنه استثنائي ، ويعطى ما كان ينقصه من المكانة والألقاب ، ويسود المشهد أمامه ، فكل ماأمامه سواد في سواد ، ويصور له ان الحكام متآمرون على الاسلام ، وانه لا خلاص ولا مستقبل للاسلام الا بالخروج على المجتمع ، وانه هو الذي يحمل هم الاسلام ، الذي لا تأخذه في الله لومة لائم ، في هذا الجو المشحون ، يختطف الشباب ، ويسقون السم الزعاف ، ويعزلون عن مجتمعم وعلمائهم وقادتهم ، ليكونوا أدوات لأولئك المجرمين ضد دينهم وطنهم ومجتمعهم ، مع ان أولئك المجرمين هم أعداء الدين ، لكنهم يرفعون شعار التدين في أعلامهم وإعلامهم فقط للتمويه واصطياد حسني النية من جهال الشباب .
فهم كالشيطان الذي يوسوس للشخص بأن وضوءه لم يكمل ، ولو صلى لم تقبل صلاته ، فالمتدين الجاهل يصدق ويعيد وضوءه ، وربما يكرر ذلك مرات ، والشيطان انما وسوس له ليحزنه ويذهب عليه صلاة الجماعة ، والا فلا يهمه ان يصلي المصلي بوضوء غير صحيح ، بل هذا يسره ، لكن يأتي من جهة الدين على اهل التدين ، وهكذا جنود الشيطان يسلكون طريقة رئيسهم إبليس ، باتخاذ الحرص على الدين شعارا يصطادون به الشباب الذين لديهم تدين بدون علم راسخ ، وبدون تفطن لمكايد الشيطان وجنوده .
والاعداء عرفوا ان الذي يأتينا باسم الدين يخدعنا ، وإن كان من أعداء الدين ، لكن بعض الشباب لم يعرفوا هذه الحقيقة.
والواجب على الشباب وغير الشباب :
أولا : أن يعلموا ان هذا العلم دين ، فلينظروا عمن يأخذون دينهم ، لايؤخذ العلم الا من كبار العلماء الراسخين ، لايؤخذ من الوعاظ والدعاة المضطربين الذين كل يوم لهم قول ، يقولون القول ونقيضه في آن واحد ، وأسوأ من ذلك أخذ العلم عن المجاهيل الذين لم يعرفوا بعلم ودين ، كما هو الشأن في التويتر ووسائل التواصل ، فهي اسماء مستعارة او مكذوبة او مستأجرة من جهات معادية ، فكيف يوثق بنقل العلم والتوجيهات منهم ، هذا أمر يخالف الكتاب والسنة ، قال تعالى ( واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)
فأمور الامن او الخوف والحروب والجهاد ونحوها من قضايا الأمة المصيرية لايجوز قبولها وإذاعتها وتصديقها ، وإنما ترد إلى ولاة الامور والعلماء الذين يستنبطونه ، فيعرفون الحق ويقبلونه ، ويعرفون الباطل ويردونه ، ولو كسي عبارات أرق من الحرير .
ثانيا : الا ينزوي الشباب بعضهم الى بعض ، او الى اجهزتهم الالكترونية فقط ، فإن عصابات التوحش ومحترفي التجييش في الانترنت ووسائل التواصل ، حريصون على عزلتهم وسريتهم ، لانهم يؤسسون الضلال ولايحيون ان تكشف ضلالتهم ، والا فالدين ليس فيه سريات ، وعليه : لابد ان يختلطوا بالكبار ويستفيدوا منهم ، ويعرضوا عليهم مالديهم ،
لابد من دمج قوة الشباب بحكمة الشيوخ .
ثالثا : كثير من الشباب لديهم علم وعقل وبصيرة ، ومحبون لدينهم ووطنهم ، فمن المهم الاستفادة منهم في محاورة زملائهم ، فالشباب غالبا يقبلون من بعض أكثر من قبولهم من غيرهم ، واذا كان اهل الباطل يستخدمون وسائل التواصل في الباطل ، فلنستخدمها بالحق ، ونشر المقاطع واليوتيوبات والتغريدات الموثوقة المؤصلة المقنعة ، والحق يدمغ الباطل كما في قوله تعالى ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق ) .
ووصف الله تعالى بان الباطل لا قرار له وانما هو زهوق كما قال تعالى ( ان الباطل كان زهوقا ).
فعلينا ان نبين الحق ، فإذا كان جنودنا على الحدود يحمون ديننا ووطننا بسلاحهم ، فلنحمي نحن ديننا ووطننا وشبابنا بأقلامنا وفكرنا وعقيدتنا الاسلامية الصحيحة .
والله قادر على دحر الاعداء ولكن ليبلونا هل نقوم بالواجب ام لا ، كما قال تعالى ( ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض ).
د / أحمد الرضيمان
أستاذ العقيدة في جامعة حائل
ومدير إدارة الامن الفكري بالجامعة
وعضو مركز محمد بن نايف للمناصحة بوزارة الداخلية