دعنا نحلق بعيداً
من أكثر الجمل والعبارات التي تبعث على الطمأنينة والقناعة والإستسلام والرضا بقضاء الله هو الدعاء (( ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ))
أي أمان واستسلام وسلام تشع به أرواحنا عندما نستمع لمثل هذه العبارات المضيئه لدروب حياتنا ؟
عندها نعلم بأن أمورنا مرتبة في السماء ومقدمه مسبقاً من رب العباد ، وأننا لانملك من أمورنا شيئاً ، فكم نرثى لأنفسنا كثيراً عندما نظن بأننا نختار وأننا نعمل لنفعل ونقرر، وبعدها يأتي ما لم يكن بالحسبان فتأتي ( كن ) رغماً عن أنوفنا وعظيم قدرتنا وكامل جبروتنا ( فتكون ) ، فنقنع بسهوله وخنوع ونستسلم دون مقاومه ، إذن فلنعش حياتنا متقبلين عطايا الرحمن ونسمو بأنفسنا عن مواطن الخذلان والأحتقار، ومستنقعات الوحل الجرثوميه ، فما دمت مع الله تعالى وحده فلاتخش على نفسك أو عمرك أو مستقبلك أبداً ، فالبشر قد ينسون خيراً قدمته ، وهماً فرجته ، وعيناً بكت فمسحت دمعها وأسعدتها ، ولكن الله تعالى لاينسى فعلك أبداً ، يخبئ لك عطاياه وهداياه ويكافئك على عملك ففي قسوة عيشنا هبات وهدايا مغلفة ومحفوظة ، وخلف زحام كل مصيبه خيراً مختبئاً ، وبين انسكاب دموع فقد حاره، وخسارة مؤلمه ، فرج كبير وعوض عظيم ، وحتى أوجاع الروح ومعاناة الجسد رحمة من الله أرحم الراحمين .
لا تبتأس ولا تيأس أبداً ولكن... هيهات ، هيهات ،فاحرص وانتبه ما دمت حياً فلا تأمن فتن الدنيا وزخرفها فخلف ملامحها الفاتنه وجه قبيح ، مدمر ، فاحذر أن تتعجب من ذنب فعله غيرك فلا تعيره بمعصيته ولا تقلل وتحقر من عبادته ولا تستكثر وتعظم طاعتك . فما نحن سوى أنفاس راحله وأبدان باليه ، وحسنات باقيه فاعمل لتكون سعيداً عند توقف أنفاسك وبقاء حسناتك ، فأنت مسافر وأثرك باقي .
فاجعل من أثرك أغصان وفروع كلما انكسر غصن تشبثت بغصن أخر وتحرر من الخوف والتمسك بالنظم القديمة والعتيقه دون تقدم أو اطلاق حرية الطاقات الجباره بداخلك فتظل كامنه ومستكينه ، فانطلق نحو الأفضل وتدرج بنفسك نحو الأحسن ، أكسر أغصانك اليابسه والمشروخه وإبحث عن غصن أعلى وأقوي وأكثر صلابه ، ولا بد أن تعلم أن هناك فرق بين القناعة والتخاذل فاستمر بالإنطلاق وكسر الأغصان البالية التي تعيق تحليقك عالياً ورفرف بجناحيك فوق عنان السماء وبين السحب البيضاء ونحو إشراقات الأمل ، ولكن إحذر أن تكسر جميع أغصان شجرتك فبعضها ظل وارف لك ومأوى حاني وسكن هادئ ، فقط تأنى وفكر وأعمل وستجد الغصن الذي يحتاج لأن تقف عليه بثبات وتنطلق منه بقوه فحلق عالياً متمسكاً بثوابتك وفضيلتك ، وأعلم أن ليس كل استكانة هدوء وقناعه بل تخاذل عن طموح ، وتقاعس عن عطاء ، وفرار عن مواجهه .
20 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓