(كراسي الأفاعي )
الكرسي الأفعى ليس له أمان ، فهو سريع التقلب والتبدل والتحول ، كالأفعى لينة الملمس ولكن في أنيابها سم قاتل ، قال الشاعر : ( إن الأفاعي وإن لانت ملامسها .. عند التقلب في أنيابها العطبُ ) ، ولو بقيت ودامت الكراسي لمن سبق لم يستمتع بزخرفها وبريقها من لحق ، قال الشاعر ( إن الكراسي لا تدوم لأهلها .. إن كنت في شك فأين الأول؟ ) .
فكم رأينا من أشخاص خدعهم الكرسي وغدر بهم شر غدرة ، فبعد أن كانوا أصحاب كلمة نافذة وسطوة كاسرة أصبحوا بعدها يتوارون عن أعين الناس ، ويتهربون من المجالس التي يكثر فيها الجلّاس ! لأنهم لم يجعلوا الكرسي مطية للقيام بأعمالهم ومسؤولياتهم وخدمة البشر ، بل جعلوها وسيلة لتحقيق مصالحهم ونيل مآربهم ، والتسلط على من هم تحتهم ، فأتاهم أمر الله وهم لا يشعرون ، فأصبح من هم فوق الكراسي أسفلها ! وجرفتهم سيول الغرور والتسلط إلى مزبلة التاريخ ، وهوت بهم ريح الكبرياء في مكان سحيق ! وربما لم يسلموا من دعوة مظلوم وصرخة مكلوم قد تنالهم عقوبتها في الدنيا والآخرة .
وأما من وفقه الله وجلس فوق الكرسي قائماً بعمله مؤدياً أمانته خادماً لغيره حسن الخلق لطيف الكلام فهذا من يستحق البقاء فوق الكرسي ، وإن تركه يوماً فسيبقى في قلوب وذاكرات الناس وربما تأتيه دعوات مستجابة في ظهر الغيب فتكون سبباً لسعادته مدى حياته وفي آخرته.
ومن الراسخ في الأذهان والمستقر في العقول أن الذين يجلسون فوق الكراسي أصناف ثلاثة : فمنهم من هو أكبر من حجم الكرسي الذي يجلس فوقه ، فهو يستحق مكاناً عليّاً ومنصباً رفيعاً . ومنهم من هو مساوٍ لحجم الكرسي الذي يجلس فوقه وكأنما فُصّل له الكرسي تفصيلاً . ومنهم من هو أصغر من حجم الكرسي الذي يجلس فوقه ، وهذا ربما امتدت إليه يد الشفاعة السيئة ( الواسطة ) فأتت به وثبتته دون استحقاق !
فالموفق والعاقل من قام بحق الكرسي ، وفكر في وضعه وحاله بعد مغادرة الكرسي ، ولم يخدعه بريق الكرسي الزائف الذي هو في نهايته كما يقولون " كرسي حلّاق " .
المشرف التربوي
خالد بن درزي المبلع
مكتب التعليم شمال حائل
1 ping