كثيراً ما تتقاذفنا أمواج الحياة ، مابين مدٍ وجزرٍ، وما بين أمواج عاتية وقاسية ودوامات متلاحقه تجذبنا نحو قاع سحبق ، هذه هي الحياة ، تحتاج لبحار يصارع أمواجها ، ولشواطئ من الأمان نرمي بأثقالنا عليها لنغفو قليلا ونلتقط أنفاسنا ، ومع كل تلك التقلبات ، نحتاج كثيراً إلى الأمل الذي يجعلنا نبتسم ونستمر في العطاء ، إلى تفاؤل يقفز بنا نحو بقع الضوء والنور ، إلى سنداًً يكون عوناً وجداراً صلباً نتكئ عليه ، إلى حبيباً وصديقاً وروح نسخت من روحنا ، إلى من يكون دمعتنا الصادقة في خلوتنا ، ومخالف لهوانا في رغبتنا المدمرة ، وابتسامة مطمئنة نراها وقت تساقط دموعنا ، إلى من يقيل عثرتنا وينهض بنا ويستر عورتنا ويجمل صورتنا ، ويسد جوعنا ، وينصرنا في مظلمتنا ، ويقول عنا وعلى لساننا كلمة الحق ، نحتاج إلى رفيق نضرب به من يرعبنا فنرعبه ، ونسلطه على من يخوفنا فيخاف منا ، إلى سند لايتغير ولا يسأم منا ولايمل أو يكل أو يهرب منا .
قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :-"إن من الناس مفاتيحا للخير مغاليقا للشر ، ومن الناس مفاتيحا للشر مغاليقا للخير ، فطوبى لمن جعل الله الخير على يديه..."
ثقتنا بالله تعالى أمر عظيم ولا حدود لها ..ولكن من الجميل أن يكون للواحد منا سندا في الشدائد والمواقف .
كم هو أمر عظيم أن تقول لك أمك :-"أنت سندي بعد الله" وتختارك دون غيرك أو تخبر شقيقتك زوجها والأخرين " أخي سندي في الحياة " وتنسى البقية بوجودك معها.
أو ينتظرك يتيماً أو فقيراً على قارعة الطريق يستصرخك ويستفزعك ويطلب سندك على من ظلمه وأهانه ، ورائع أن يكون للواحد منا أصدقاء ولكن أحدهم فقط هو من يخطرفي البال عند الشدة والحاجه .
السند هو القمة الشاهقه والعالية في حياتنا ، قمة في أخلاقه ومبادئه وسرعة فزعته ومساعدته ومبادرته لنا ، وإغاثته لكل محتاج وملهوف نحتاج لمن يضحي ويتخلى عن حظوظ الدنيا لأجلنا ، نحتاج لمن يكون ملجأ لنا ومرفأ لحاجتنا .نحتاج كثيراً لرمز صامد وشامخ يفرج هماً وينفس كرباً ويقضي ديناً ويعين ملهوفاً وينصر مظلوماً وينصح حائراً وينقذ متعثراً ويهدي عاصياً من كان يملك سنداً فليحافظ عليه ويكرم منزلته ويتمسك به فالله قد اختاره وجعله سبباً في إنقاذه وإحتواء ضياعه وأزماته ...
فكن سنداً بعد الله تعالى لمن ينظر اليك بعين المضطر وشفقة الملهوف والمحتاج .
فالعبد قد يكتب له عز الدهر وسعادة الأبد بموقف يهيئ الله له فرصته ليسمو ويرتقي بعيون الخلق ، ويقدر له أسبابه حينما يطلع على قلب عبده فيرى قيمة إيمانية أو أخلاقيه يحبها ويسخرها لخدمة خلقه وعباده .
يجب أن نفوض أمورنا لله تعالى ولا نطيل الهم والتفكير ، والله ولي التدبير ونطمئن أننا في عين الله وحراسته وسيسخر لنا سنداً وعزاً يختاره ليكون معنا يرافقنا اذا أتعبتنا آلام الحياة وتوقفنا عن الرغبة في الإبتسامة وخشينا أمر المجهول وليجبر الله كل قلب فقد سنده ، وأمد في عمر من بقى ، وشفى الله كل من مرض سنده ، ويدرك معه مابقي من العمر بصحبته ورفقته .
هذه دعوة من قلب صادق ومدرك أن البشر يحتاجون لمن يصاحبهم في الدنيا إحساناً ، كن سنداً لأمك وأبيك ولأختك وأخيك وللمستضعفين في الأرض ، كن عزاً لمن خذلتهم المواقف والقلوب ، كن سيفاً صارماً لمن زعزعتهم ظروف الحياة ومرارتها وكن حزاماً لمن يبحثون عنك عندما تحمى المواقف ، ويضيق الأفق كن شخصاً يضيق المكان بقوة وصلابة شموخه ، وتتسع القلوب المكسورة بدخوله ، وتتطمئن النفوس الضائعة بوجوده ،،،، كن سنداً لمن يراك سماء واسعة الأفق ورحبة الأغوار وأرض صلبة مترامية الأطراف وتحمل الأهوال والثقال ، فهنيئاً لمن أعده البعض سندا له ورفيقا كالظل يلازمه ويحميه .
بقلم | عبدالمجيد الذياب
12 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓