الوطن... حبٌّ وانتماء
حبُّ الوطن فِطرةُ الله في الإنسان, من منَّا عاش من دون أن يحمل حبَّ الوطن في قلبه وفكره, مفتخراً بالانتماء له...حبٌّ يولد معنا ويتغلل في الكيان فلا مناص منه...وهل يطيب العيش إلا فوق ثراه, وتحت سمائه.
من منّا لا يَفخر بوطنه ويعتزُّ بالانتماء له
فكيف لا يعشق الإنسان الوطن الذي وُلد فيه، وتعلَّم في مدارسه، وأكل من خيراته، ونهلَ من عذب مائه ، واستظلَّ بسمائه، وارتبط به طفلاً وشاباً وشيخاً.
ومن أجمل ما قيل حبُّ الوطن من الإيمان, والمسلم مُشبعٌ فؤادُه بحبِّ الوطن لأنَّ حبَّ الوطن جزءٌ من عقيدته... فالانتماء للوطن انتماء وولاء بحكم الشرع أولاً، ثم بحكم الفطرة وسنن الله في الخلق.
فله تَرخُص النفوس وتُراق الدماء....
فالذي يحبُّ وطنه ؛ يعمل فيه للخير، ويؤلَّف بين القلوب؛ لتسود الرحمة والتآخي، والتعاطف والإحسان بين أبنائه ، حينها يغدو كلَّ فردٍ من أبناء الوطن لبنةٌ متينةٌ في بنيان حصنه.. فكلما كان أبناء الوطن متعاضدين متماسكين كان الوطن حصيناً منيعاً عصيَّاً عن كل كيدٍ خارجي أو عمل غير صالحٍ داخلي.
والمحب لوطنه محبٌّ لولي أمره وطائع له, فعندما نلزم غِرزَ ولي أمرنا – الذي بايعناه- نُحافظ على أمن وطننا واستقراره... وإنَّ مفارقة وعصيان ولاة الأمر تُسبب فسادًا كبيرًا، وشرّاً عظيماً؛ إذ يختل الأمن، وتضيع الحقوق، ويُروَّع الناس، وتُنتهك الحُرمات والأعراض... لذلك جاء الأمر الإلهي:
" أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ "
حب الوطن الحقيقي يحمله الفرد الواعي، الذي يدرك حقوقه وواجباته ويدافع عنها ويسهم في تفعيلها.. والوعي الوطني هو الوعي المطلوب الذي يرتقي بالمواطن في علاقته بالوطن إلى أن يكون الإنسان الفاعل وليس الخامل.. الإنسان الذي يدرك أنَّه يداً بيد مع الآخرين تحت سقف الوطن في سبيل رفعته وليس ضدَّهم .
والمأساة تكمن عندما لا نكون مخلصين للوطن ويبرد فينا الشعور بالانتماء له, حين نكون عبئاً على وطننا...نهوى الكسل و نكره العمل, عندما يقتصر حبُّنا لوطننا بالكلام فقط من دون أن يَصحبه عمل, غيرَ مبالين بما يُحاق له, وغيرَ مستعدِّين للتضحية من أجله ...عندما نُغلّب مصالحنا الشخصية على مصلحة الوطن, فلا يكون هَمُّنا رِفعته وتطوّره بل رفعة أنفسنا وزيادة مكاسبنا على حساب وطننا, عندما نتحول لمعوَل هدمٍ وتفرقةٍ تدار بأيدٍ خارجيةٍ عابثةٍ حاقدةٍ تريد نخرَ بُنيان الوطن واضعافه, عندما نُسلم أسماعنا لأفكار غريبةٍ تسلب منَّا انتمائنا لوطننا لنتحوَّل لقنابلَ موقوتة تحصد الأرواح البريئة وتنشر الدمار في قلب الوطن.
الإنتماء الصادق للوطن شعور بالمسؤولية ورغبة في النجاح وإعطاء بلا انتظار
بقدر ما نحافظ فيه على أمن وطننا وسلامته ونظافته والتفاني على رفعته وإعلاء شأنه يكون حبُّنا لوطننا ...
ولقد أثبتت الأيام والوقائع عظيمَ انتماء السعوديِّ لوطنه؛ بغيرته عليه والتفافه حول مليكه – حفظه الله - فلقد كان خيرَ سندٍ عند الشدائد ونعمَ النصير عن المِحن...والدليل صمود الوطن بوجه التحديات والأخطار التي تحيق به, بل غدت المملكة نموذجاً يشار له بالبنان بلُحمتها الوطنية, لذلك حريٌّ بنا أن نعظِّم إنجازاتها ومكتسباتها منذ التوحيد وإلى يومنا هذا .
بقلم :
الأستاذ / مرشد بن خليف الهرشان
رئيس بلدية مدينة تربة حائل
9 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓