لم يكن بلة أبوسيف إلا مشهدا واقعيا لدراما سودانية عن الممثل القدير والرائع الأستاذ: جمال حسن سعيد، وبدوره كأب كان يحمل الهم والمعاناة من صعوبة تزويج بناته الثلاث، ليحلف على نفسه بتزويج أي شخص يطرق باب منزله وكان عازبا أن يزوجه فورا بإحدى بناته، وهذا ما حصل بالفعل، فعندما طرق باب منزله أول شخص لم يكن إلا محصل النور، والذي أراد من بلة أبوسيف أن يدفع له فاتورة الكهرباء، وما كان من بلة إلا أن يدخله إلى منزله كـ مرحبا به وبالقوة، ليسأله بهل أنت متزوج؟ فأجاب المحصل بلا، فسأله بلة مرة أخرى لماذا لم تتزوج؟ ليجيب المحصل بأنه موظف بسيط على باب الله وراتبه على قدر كفايته، فيرد عليه بلة " تزوجوا فقراء يغنكم الله " ثم يعرض عليه أمر الزواج مباشرة من إحدى بناته بالقوة، رغم رفضه ومعارضته، وفي نفس الوقت دخوله في عدم التصديق من الأمر وكونه يرغب بالزواج ولكن حالته هي التي كانت تمنعه من ذلك، فتم تزويجه في الحال، والطريف في الأمر أنه حينما تزوج بنته وهي تهم بالرحيل والمغادرة معه إلى منزله، إذ طلب المحصل مرة أخرة قيمة سداد الفاتورة من بلة، ولكن بعدما أصبح الآن في مقام عمه وكأب لزوجته، ليكون رد عمه بلة له بـ: هل أنا قد طلبت منك مهرا لزواج ابنتي؟ فأجاب المحصل بلا، فرد عليه بلة وأنت كذلك فعليك أن لا تطلبني قيمة الفاتورة، وبهذا أصبح بلة نسيبا للمحصل وعلى حسب قوله بأنه قد ناسب الخدمات، وفي اليوم التالي .. كان محصل الماء هو الآخر يطرق باب منزل بلة، ليعيد على محصل الماء نفس ما قام به مسبقا مع محصل النور، ويزوجه أيضا بابنته الثانية، فبقيت البنت الكبيرة والأخيرة، والتي كانت متضايقة من حالها الواقف في عدم زواجها، ليحلف عليها أباها بلة أنه سيزوجها بأي رجل أيا ومهما كان، وفي اليوم الثالث .. وأثناء نوم بلة في بهو منزله وإذا بلص قد دخل عليه وهو لم يكن ليعلم أن هذا المنزل إنما هو منزل الرجل الشجاع المعروف لديه ولدى قريته بـ بلة أبو سيف، ليمسكه بلة فجأة ومحاولا توبيخه وعقابه، ثم سأل اللص عن سبب قدومه الى منزله؟ ليكون رد اللص بأنه معلم وقد أعتقد أن هذا المنزل عبارة عن مدرسة، وجاء ليسرق منها بعض الطباشير، إلا أنه قد وقع في يد بلة أبوسيف، فطلب بلة من المعلم اللص أن يتوب عن السرقة نهائيا، ليعلن توبته لوجه الله تعالى، ثم سأله بنفس ما سأله لأزواج بناته من قبل، ليكون رده بأنه مازال أعزب، فيأمره بلة فورا أن يتزوج بابنته الكبيرة والأخيرة، فقبل بها، لتنتهي قصة بلة أبوسيف الدرامية، وفي الختام .. نجد أن القصة هنا قد دلت على أن يخطب الأب لبنته ولا يخطب لابنه، فتم تقديم أهمية البنت عن الابن، كما أنه لو وجد واحد فقط كشبيه ببلة أبوسيف أو بمعدل عشرة أباء في كل مدينة وقرية لتم حل مشكلة الزواج، وكذلك أزمة العنوسة والشباب معا وبشكل شبه كلي، خاصة وممن قد صرفوا النظر عن فكرة الزواج، بسبب تعنت بعض الأسر وقسوتهم وكثرة شروطهم ومطالبهم التعجيزية.
سامي أبودش
كاتب مقالات.
https://www.facebook.com/sami.a.abodash
1 ping