[COLOR=red][ALIGN=CENTER]يوم في جامعة أردنية[/ALIGN][/COLOR]
[ALIGN=CENTER]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما سأكتبه يمثل حقائق شاهدتها بعيني ولم يروها أحد لي, وحقائق لملمتها في يوم واحد ومن جامعة واحدة بلا تحريف ولا تزييف وإليكم الرواية المثيرة كاملة..
عندما كنت في الأردن قابلتت صديقا عزيزا هناك وهو المحاضر وقريبا الدكتور "هشام" والذي طلب مني مرافقته إلى الجامعة التي يحاضر فيها, وفعلا ذهبت إلى الجامعة ولم تكن تلك الزيارة الأولى لي للجامعة, حيث سبق لي أن استأذنت دكتورة تونسية في حضور محاضرات اللغة الفرنسية وحضرت عدة دروس هناك..
ذهبت ودخلت باب الجامعة القريب من قسم اللغة الإنجليزية بعد أن استأذنت من أمن الجامعة, وبدأت عيني في التفحص الدقيق لكل شيء من حولي, فقد كنت أدقق كثيرا في كل اجتماع يربط أي فتاة بشاب تحت أي من ظلال شجر الزيتون أو ظلال المباني. وكان الهدف معرفة الحقائق التي أسمعها عن سر علاقة الفتيات بالشباب داخل الجامعة, وأنها علاقة حميمة ورومانسية وأبعد ما تكون عن زمالة دراسة. في الحقيقة كنت أسمع كثيرا عن تلك العلاقات ولم أكن متيقنا منها تمام التيقن, لأني لم أسمع ذلك ممن عايشوا الوضع وإنما كان كله كلام نُقل إليّ ولم يشاهده من نقله. وبالرغم من أن نقلوه لي ثقات ولكن من يضمن أن من أوصل إليهم المعلومة لا يزيد في القصص أو يؤلفها.
هكذا دخلت الجامعة وفي رأسي أشياء وأشياء عن قصص الاختلاط في المواعظ وفي الأفلام والمسلسلات والقصص التي أسمعها ليل نهار. وبدأت الرحلة مبكرا حين مررت بفتاة إلى جانب شاب خفضا صوتيهما بمجرد مروري منهما في طريقة تدعوا للريبة, ولكنني مضيت ولم أكترث, لأنني لا أعلم حقيقة الكلام الذي يدور.
حضرت عند صديقي وجلست عنده في مكتبه الخاص ودخلتا فتاتان إحداهما نحيلة وجميلة والأخرى قليلة الجمال بالإضافة لسمنتها, تكلمتا إلى المحاضر بخصوص بعض الأمور, ويبدوا أنهن يعتذرن عن حضور اختبار قادم, وكانت النحيلة تقول أنها من عمّان وأخوها وأبوها يعملان في السعودية وهي المدبر الوحيد للعائلة في عمان, ولديها أعمال خاصة بأهلها هناك. وعندما انتهوا من الحديث سألتها في أي منطقة أبوكِ وأخوكِ؟ فأجابتني في الحفر "حفر الباطن" فقلت أوه ((غبار وحر)) فضحكت وقالت: ((يا الله إشي من طبيعي الغبار والحمّ هناك)), فقلت مدينة صغيرة الحفر ولا تعكس صورة حقيقية عن السعودية. فقالت: ((بيجوز هيك)).
ثم بدأت تسألني عن الأماكن التي زرتها وأحسنها وأهمها, وأنا أجيب وبدأت تنصحني بأفضل الأماكن التي لم أزرها بعد. فقلت في نفسي: لم أقابلها إلا منذ عشر دقائق وأصبح بإمكاني الحديث معها بحوار طويل! ليس ذلك وحسب.. بل وعن اهتماماتي كانت تسألني أيضا! فقلت في نفسي أيضا: هل هي ((قوة شخصية أو وساعة وجه))؟ ولكن العقل جاوبني أنهما وجهان لعملة واحدة بالنسبة للمرأة.
دخلت معمل الصوتيات وكان عبارة عن مجموعة من الكبائن.. حيث لكل طالب كبينته الخاصة, وُزّعت في صفوف متوازية, كل كبينتين متجاورتين, ويفصل بين أجواز الكبائن فاصل للمرور من خلاله. جلست على كرسي مقابل للطلاب وقريبا من سبورة المحاضرة, وكنت أدقق في شرح صديقي المحاضر عن الصوتيات وأنصتّ بتركيز تام للشرح, ولكن لفت نظري فتاة كانت مقابلة لي متوسطة الجمال عرفت أن اسمها "سلسبيلا" كانت تنظر إليّ من خلف الشاشة وبمجرد أن لاحظت أنها تنظر إليّ هربت بوجهها خلف الشاشة, عندها قلت لربما أنني أتوهم أنها كانت تحدّق فيّ. وبعد لحظات نظرت إليّ والتقى نظري بنظرها عندها ضحكت وهربت مسرعة, ثم تكلمت لزميلتها المجاورة ونظرت إليّ زميلتها, ثم نظرت هي وهي تبتسم, فأشرت بشفتيّ قائلا: ((شو في)) فأخفت وجهها وقالت بصوت منخفض لصديقتها: ((يسعد الله))!! فعرفت أنها تلمّح لشيء, ربما أنها معجبة!!
وفي أثناء النظرات والضحكات من قبلها والتي وتّرتني وجعلت تركيزي منصب عليها وعلى تصرفاتها والتي كان المحاضر غافلا عنها, فقد كان منهمكا في الشرح.. وقفت فتاة لتجاوب على سؤالٍ كان قد سأله المحاضر, تركّز نظري صوبها بشكل كبير جدا والسبب هو جمالها البديع الذي لا يمكن غض البصر عنه, سبحان الله كم كانت جميلة تلك النازك.. نعم اسمها "نازك". كانت فتاة محجبة وتلبس كابا يشبه العباءة ويغطي كل جسدها, بدأت الفتيات بالمشاركة أما الشباب فقد كانوا لا يشاركون واكتفوا بمتابعة حل الفتيات للرموز الصوتية التي يكتبها المحاضر. وانتهت المحاضرة بسرد درجات كل طالب وطالبة في الاختبار الماضي, وهو ما لم يعجب الفتيات واللاتي دخلن في نقاش حاد وحام جدا مع معلمهن, واقتربت "سلسبيلا" مني وربما عرفت ماذا تريد. ولكنني قفت وغادرت على الفور لأسبق صديقي إلى مكتبه.
في المكتب حيث أنا كنت جالسا فوجئت بدخول صديقي المحاضر ومعه "نازك" ومعهما فتاة أخرى.. تكلمت الفتاة الأخرى للدكتور وكان اسمها "رشا" ويبدو أنها فقدت الأمل في النجاح فأخذت تبكي ولكنه طمنها ووعدها خيرا, عندها غادرت "رشا" على الفور وهي تكفكف دموع عينيها. وتحدثت "نازك" والتي لم تكن راضية أن تخسر درجة واحدة عن العلامة الكاملة, ودخلت في نقاش جديد مع المحاضر في مكتبه وكنت أستمع فقط, وبالرغم من أن كلام المعلم كان مقنعا وهو أنها لا تستحق أن تحصل على الدرجة الكاملة ولكنها أصرت إلا أن تأخذها. وطال الحوار لأكثر من عشر دقائق, وأكّد المحاضر أنه يرفض بشدة أن يعطيها الدرجة لأنه سيظلم الآخرين بذلك, فتدخلت وقلت: "يا أبا حسام" أعطِ كل طالب درجة عندها لن تظلم أحد وسينتهي هذا الإشكال, فقال: من أجل "محمد" سيحصل كل منكم على درجة, فقالت هي: بل من أجلي أنا, ثم أكملت شكرا يا دكتور وغادرت. فقلت لصديقي: هذه فتاة محترمة ترفض وبشدة أن يكون لأحد فضل عليها. فقال صديقي مع الأسف هناك من يستغل مثل هذه المواقف بأمور أخرى. شدّني كلامه كثيرا فهذا ما أبحث عنه في الأصل عند قدومي.. فقلت كيف؟ قال هناك من يستغل حاجة الفتاة للنجاح والدرجات في طلبات غير أخلاقية, فقلت هل هذه التصرفات حقا موجودة؟ قال نعم.. وكانت حقيقة مهمة من شخص يعمل في وسط الجامعة.
اجتمع مجموعة من الدكاترة وأخذوا يقصون علي تاريخ الجامعة بعد أن طلبت منهم ذلك, وتحدث إليّ أحدهم أن اهتمامات الطلاب في الثمانينات مشرّفة وتختلف كثيرا عن هذا الوقت. وذكر أنه سبق وأن حدثت مذبحة راح ضحيتها كويتيون وأردنيون بسبب أنهم كانوا يناقشون أوضاعا سياسية وعلى نطاق واسع, حاولت الدولة ردعهم عن قيامهم بالدعوة في داخل الجامعة بتشكيل صف واحد وعلى قلب شخص واحد لعمل ميليشيا ستكون جبهة ضد إسرائيل, ويقول ذلك الشخص, أن هذا الائتلاف اعتصم في الجامعة, عندها حوصرت الجامعة وطلبت منهم القوات الخروج ولكنهم رفضوا وحدث اشتباك ذهب ضحيته مجموعة من الطلاب.
واليوم الطلاب والطالبات ليس لهم هم إلا الحب والرومانسية, فقلت كيف؟ قال انظر من حولك.. كل فتاة تجلس إلى جانب شاب, إنهما متحابين وأكثر, فقلت ما معنى أكثر؟ فقال مواعدة غرامية في غفلة من الأهل. فقلت أعوذ بالله.. أيفعل أبناء المسلمين ذلك في أخواتهم المسلمات؟ فضحكوا باستهزاء من كلامي, فأيقنت جازما أنهم يريدون أن يقولوا لي أنني لو توفرت لي الفرصة لفعلت كما يفعل الطلاب بالفتيات, فقلت في نفسي: يعيشون وضعا مأساويا بات معه احتمال المروءة والشهامة ضربا من الخيال ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم تكلّم أحدهم وقال: نظرت مرة من خلال النافذة المطلة على الباحة الخلفية فإذا بشاب يقبّل فتاة أمام مرأى أمن الجامعة والذي وقف متفرجا فقط, فقال الآخر: لماذا لم يوقفهما ليتم فصلهما. فرد الآخر: بعد حادثة الأمن السابقة صار هناك خوف من قبلهم جميعا. فقلت ما الذي حدث؟ فقال لي صديقي: وجد أحد رجال الأمن طالب يمارس الرذيلة مع طالبة, وبدلا من أخذهما للعمادة لفصلهما قام هذا الأحمق باستغلال الفرصة والطلب منهما أخذه بسيارة الطالب إلى مكان بعيد لممارسة الرذيلة هو الآخر مع الفتاة, وفعلا مع التهديد والوعيد تم له ما أراد, ولكن الشاب قام بتصوير رجل الأمن دون علمه حيث كان يمارس الرذيلة مع الطالبة ونشره في الهواتف النقالة كانتقام منه, وتم تحديد هوية رجل أمن الجامعة من قبل الأمن وتم إحضاره وفصله من وضيفته ومحاكمته وسجنه, وتم فصل الطالب والطالبة من الجامعة. والآن رجال أمن الجامعة يخشون من إدعاءات مشابهة فقد بات الطلاب أكثر صدقا عند المسئولين أكثر من أمن الجامعات!
بعد حديث طويل كنت في أكثره مستمع إلا عندما قال أحدهم أن هذا الجيل ((غير متربي)) فقلت عفوا, ليس الأمر كذلك.. ولكن هم مراهقون, ومعروف من الناحية الفسيولوجية أن أكثر طاقة لدى المراهق هي الطاقة الجنسية للطرفين طبعا, فتقومون أنتم من خلال الجامعات بوضعهم أمام بعضهم البعض في عز طاقاتهم الجنسية وطيشهم العقلي, ثم تطلبون منهم ألا يقعوا في المحظور! لا يمكن أبدا أن يقاوم الإنسان نداءات النفس والشيطان المتكررة ولذلك سيقع لا محالة. سكت الجميع وقال أحدهم صدقت لا يمكن أن نصب الزيت على النار ثم نقول أننا لن نحترق.
غادرت المكان بعد إلحاح شديد من صديقي أن نتناول الغداء سوية ولكنني رفضت بشكل قاطع, وطلب مني أن يوصلني إلى باب الجامعة الخارجي حيث تقف سيارتي هناك ولكنني رفضت وقلت أحب المشي كثيرا, ثم دعك يا أبا حسام من الرسميات فأنا أكرهها فوافق على مضض وغادرت.
كنت أمشي ولفت انتباهي الصوت المسموع من فتاة قليلة الجسم ومتوسطة الجمال وهي تقول للشاب الواقف أمامها وفي كلامها غضب: ((إيش.. إيش.. بدك إياني آجي لعندك! شو بدي أعمل عندك؟)) فقال: ((هيك.. مجرد زيارة)), وبما أنني كنت أمشي لم أسمع باقي الحوار, وكنت أتمنى لو أمكنني الوقوف ومعرفة كامل الحوار وإلى ماذا ينتهي, فقد كان السبب الأول لمجيئي للجامعة, ولكن وقوفي سيكون له ألف استفسار من قبل الشاب والفتاة.
اقتربت من السيارة فإذا بفتاة متوسطة الطول رشيقة الجسم تلبس حجابا أصفر وفيها جمال كبير تتكئ على سيارتي, فقمت بإخراج ((الريموت)) وضغطت على الزر وأظهرت السيارة صوت فتح الأقفال, ولكنها لم تتحرك إلا عندما وقفت على الباب لأفتحه, فقلت لها: لو سمحتي ابتعدي قليلا من فضلك, نظرت إليّ بابتسامة بلهاء وبلا كلام ذهبت ووقفت خلف السيارة مباشرة! ركبت السيارة ولأن أمام سيارتي سيارة أخرى لم أستطع الخروج إلا من خلال ابتعاد تلك الفتاة من خلف سيارتي, فرجعت قليلا لتحس بأني أطلب منها الابتعاد, ولكنها لم تتحرك! عندها نزلت وأشرت بيدي أن تبتعد وقلت لها ((لو سمحتي)) فعادت تلك الابتسامة البلهاء وابتعدت عن السيارة, وغادرت الجامعة بعدها.. وعندما أخبرت الأصدقاء هناك عن قصة الفتاة والسيارة قالوا جميعا وبصوت واحد: تريدك أن توصلها لمنزلها! فقلت ثم ماذا؟ فابتسم أحدهم وقال: ليس من أول مرة يا رجل, عليك أولا أن تأخذ رقمها وتتحدث إليها ثم ترى أي نوع من الفتيات هي؟!!
بعد أن غادرت الجامعة ذهبت لتناول الغداء في أحد المطاعم الكثيرة المتراصة على شارع الجامعة, وبعد أن تناولت الغداء ذهبت مشيا أبحث عن مقهى انترنت, وفي أثناء ذلك رأيت فتاة تتحدث إلى ثلاثة شباب وكان الحديث خاصا لأحدهما, وكانت تقول: ((مروة بتسلّم عليك, وبتقول إنها ما جاتش للجامعة اليومين الماضيين لأنها تعبانة كتير ومنومة بالمستشفى, والخلوي مش معاها منشان هيك ما حكت معك)) وكان الشاب ينظر مبتسما وبلا مبالاة بالأخبار التي وصلته عن صديقته, وهو يقول: ((سلميلي عليها بس تشوفيها))!!
هذه جامعة يصنّف طلابها هناك أنهم من أكثر طلاب الجامعات أخلاقا فكيف بالجامعات التي يتكلمون فيها أنها بلا حدود في اللبس والتصرفات. فمرحبا بانعدام الأخلاق في عالم الاختلاط.[/ALIGN]
[COLOR=royalblue]محمد المسمار
"عين حائل " خاص[/COLOR]