كان أحد زملائي في العمل مَضرِبَ المثل في حُسن التعامُل ودماثةِ الخُلُق وطِيب الوِصال.. وكان هذا حاله مذ عرفته.. ثمّ بدا شيئاً فشيئاً يؤثِرُ الصمتَ وينطوي على (جواله) حتى أصبح ينظرَ إليه أكثر مما ينظرَ إلينا.. بدأت أراقِب تصرفاته عن كثب.. أختلس النظر الى شاشة جواله لأعرف ما يُشغِله عنا.. ومع مضي الأيام اكتشفت أشياء جدّ خطيرة.. ففي (قروب بالواتس) يجمعنا، يكتب لأحدهم: (ههههههههههه) وهو أمامي مكفهرّ الوجه مقطّب الجبين.. ويبارك لصديقٍ ويواسي الآخرَ بخاصية الـ(نسخ ولصق) وهو (ياكل فصفص!!).. ثم ازدادت حالته تدهوراً.. أصبح يعتمد على الوجوه التعبيرية بشكل كبير، بينما وجهه الحقيقي يكاد يخلو من أي تعبير!!
قلت بيني وبين نفسي: (يازينك يا زمان النوكيا).. جلست معه لأكاشفه بالحقيقة فاكتشفت أني لم آتيه بعلمٍ جديد.. بل (طلع أعرف مني)!! اعترف لي بأن لعنة التقنية أصابته بضمور في الشعور وتبلدٍ بالإحساس.. حتى أنه تمضي عليه ساعاتٍ لا ينطِقُ ببنتِ شفه.. ولا يلُوحُ على تقاسيمِ وجهِه أي مظهرٍ للفرحِ أو الحُزنِ أو الدهشة.. ثم انعكس أثرُ ذلك الجمود الحسّي على دواخِلِه ليُحدِث قسوةً بالقلب.. وفجوةً بينهُ وبين من حولِه!
رتّبتُ على كتِفه وقلت: إن أنت لم تُفِق مِن هذا.. فلا عزاء في موتِ مشاعِرك!!
ملاحظة:
القصة من خيال الكاتب استناداً على أحوال من حوله ولا تمتّ للواقع بصله!
مشعل النهيّر
11 pings
Skip to comment form ↓