نسمع دائما بمقولة الدفع بعجلة الشيء أو الأمر قدما,, ولكن هناك من الأمور ما يدفعك هو قدما لاتدفعه أنت. وفي مثل هذه الحال فالقرار الأذكى والوحيد لديك هو التأقلم السريع والصحيح لمواكبة مثل هذا الأمر الطارئ. هنا أشير إلي التحولات التقنية بشكل عام وتقنية الحوسبة السحابية بشكل خاص. فخدمات الحوسبة السحابية الإفتراضية أمر حتمي على الجميع عاجلا أم آجلا , إلا إن كنت تستطيع أن تجد لي في زمننا هذا من لايزال يستخدم القرص المرن.
إدراكا لهذا التحول, قد وجه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بتشكيل لجنة برئاسة مركز المعلومات الوطني متمثلا بالدكتور طارق بن عبدالله الشدي لوضع سياسات وتشريعات خاصة لضبط التنظيمات حين إستخدام أو تزويد خدمات الحوسبة السحابية. هذه التقنية رغم وجهها الجميل إلا أن تحت عبائتها الكثير من الدهاليز. وأهم مايمكن ذكره هنا هو أمن المعلومة وخصوصيتها. لكل مغنم مغرم ولم يأتي توجيه سيدي ولي العهد في هذا الوقت الحاسم إلا لتفادي المغرم على جميع المستويات الفردية وغير الفردية.
هناك بين المستخدم والمزود لخدمات الحوسبة السحابية دائما مسائل تحتاج إلي شفافية عند إبرام أي إتفاق. وهنا مكمن المخاوف التي تحتاج لمثل هذه التشريعات والضبط وبالذات خصوصية المعلومات.
أهمية خصوصية المعلومات ليس بالشيء الجديد حين تبني خدمات الحوسبة, ولذا يحتاج المستخدم من مزود خدمات الحوسبة السحابية المصداقية و الشفافية في مايتعلق بضمان خصوصية المعلومات حين معالجتها أو تحزينها أو نقلها. والأسئلة على طاولة الإتفاق متعددة, فمثلا: أين ستحفظ البيانات جغرافيا وليس إفتراضيا؟ ماهي القوانين والتشريعات في تلك الرقعة الجغرافية؟ هل هناك جهات أخرى مشاركة مع المزود في هذه الخدمات؟ هل المزود يعتمد في تزويد خدماته على مزود آخر؟ هل المزود يقيم أي شراكات تقنية مع غيره من المزودين أو أي جهة تقنية أخرى؟ وغيرها من الأسئلة التي يجب تكون في ديباجة أي إتفاق يفضي بتزويد وإستهلاك خدمات الحوسبة السحابية.
توافقا مع حجم القطاعات الحكومية وتعددها, فإنه من الممكن بناء سلسلة من مراكز المعلومات ومنصات سحابية مناطقية للإستهلاك الخاص والحصري من قبل القطاعات الحكومية. بإلاضافة إلي ذلك تجهيز منصات مشتقة أو مثيلة بنفس الهيكلة لتزويد خدمات الحوسبة السحابية بشكل تجاري لجميع القطاعات الخاصة والأفراد بأسعار لايستطيع أي مزود عالمي أن ينافسها وبتسهيلات وعروض إبتدائية لايمكن لأي مزود عالمي أن يقدمها نظرا لأن المملكة تتمتع بمقومات طالما ندر مقارنتها بغيرها من الدول كأسعار الطاقة وأيضا المساحات المتطلبة لمثل هذه المراكز دون أي عوائق مادية أو لوجستية. بذلك قد تتحقق أهداف كثيرة أهمها ضمان خصوصية المعلومة حسب التشريعات في المملكة بحرز أساسه مراكز معلومات وطنية وجغرافيا في المملكة, وأيضا أهداف إقتصادية عديدة أبرزها يتمثل بدخل مستمر ومتنامي, أيضا إتاحة فرص وظيفية بأرقام كبيرة وعلى مستوى عدة مناطق في المملكة. أضف إلي ذلك أن مثل هذه المنصات قابلة لأن تكون مكون جاذب لمستخدمين من دول أخرى على الأقل في المنطقة بشرط التسويق الذكي والمستمر والكفائة العالية في تزويد مثل هذه الخدمات.
د. خالد الهمزاني
باحث وخبير في تقنيات الحوسبة السحابية
الحوسبة السحابية بين مغنم ومغرم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.aenalhaqeqah.com/articles/1327739/