نعم .. زنزانة الماضي لا ترحم .. زنزانة الماضي لا تسمح لأحد بالخروج منها وتجاوز سياجها وحدودها إلا من رحمه الله وأنجاه .. زنزانة الماضي تقيد من يقع في شراكها .. زنزانة الماضي سد منيع في وجه من يطمح ويفكر في المستقبل !
هناك من أصبح أسيراً للماضي ، يصبح ويمسي على الذكريات الجميلة في أيامه الخوالي ، وأغرق في ذلك حتى ضاقت عليه الأرض بما رحبت ، فأصبح لا يستمتع بمأكول ولا مشروب ولا متعة من متع الدنيا المباحة بسبب انشغال ذهنه وفكره بالمقارنات بين حاضره وماضيه ، وهذا من الجهل بالسنن الكونية وعدم القدرة على التكيف مع مستجدات العصر ومتقلبات الحياة .
فالماضي لأخذ الخبرة والعبرة دون إغراق ، والحاضر للعمل والكدح والممارسة ، والمستقبل للتخطيط والتفكير .
قال الأول :
ما مضى فات والمؤمل غيب
ولك الساعة التي أنت فيها
فعلينا أن نجعل الماضي وقودنا إلى الأمام ، وليس سبباً للبقاء والإحجام .
فمهما كان الماضي جميلاً عذباً ممتعاً عطراً فإنه لن يعود أبداً !
فمن غير اللائق أن يتعلق الإنسان بأيام مضت وانقضت ، بل عليه أن يتوكل على الله ويعمل في حاضره وأن يخطط لمستقبله .
فكلٌ منا له ماض ٍ وذكريات لا تزال عالقة ذهنه ، ولكن الحذر كل الحذر من التورط في زنزانة الماضي والوقوع في شراكها حتى لا يصبح الإنسان ضحية وفريسة ولقمة سائغة لها .
بقلم : خالد بن درزي المبلع