عام هجري جديد سعيد يطل على مملكتنا ومليكنا بالخير والحب والسلام والأمن والآمان،أبدأ مقالي بالحب فالحب أساس وفطرة ينمو بها البشر،وبلا حب لايعيش الإنسان وأهم حب في حياة الإنسان حبه لخالقه ثم حبه وطاعته لولي أمره ثم لعقيدته التي إن صلحت صلح أمره كله ،ثم لأرضه التي ولد و تربى من خيراتها ونمى جسده فيها وترعرع قلبه على ترابها فجديرة هي أن يموت من أجلها...
ومليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين ملك عاصفة الحزم الملك سلمان،أولى بالحب والطاعة قلبا وقالبا لما يبذله من جهد وجهاد في سبيل راحتنا والسهر على أمننا والسعي وراء نومنا هانئين.... فطاعة ولي الأمرواجبة بالإجماع كما ورد في الكتاب والسنة وآراء الأئمة .
أما الكتاب قال الله تعالى( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )(59) سورة النساء
وأما السنة فقد جاء النصوص من السنة على وجوب طاعة ولي الأمر،فعن عبادة بن الصامت قال : " بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان " .
وعن عبد الله بن عمر عن النبي قال السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " .أخرجه البخاري..
أما حب الوطن والأرض هو من إيمان المرء،لا سيما ونحن في أطهر وأجل بقاع الأرض التي يتمنى كل المسلمون من كل أفواج الأرض السكنى فيها،وهي بلاد الحرمين الشريفين أدام الله عزها وآمانها، فإنما يكتمل إيمان المؤمن باحترامه لوطنه والإنتماء إليه ،فللأرض قيمتها المعنوية لدى ساكنيها، فعلى هذه الأرض كان مولدنا ونشأتنا ومن خيراتها تغذينا وترعرعنا ،فهل ينكر وطنه وخيراتها إلا ناكر المعروف ،وحب الوطن من منظور شرعي هو أولا معرفتك بمعنى الوطن وهو يرمز للمنزل الذي تسكن فيه،أما الوطنية فهي : العاطفة التي تعبر عن ولاء الإنسان لبلدة ..
والوطنية في بعض المصطلحات القانونية الحديثة انتماء الإنسان إلى دولة معينة، يحمل جنسيتها ويدين بالولاء لها ،والوطنية تعبر عن واجب الإنسان نحو وطنه، وعرفت الموسوعة العربية العالمية الوطنية بقولها : الوطنية تعبير قومي يعني حب الشخص وإخلاصه لوطنه ، إن الوطنية قيام الفرد بحقوق المشروعة في الإسلام .
(( والبشر يألفون أرضهم على ما بها ولو كانت فقرا مستوحشا وحب الوطن غريزة متأصلة في النفوس تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه ويحن إليه إذا غاب عنه ويدافع عنه إذا هوجم ،ويغضب إذا نقص والوطنية بهذا التحديد الطبيعي شي غير مستغرب ..... وهذه السعادة بالعيش في الوطن ،والكأبه لتركه ومشاعر إنسانية لا غبار عليها ولا اعتراض )
وقد اقترن حب الأرض في القران الكريم بحب النفس قال تعالى : ((وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ))
واقترن في موضع أخر بالدين : ((لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ))
فاذا زرع حب الوطن في قلوبنا ونمى داخل نفوسنا وتأصل فيها مع العقيدة الصحيحة فماهي حقوققه علينا؟؟
حقوق الوطن:حب الوطن أمر مشروع بعد ما كان أمرا طبيعيا , لكن هذا الوطن الذي تحبه النفوس , وتهتز له القلوب شوقا لذكراه , ويسرح الخيال متمتعا بسهوله وجباله , وأوديته , وهضابه , ومساكنه , وذكرياته , هل يكفي من شخص أن يحب وطنه ؟ ويكون بعد ذلك أدى ما عليه من حق ؟؟
هذا الوطن محل عبادتنا لربنا , فيه مساجدنا , وأهلنا وولاتنا وعلماؤنا , وأموالنا كنا فيه صغارا لا حول لنا ولا قوه، نشعر وقتها إن له حقوقا كبيره على المجتمع حيث تعلمنا أمور ديننا ودنيانا، فتيسر لنا عبادة ربنا امنين وأصبحنا قادرين على الحياة المستقرة هانئين ...
الواجب علينا كما أخذنا من الوطن أن نعطيه وما أخذناه من الطفولة , وما تلاها هو دين يقضي يوم الرجولة ويخطئ من يتعامل مع وطنه أخد بلا عطاء , ودينا بلا وفاء ويخطئ أكثر من ينظر إلى الوطن نظرة العداء أو بنظرة المتأهب والمتوثب على خيراته عند كل غفلة من رقيب .
وأن ما نقدمه اليوم للوطن لا يعدو في الواقع إن يكون قضاء لدين ووفاء لسابق فضل مع ما يحمله هذا القضاء وذاك الوفاء من عود بالخير على كل فرد في المجتمع ،ومنه المواطن نفسه والذي يمثل الوطن هم ،ولا الأمر فيه فهم الذين يعبرون عن الوطن ويسعون في خدمته، ويضعون لذلك البرامج والخطط . ومساندة ولاء الأمر في عملهم والوقوف معهم في سياستهم ،والتأكيد على أنهم محل ثقة كل مواطن بل محل تقديره واحترامه ودعائه ،وإذا كان ولاه الأمر يعملون وخلفهم شعب متكاتف متآزر متناصر مناصر لهم ،وساعدهم على ذلك ومكنهم من القيام برسالتهم ووظيفتهم في خدمة الوطن والنهوض به ...ومن بعض حقوق الوطن على مواطنيه الأوفياء ..
أولا : حق الانتماء للوطن والفخر به : الانتماء أحساس تجاه أمر معين يبعث على الولاء والفخر به والانتساب إليه ،ومبعث هذا الانتماء الاستشعار الفضل في السابق واللاحق ولاشك أن الفضل لله سبحانه وتعالى..
ومن ذا الذي يستطيع أن يحيا حياة هانئة بلا وطن ؟؟ومن مقتضيات الانتماء إلى الوطن الافتخار به والدفاع عنه والحرص على سلامته والوقوف مع ولاة أمره واحترام علمائه وشيوخه وأصحاب الفقه والدين .
ثانيا :العمل ، كل مواطن في البلد هو في الحقيقه جندي من جنودة ،والاسلام يخاطب المؤمنين في الدعوة والجهاد والسعي الى العمل الصالح ،دون تفريق بين الفرد والأخر فليس هناك جنود مسؤولون عن الوطن واخرون ينعمون بخيراته ولا يتحملون مسؤوليه اتجاهه ،فليكن شعارنا منذ اليوم (كلنا جنود الوطن)رجالا وشبابا ونسائا وفتيات ومراهقين حتى ...
فعلى كل مواطن مسلم غيور أن يحارب العدو من الخارج بما يحمله من فكر ضال وهدام من خلال البث المباشر والغير مباشر،والمسلم الناطق القوي خير من المسلم الضعيف الصامت عن قول الحق ،فقد وصانا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي رسالة يحملها عنق كل مسلم بالغ عاقل ،وليست مسؤولية رجال الحسبة أو الجنود المرابطين فحسب لإن حماية الوطن والدين من الباطن أهم من حدود الوطن ..
قال تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )110-آل عمران
(يؤمنون بالله واليوم الآخر وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين)114-آل عمران
وغيرها من الايات الكثيرة التي ربطت بين الايمان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصلاح المجتمع والدين، فلابد من الانتماء الذي يتطلب استشعار الواجب اتجاه الوطن ،وأن القادر غير معذور إطلاقا عن الاسهام في الواجب وفق اللبنة التي يتمكن من وضعها في بناء وطنه ،فكل مواطن من أبناء الوطن يتحمل مسؤولية الدفاع عن وطنه بدمه ويده وقلمه ولسانه وقلبه فلايصمت ويقل أنا لست جنديا ولست رجل أمن،بل أنت جندي من جنود الوطن مواطن عادي كنت ،أم اعلامي أو صاحب فكروقلم وأخص هؤلاء بالدفاع عن الفكر لإنهم أكثر تأثيرا على العقول بجميع شرائحها ،
أو الداعية أوالخطيب في دروسهم وخطبهم لابد أن يكون لهذا الموضوع نصيب، وكذلك الموظف المخلص في أداء وظيفته المستشعر للأمانة الموكولة إليه فلا يتعاطى الرشوة ولا يقدم على تزوير ولا يهدر المال العام ..
وكذلك من الأهمية بمكانة أن نذكر برجال الأمن وحراس الحدود والثغور ومكافحة المخدرات ،وحراس الأمن الفكري ( مراقبي المطبوعات ) كل هؤلاء جنود الوطن وهم على ثغور مهمة فيه يرعونه ويحتسبون الأجر وثواب في المحافظة على هذا الواجب العظيم ،
ثم التاجر الذي يحرص على إن تكون تجارته في بلده ووطنه ينفع برأس ماله ماله وإرباحه أبناء وطنه وكذلك المزارع والمهندس والطبيب وكل هؤلاء عندما يدركون واجبهم تجاه مجتمعهم ويتحملون مسؤوليتهم بأداء العمل المنوط بهم بأمانه وإخلاص وصدق ووفاء فلا غشش ولا خديعة ولا كذب ولا تزييف ولا تهاون ولا تفريط ..
ثالثا :الدفاع عن الوطن وأهميه القتال من اجل الديار والأبناء فيما لا يتعارض مع الإسلام، وان هذا جهاد في سبيل الله ويأتي هذا بناء على القاعدة الشرعية ،فمن مكارم الخالق عز وجل أن الإنسان ينال الشهادة والوعد بالجنة إذا مات دفاعا عن دينه الإسلام،فهنيئا لجنودنا الشهداء البواسل اللذين أزهقوا أرواحهم دفاعا عن الإسلام والمسلمين على حدود الوطن في عاصفة الحزم،ولنعلم أبنائنا الدفاع عن دينهم ووطنهم بالدم والروح والغالي والنفيس ...
والجهاد في سبيل الله من أعلى مراتب الإيمان ويكون ليس بالنفس فقط ولكن بعدة أمور كما في الآية الكريمة (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون). الحجرات آية 15
وثواب الجهاد في سبيل الله الشهادة ومعروف ما مدى الفوز بالشهادة وماأسعد نائلها ..﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111].
والدفاع عن هذا الوطن لا يعني حمل السلاح والمواجهة العسكرية فقط , بل يتجاوز ذلك ليشمل معه كل إسهام يخدم الوطن ويترتب عليه إصلاح في الدين والدنيا، فتقويه أواصر المجتمع وتفنيد الشبه والتصدي للشائعات ومواجهتها بإبطالها وبمزيد من التلاحم والدفع عن أعراض الولاة والعلماء والبلد عموما، والتعاون مع أبناء الوطن فيما يخدم رفعة البلد ويرقى به ويصلح أحواله وينأى به عن كل ما يضر به هو لا شك أداء لصورة من صور الدفاع عن الوطن .
وحبنا لأرضنا وديارنا التي يتحقق فيها تطبيق ما تأمر به العقيدة ،لا ان يجعلنا نخدم وندافع بل ونستميت في سبيل الحماية والدفاع عن هذا الوطن ،ونسعى خلف من ولاهم الله ولايته للرد على كل كائد وحاسد وإلا كان حبنا حبا فارغا لم يؤثر على سلوكنا وحياتنا .
والمسؤولية الخاصة في الدفاع عن الوطن تتضح أكثر عندما نذكر بأن الفقهاء يقولون : أن الجهاد يتعين في ثلاثة مواضع أحدها أذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم ..
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من قتل دون ماله فهو شهيد )) ومن أغلى الأموال الأرض التي نسكنها ونحيا عليها ولا يصح أن نفرط في أوطننا وأراضينا بل الحفاظ عليها أمر واجب شرعا .
ومسؤولية رعاية الوطن وحفظه من الأعداء مسؤولية كل مواطن بالغ عاقل له قلب يحوي حب وطنه ودينه،كما جاء في الحديث الشريف ..
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، -قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ- وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ))
[أخرجهما البخاري ومسلم في صحيحهما عن ابن عمر]
أيها الأخوة, الله سبحانه وتعالى في سورة العصر حينما قال:
﴿إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾
[سورة العصر الآية: 3]
لكن التواصي بالحق يحتاج إلى مؤهلات، من أبسط هذه المؤهلات: أن تكون أنت مثلاً أعلى، بمكانك أن تتحرك وأنت ثابت .
إذا كنت مثلاً أعلى الناس ينظرون, يراقبون, يلاحظون, يتأملون، فمن أوسع أنواع التواصي بالحق: أن تطبق الإسلام، أن تقيمه في بيتك، وأن تقيمه في عملك .
أما علاقة هذا الحديث بالآية الكريمة: فهو أن الإنسان يُسأل عما استرعاه الله بالدرجة الأولى، أنت مسؤول عن هؤلاء الذين استرعاك الله عليهم، أنت مسؤول عن هؤلاء الذين ولاك الله عليهم، أنت مسؤول عن زوجتك, وعن بناتك, وعن أولادك, الذين جعلهم الله تحت إمرتك، وجعلك قيماً عليهم، فحتى يتحرك الإنسان حركة صحيحة ضمن الأصول, عليه أن يعتني بمن أوكلهم الله إليه، فالحديث يقول:
هذا الحديث أصل في تحمل المسؤولية التي سوف يحاسب عنها الإنسان يوم القيامة..
بالمناسبة: لكن هذه المسؤولية يفهمها بعض الناس على أنها مسؤولية مادية، فالأب يتوهم أنه بمجرد أن يجلب لأولاده طعاماً وشراباً، وأن يؤمن لهم كساء في الشتاء ووقوداً, وما يحتاجون من حاجات مادية، فقد أدى الذي عليه .
والحقيقة: أن المهمة الأكبر والأخطر، والتي سوف يكون السؤال عنها أشد هي: مسؤولية الأب عن دين أولاده, وعن أخلاقهم, وعن مستقبلهم الأخروي، لأنه ورد في الأثر: أن الابن إذا لم يعتن أبوه بدينه واستوجب النار، يقول: يا رب لا أدخل النار حتى أُدخِل أبي قبلي .
فالآباء الذين يعتنون بأبنائهم من حيث: طعامهم, وشرابهم, وكسائهم, وحاجاتهم المادية، ولا يلقون بالاً لدينهم, وأخلاقهم, وصلاتهم, ومستقبلهم الأخروي, ومصيرهم إلى الجنة أو إلى النار، هؤلاء الآباء قدموا شيئاً زائلاً, ينتهي بانتهاء الحياة .
فالنبي عليه الصلاة والسلام حينما يقول:((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)) الرعاية لا تتجزأ، الرعاية وحدة متكاملة، كما أنك ترعى صحته, عليك أن ترعى دينه، كما أنك ترعى حاجاته المادية, عليك أن ترعى حاجاته الروحية، كما أنك ترعى في ابنك ارتباطه في البيت, يجب أن ترعى ارتباطه بالله عز وجل .
حقيقة أذكرها لكم مستنبطة من آية كريمة، ولها علاقة وطيدة بهذا الموضوع، لا تقتضي الرعاية العنف ولا القسوة . النبي عليه الصلاة والسلام يقول:((علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف))
[أخرجه الحارث في مسنده عن أبي هريرة]
( أنا أرى أن التحصين الداخلي للابن أنجع من المنع الخارجي، الكبت ربما انتهى إلى انفجار، المنع الخارجي ربما أغرى الابن بالانحراف، أما إذا حصنته من الداخل بالعلم, بالإقناع, بالتعليم, بأن يعيش في بيئة راقية, هذا أرقى بكثير من أن تكون قامعاً له، القمع قد يؤدي إلى انحراف خطير، لكن التحصين الداخلي بالعلم, هذا يؤدي إلى تحصين خارجي.
لذلك سيدنا علي يقول: العلم خير من المال, لأن العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة, والعلم يزكو على الإنفاق .)
لقد أطلت الحديث وتفرعت لمسؤولية تربية الآباء لأبنائهم وبناتهم لأنهم الأساس في تربية مواطنين صالحين ،وفي زراعة الأفكار الصالحة الإسلامية البناءة ،وعدم ترك بيئة صالحة للأفكار الضالة للإرهاب وتضليل المراهقين عن الطرق النيرة الإيمانية المستقيمة ..
أبناؤنا يضيعون من بين أيدينا والسبب ضياع الحب من بين قلوبهم ومن حولهم ،ضياع الوازع الديني أولا من عقولهم والتشكيك في معتقداتهم ،وتحويل محبتهم إلى كراهية وشحنات سلبية والسبب البث والأفكار الهدامة التي لانراها ولانسمعها ولانعرف مصدرها؟؟
فراقبوا أبنائكم واقتربوا منهم أكثر وأكثروا وأغدقوا عليهم من حنانكم وعاطفتكم ،وعلموهم أنكم تحبوهم وأن أهم حب في حياتهم هو حب الله ،ثم حب المليك والدين والوطن ،علموهم الولاء والوفاء للدين والوطن والمليك وولاة الأمر وأن مصلحة الوطن من مصلحة الشعب ,,
وكل عام هجري وأنتم وأبنائكم بحب وأمن وآمان والشعب السعودي بسعادة وخير ومن حسن إلى أحسن ..
تويتر :سحر عبدالله خان
sahar.khan@outlook.sa