أصبحت البطالة شبحاً ينتظر أجيال ناشئة ويلوح إليهم من بعيد، حيث أصبح الشباب يحمل أعباء العمل على عاتقيه بينما لازال في مراحله الدراسية، ثم يلتحق بكليات القمة أو غيرها وبعدها يُتِم دراسته الجامعية ليبدأ رحلةً طويلة في البحث عن العمل، الشباب ويمكن أن تتحول هذه الرحلة إلى حلم الوصول إلى وظيفة، وقد أصبح الآن واقعاً ملموساً لدي الكثير من الشباب على مستوى الوطن العربي .
وقد ترتب على ذلك توالد الأفكار الخاصة بالسفر خارج الوطن متضمناً في ذلك مأساة الهجرة الغير شرعية وما تؤول إليه الأمور من عواقب وخيمة، بل وقد صارت أحلام الهجرة ملاصقةً لهم كطوق النجاة من شبح البطالة المرعب والمؤلم .
وبالتمحيص والبحث وراء الأسباب الداعية إلى هذه الأزمة، فنجد أنها تختلف ما بين أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية، وبالكاد فإنها تختلف من دولة لأخرى ومن مجتمع لآخر حسب سياساته وأنظمته الاقتصادية المتبعة لديه وما ينتج عن الأزمات الاقتصادية العالمية والتي تلقي بآثارها على الجميع، وقد تتنوع الأسباب السياسية والاقتصادية ومنها:
- اعتماد العديد من الحكومات الرأسمالية على سياسات تقليل الإنفاق على المشاريع الاستثمارية المتنوعة مما نتج عنه انخفاض معدل الطلب على العمالة .
- بظهور وسائل التكنولوجيا الحديثة والعالم الإلكتروني الجديد والذي شغل حيزاً كبيراً وقد حل محل الإنسان أو الأيدي العاملة البشرية في كثير من الصناعات .
أما عن الأسباب الاجتماعية للبطالة والتي في الغالب هي أسباب عامة ومشتركة بين الكثير من دول الوطن العربي :
- تدني أساليب التعليم الحديثة والتمسك بالأساليب القديمة برغم الحداثة المعلوماتية الكبيرة على كافة
الأوساط .
- إهمال المواهب والقدرات العلمية والفنية والثقافية لدى الناشئين وعدم الاهتمام بها والعمل على تنميتها وإثرائها، مما تسبب في اندثارها أو الهجرة إلى الدول الأوروبية المتقدمة لما تقدمه من إعانات ومنح واهتمام بهذه القدرات وهذه المواهب .
- ارتفاع أعداد المواليد بشكل مبالغ فيه مما يزيد معدل النمو السكاني دون الزيادة الاقتصادية أو معدلات الاستثمار في المقابل .
- قلة التوعية والتحفيز على أهمية العمل منذ التنشئة كي ينشأ جيل يقدر أهمية العمل ودوره ببناء الأمم ورفعتها .
- قلة أعداد المستثمرين واعتمادهم على العمالة الأجنبية في كثير من المجالات .
- عدم طرح فرص للشباب القادر والراغب في العمل ولديه أفكار خلاقة لبناء أسواق جديدة للعمل .
- تهميش دور المرأة في كثير من دول الوطن العربي مما أسفر عن طمث دورها الخلاق والفعال بالمجتمع وسوق العمل .
وتعد الأسباب الداعية للبطالة عديدة ومتشعبة وتختلف من مجتمع لآخر، ومن المتعارف عليه عند معرفة الأسباب الداعية للأزمة إيجاد حلولٍ لها قدر الإمكان للتقليل منها في المستقبل، ويمكن أن تتنوع الحلول حسب الإمكانات والموارد المتاحة وقدر التوعية والمعرفة لدى الأنظمة والحكومات والمجتمعات :
- توفير الفرص للشباب القادر على العمل ولديه الرغبة في العطاء والكسب بالطرق المشروعة أن يبدأ العمل وتذليل العقبات التي يمكن أن تواجهه .
- تحسين الأنظمة التعليمية وتحديثها كي تتماشى مع العصر الحديث الذي نعيشه، والاهتمام برغبات ومواهب النشء الجديد والعمل عليها بتنميتها وإثرائها لخلق علماء وكوادر بكافة المجالات المختلفة .
- على الأنظمة والحكومات أن تعمل على زيادة الاستثمارات وخلق فرص عمل جديدة ليلتحق بها الشباب الراغب بالعمل .
- تقليل التكاليف والضرائب على أصحاب المشاريع الصغيرة والفردية، لحثهم وتحفيزهم على العمل والإنتاج.
- زيادة الأدوار التوعوية لفوائد العمل وأهميته في المجتمع والترغيب فيه وترسيخ مبادئ ديننا الحنيف، فكما قال الله تعالى (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون )) وقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على العمل و إتقانه في كثير من أحاديثه الشريفه
شبح البطالة
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.aenalhaqeqah.com/articles/1359563/
1 ping