أتسائل أحياناً كلما وجدتني أتعمق في البحث والتواصل مع الآخرين عبر "النت" وبرامجه وتطبيقاته في أجهزتنا القابعة في جيوبنا دائماً
والتي تجاورنا عند مضاجعنا -أشبه بتوأم سيامي ملتصق!- أقولُ أتسائل ما الذي جعلنا بهذا التلاصق المشين مع هذه الأصنام الناطقة!
حتى أننا نسينا معانٍ إجتماعية كثيرة ومنها : أننا جزء من نسيج إجتماعي وليس تقني بالمقام الأول! ، نحن خُلقنا من طين وليس من
أسلاك "شواحن" أو شاشات لمس إلى هذه الدرجة! ، ثم إنني أتسائل -وما أكثر ما أتسائل هنا- هل كانوا كفار قريش ما قبل الإسلام
يلازمون أصنامهم في طقوسهم العبادية كما هي حالتنا ونحن نلازم جوالاتنا في حالة تواصل إفتراضي ليس إلا؟!
على كلٍ ، فمثل هذه البرامج أفقدتنا الكثير - وأفقرتنا كثيراً - من كنوز عظيمة في حياتنا ، منها التأمل مع الذات والنفس! ، فكلما
أحسسنا بالعطش الروحي تجاه الآخر لا نلبث وأن ننقر أصابعنا في برامج الواتس أب وتويتر ومثيلاتها! ، بل أن أشكالنا في مجالس
الضيافة باتت على قدرٍ كاف من أن نخجل على أنفسنا ونحن نطلب رقم "الواي فاي" علناً وبلا إستحياء!.
في نقاش عابر مع إحدى الأخوات في تويتر -مجلس المجتمع السعودي!- تقول بورك فيها : أن أجمل شيء في رمضان هو عدم إستقبال
الضيوف لكثرة الأشغال اليومية من غسل للأطباق وتنظيف للمنزل! ، كلام مثل هذا ربما يُعيدنا إلى آفاق إجتماعية رحبة كانت قديماً
ولا تزال في مدى الترحيب بالضيف وإعتبار ذلك واجب حتى بغير "رمضان"! ، فكيف إذا زارك ضيفاً في شهر فضيل! ، تُكمل الأخت وتقول:
أنها ليس لديها إستعداد -ولاحظوا التبلد- بأن تستقبل أي ضيف كان ، والأسباب واهية وتافهة جداً.. ومؤكد أن هذا مثال لجيل مضروب
غير معني بأهمية ما معنى أن يزورك ضيف ومن واجبك أن تقدم له أفخر ما يُقدم.. ولذا فأنا عتبي ليس على هذه السيدة أبداً ولكن
أعتب على برامجنا وإعلامنا وتواصلنا المقتصر على "نغمة" واتس لا أكثر! ، أعتب بأننا وصلنا إلى "جيل" ميّت إجتماعياً فلا مناسبات
يحضرها ولا ضيف يدرك أهميّة حضوره لديك ، ولا وقت يحترمه في رمضان ، ولا عمل منزلي يستطيع القيام به! ، هذا الجيل إذا ما نهض
بنفسه فلن يجد الذراع التي يستند إليها في وقت قادم قريب! ، وإن أراد الحفاظ على مستقبله من توافه "العصر" الحديث فليؤمن جازماً بأن
التواصل الإجتماعي أعمق بكثير من "نقاش" عقيم في هاشتاق تويتري فارغ!
وليد آل مساعد
كاتب سعودي