خصام الدم ...
هل جافاك النوم ليلا لانك في خصومة مع والدك أو عمك أو أخيك أو قريبك ؟
هل انقبض قلبك وغادرتك الإبتسامة لأنك جرحتهم بكلمة أو ظلمك هو بسوء ظنه؟
هل شعرت يوما بالوحدة تقتلع جذورك رغم ازدحام القلوب المتحجرة حولك بسبب غضب أو خصام أو قطيعة ؟
ألا يكفيك في خصامك أنك منبوذ من رحمة الله .. ألا يمنحك الشعور بإغلاق أبواب الجنة بوجهك الشعور الحقيقي لمعنى غضب الرب لأجل الدنيا الفانية .....
إن الخصام الذي يسبب عدم المغفرة هو الخصام المؤدي لساحات العداوة وميادين التباغض ، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا....
رغم أن الحياة خضم متلاطم بكل مانريد ،، ورغم أن المساجد موجودة ودور الرعاية تنتشر والمصلحين موجودين والكتب تنتثر في كل مكان ... إلا أن الجهل ينتصر ويتفوق على مشاعرنا ويحجر أفئدتنا ، لأننا نفتقد الحب بيننا .. لا نحتاج لمن يقودنا لنتعلم كيف نحب أهلنا وأخوتنا ونتواصل مع عمومتنا ونترابط مع كل من يربطه صلة الدم بنا
نفتقد فقط لتلك الفطرة النقية التي كانت تجعل الأب هو النبض الذي يمدك بالحياة والأخ هو الروح التي تتصل بك لتمنحك الشعور بالفرح والإكتفاء ، والقريب هو السند الذي يقوم اعوجاجك ويواجه عواصف الحياة معك ، تواضع لوالديك ، وعز قريبك ، أخفض رأسك لشقيقك وكن كتفا تحميه ،وصدرا يذود عنه لاتجعل كل كلمة وتصرفا مسمارا في جدار الإخوة والقرابة حتى لاينهار الجدار وتتمزق أجمل العلاقات الكونية ،
أيها الأخوة الكرام, عقد الإمام النووي باباً, في كتابه رياض الصالحين, سماه باب: النهي عن التباغض, والتقاطع, والتدابر، وافتتح هذا الباب بآية كريمة، هي قوله تعالى:
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾
[سورة الحجرات الآية: 10]
وأقدس علاقة بين رجلين هي: علاقة الأخوة الإيمانية، لذلك: هذه العلاقة لا تحتمل أي شائبة، والله عز وجل حينما قال:
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾
الأصل في العلاقة بين المؤمنين هذه الأخوة، فإن لم تكن كذلك, فهي حالة مرضية, تقتضي المعالجة والدليل، قال تعالى:
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾
الحياة قصيرة جدا ،، لاتحتمل خصام الدم ولا القطيعة والتباغض
والقبر سيحتويك وحيدا فاجعل الدنيا تستقيم بوالدك وإخوتك .. لاتحطم فؤادك وتكسر كبريائك وشموخك وتهشم مجاديفك في الحياة .. اجعل اخوتك جبرا لأحزانك وحزاما لشروخ حياتك ، اجعل ضعفك وغضبك ومشاحناتك مع إخوتك بين يدي الله ..فقط بث شكواك وضيقك لله وحده إذا التهبت نفسك من قريب وإذا احترقت أحلامك بسبب خال وعم وابن عم
وإذا تصدع بنيان روحك بسبب أب أوشقيق ...فقط قل يا الله ..ثق بأن الجبار سيحل عقدتك ويزيح همك ويمسح على قلبك ..ويجبر لك كل هم وغم ويداوي الجرح ويكفكف الدمع فكل أسى هو رافعه وكل بلاء هو كاشفه وكل قطيعة هو جابرها .... تواصل مع إخوتك وصل رحمك تنال رضا ربك
وتأكد بأن لانجاة من الموت ولا راحة في الدنيا ولا سلامة من كلام الناس فلا تجعل بينك وبين أخيك شقا مفضوحا وصدعا مكشوفا .
عبدالمجيد الذياب
( صحيفة عين حائل الإخبارية )
1 ping