الثلاثاء 20/جمادى الأولى من عام 1439هـ كان يوما حزينا وخبرا مفجعا لأهله ومحبيه الكثر ،هكذا هي سنّة الحياة ....
فهد السوادي ...رحل بصمت وهدوء كحال شخصيته وانتشرت الرسائل الحزينة بوسائل التواصل الاجتماعي تحمل لنا خبر رحيل أبا نايف دون رجعة ...
نعى نفسه رحمه الله قبل سنوات في قصيدة مؤثرة أبكت الجميع في يوم وفاته صغارا وكبارا نساء ورجالا بعد أن تأكد رحيله بحادث مروري مروّع أثناء عودته من عمله خارج مدينة حائل يقول في مطلعها :ـ
وجاني الموت طالبكم تغاضوا عن بعض زلاّت .... رحلت ووجهتي صعبة عساها تثبت أقوالي
وداعا ياهلي وربعي وداع مفارق اللذات.... طريق نسلكه لازم قصر هالعمر أو طالي
وفي حالة ذهول تبادل الناس في حائل وخارجها خبر وفاته بأسى وحزن حتى الذين لا يعرفوه تأثروا بهذا الرحيل المر، وعاشت حائل حزينة ليلة الأربعاء لأن من يعرف فهد الإنسان بأعماله وطِباعِه يدرك أنه فقيدة ورحيله مؤثر.
ومن يعرف فهد (البار ) بوالديه سيتألم لحال والدته من بعده جبر الله مصابها وقد أوصاها الفقيد قبل وفاته ألاّ تحزن على فقده بقوله:ـ
يا يمّه كفكفي دمعك طلبتك ما أبي دمعات .... . شوي شوي يا يمّه على قلبك وما شالي
أنا أدري فيك يا يمّه وقلبك ممتلي عبرات ..... تراعي كل من حولك شغلتي الفكر والبالي
رحلت وطالبك يمّه بموتي أكثري دعوات ..... الآقي (بيّي ) بجنّة مكانه وسطنا عالي
ومن يعرف فهد (الأب ) وطريقه تعامله مع زوجته وأبناءه سيتأثر كثيرا لحال أسرته من بعده حيث لم ينسى زوجته في قصيدته التي قال فيها:ـ
وداعا زوجتي وبيتي رحلنا عنّكم بسكات ..... ولا به فرصه أتأخر .. أجي وأودّع عيالي
ومن يعرف فهد (الأخ )وبرّه بشقيقه وشقيقاته سيدرك أنه ترك فراغا كبيرا يصعب تعويضه وقد قال رحمه الله:ـ
وداعًا يا خوات الروح غلاكم ما يبي إثبات ...... قسم بالله ما أذكر طريقٍ خضته لحالي
وداعًا يا أخو يا أب عضيد ويمنع الكسرات ...... ولا يحتاج أوصّي بيوم تراعي البيت والحالي
ومن يعرف فهد (الصديق والزميل والرفيق) يدرك يقينًا أنه فقد جزء من روحه حيث قال بأصحابه :ـ
وداعًا يارفاقة درب / وداع البر والشّبات ...... سريت بصمت والمشهد مكاني للأسف خالي
فهد السوادي الذي تحدث عنه الجميع وتأثرت برحيله جموعًا كبيرة حضروا للصلاة علية وشيّعوا جنازته بالمقبرة لم يكن ذا مال أو جاه أو منصب رفيع بل كان ( إنسان) بما تحمله هذه الكلمة من معانٍ صادقة ولذا حظي بهذا الكنز الكبير من المحبين ، الداعين له بالرحمة والمغفرة والساعين له بأعمال الخير والصدقات الجارية بعد مماته في صورة تمثل الأنموذج الصادق لهذا المجتمع المترابط.
فهد السوداي قدّم لنا درسا نموذجيا مجانيا وهو تحت الثّرى مفاده أن الإنسان يستطيع أن يُوجِد له مكانة عالية بين مجتمعه من خلال خصال عديدة وأعمال جليلة حتى وإن كان لا يملك المال والجاه ، ومن شاهد الجموع الغفيرة التي حضرت للمسجد والمقبرة ، ومقدار التأثر الكبير برحيله يدرك مكانة وقيمة هذا الإنسان حتى أنك لا تستطيع أن تميز القريب من الصديق من الجار من شدّة التأثر والحزن الذي خيَم على الحضور.
رحم الله ذاك الوجه الباسم والقلب الطّيب وأسكنه فسيح جناته ، وجبر الله مصاب والدته وزوجته وأبناءه وإخوانه ومحبيه وجمعنا الله وإياه ووالدينا بالجنة إنه سميع مجيب.....
فهد عيسى الموكاء / حائل
2/6/1439هـ
1 ping