تتبوأ وزارة التعليم مكانة رفيعة بين كافة الوزارات، فهي الوزارة الأم التي لا يمكن بحال الاستغناء لأي فرد من أفراد المجتمع عن خدماتها، فمنها وإليها تتقدم وتنهض المجتمعات في كافة المجالات.
مهما تحدثنا عن التعليم وأهميته سوف يظل المرجو والمأمول أكثر مما نتخيل، وستظل هي الوزارة الفريدة التي تحتاج على الدوام إلى المزيد من التحديث والتطوير، إذ ينتظم بها ما يزيد على خمسة مليون طالب وطالبة ونصف مليون معلم ومعلمة في التعليم العام، هذا عدا التعليم العالي ومنسوبيه من الطلبة والطالبات وأعضاء هيئة التدريس من الجنسين.
يؤثر المجتمع في التعليم ويتأثر به، وبينهما توافق وائتلاف في تناسب طردي جنباً إلى جنب، ينهضان معاً ويتخلفان معاً، وهذا ما يدعونا لطرح مشكلات التعليم أمام الرأي العام، فالإحساس بالمشكلة والاعتراف بها هي بداية الحل لكافة القضايا التي تهم التعليم والمجتمع بوجه عام؛ فالمجتمع اليوم ليس كما الأمس، والتغيرات التي طرأت على الساحة الاجتماعية في الوقت الحاضر تقتضي التفكير في المستقبل، وعندها نتساءل: كيف يمكن للتعليم أن يواكب التغيرات في المجتمع التي حدثت مؤخراً ؟.
من القضايا الأكثر إلحاحاً في الوقت الحاضر، والتي يجب البحث فيها ومعالجتها هي "المقررات الدراسية، وزمن الحصة الدراسية، وحصة النشاط المدرسي"، إذ أن المقررات الدراسية لا تزال هي القضية الكبرى التي يجب التركيز عليها بالمزيد من البحث والاستقصاء سواءً في صياغة مفرداتها، أو تحديد موضوعاتها المدروسة، أو مناسبتها للواقع في الحاضر والمستقبل، أو حتى مناسبة المحتوى لزمن الحصة الدراسية، أو مراعاة مستواها للفروق الفردية بين الطلاب، ناهيك عن بعض الموضوعات التي ينبغي أن تراعي الخصوصية بين الطلاب والطالبات، فليس كل ما يتم دراسته ويكون ملائماً للطالبات يتناسب وتدريسه للطلاب والعكس صحيح، علاوةً على أن بعض الموضوعات التي يتم تدريسها قد تجاوزها الزمن بكثير يقتضي حذفها والتفكير في البدائل.
عند التفكير في الرؤية 2030م يتوجب مراعاة حاجات المجتمع في التعليم على وجه الخصوص باعتبار الحديث يدور حوله، ما يستلزم التفكير في تغيير النمط الذي درجت عليه وزارة التعليم عقوداً من الزمن دون أن تتبنى إجراءات عملية يمكن من خلالها السعي في إصلاح التعليم بما يتوافق مع حاجات الناس ويلبي الطموحات.
من هذه الاجراءات التي يمكن تبنيها هو مراعاة الجوانب الإنسانية للطالبات والمعلمات بما يتفق مع أوضاعهن " النفسية والفسيولوجية"، ما يستلزم التخفيف من عبء اليوم الدراسي من خلال خفض زمن الحصة الدراسية للطالبات بما لا يزيد عن "40 دقيقة" بفارق خمس دقائق عن الطلاب المقرر بـ" 45 دقيقة" للحصة الدراسية الواحدة، إضافةً إلى إلغاء حصة النشاط المدرسي للطالبات التي اعتمدتها وزارة التعليم مؤخراً، ما ينتج عنه زمن فائض لا يقل عن ساعة كاملة يترتب عليها مصالح على مستوى الفرد" الطالبة والمعلمة" و الأسرة و المجتمع بوجه عام.
فوائد عديدة يمكن للمجتمع الحصول عليها جَرَّاء تخفيض زمن الحصة الدراسية للبنات منها: ضمان وصول المعلمات إلى منازلهن بفترة ساعة على الأقل للتفرغ لإعداد الطعام واستقبال أبنائهن، وإحضار الأبناء الصغار من المدارس بعد أن تَمَّ مؤخراً السماح للمرأة بقيادة السيارة، وتفادي الزحام الذي قد ينشأ عند خروج الطلاب والطالبات في ذات الوقت واللحظة، هذا عدا منح الطالبات فرصة الانصراف مبكراً قبل انصراف الطلاب، لضمان عدم وجود معاكسات من قبل الشباب المتسكعين الذين يخرجون من مدارسهم بالتوافق مع خروج الطالبات، وملاحقة الطالبات ومضايقتهن في الطرقات، والذي يستدعي مضاعفة رجال الأمن لجهودهم المشكورة في الرقابة والرصد.
ختاماً: نعلم مدى حرص معالي وزير التعليم على النهوض بوزارته، وتحقيق حاجات المجتمع ورغباته، ونحن على يقين أن مثل تلك الرؤى والملحوظات سوف تكون أمام معاليه، لتدارسها مع معاونيه، والخروج بالتوصيات المناسبة، والتوجيه بما يلزم وفق ما تقتضيه المصلحة العامة، وبما يتوافق مع رؤية 2030م.