مع بدء شهر رمضان ودخولنا في فترة الاجازات هذا العام، تكثر الولائم والمناسبات المتنوعة من اقامة الاحتفالات وولائم المناسبات وغيرها والتي أغلبها أسرافآ في الطعام وغيره من مظاهر التبذير المصاحبة والتي تخالف الدين الحنيف وأعراف المجتمع التي تحث على الاعتدال وعدم البذخ والإسراف ونظرا لتصاعد هذه الظاهرة في الفترات الاخيرة فقد ظهرت دعوات بضرورة ترشيد الانفاق على الولائم والمناسبات، كما كان لبعض الجهات الاجتماعية دور في الحد من آثارها ومنها مشروعات حفظ النعمة وتوزيع الفائض من الولائم التي تتبناها الجمعيات الخيرية الاسراف في الولائم و في رمضان من الظواهر الملاحظة لا سيما في فصل الصيف، ومناقشته وإيجاد الحلول له تعد في غاية الاهمية خاصة مع اطلالة اجازة الصيف وبروز هذه الظاهرة حيث يتم هدر النعمة، ولهذا كان من الواجب على افراد المجتمع التعاون لحفظ فائض الطعام من الهدر والإهانة فى المناسبات، وبشكل ايجابي امتثالا لقوله تعالى (ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين) ولهذا فان من الخطوات التي تحد منها تكوين جمعية او لجنة في المحافظات والمناطق والتي تختص بحفظ النعمة، كما يحتاج الامر الى توعية لنتدارس الموضوع حتى لا يحل علينا غضب الله.
بعض الجمعيات الخيرية تقوم بجهود مشكورة ولكن الأمر يحتاج إلى حملة توعوية وآليات وإسهامات جديدة مكثفة، يجب الاخذ على يد الجاهل وتوضيح الامر له لقول الله تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) والقصة القرآنية فى القرية المترفة الفاسقة التي بطرت فحق عليها العذاب وهي معروفة للجميع.
ديننا الحنيف علمنا آداب الطعام، فأمرنا بالاعتدال، ونهانا وحذرنا من التبذير والإسراف، وتاريخنا يروي لنا مآسي مرت من الجوع والفاقة حملت الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه أن ينشئ عام 1327هـ داراً للضيافة في ثليم والشميسي والخرج يأكل فيها عامة الناس ويأخذون ما يشاؤون من الأرز لمنازلهم. وأما اليوم فنحن ولله الحمد في أحسن حال تأتينا خيرات الأرض من كل مكان في زمن تشير فيه تقارير الأمم المتحدة حول الجوع في العالم إلى وجود أكثر من مليار إنسان يعانون من الجوع كما تشير أن إهدار كمية من الطعام تقدر بـ1.3 مليار طن سنويا، بما يزيد على أربعة أضعاف الكمية المطلوبة لحل أزمة الجوع في العالم.
ربما يظن البعض أن هذه الارقام لاتعنينا، يضمن ذلك من نسي حديث الاجداد عن سنة الجوع، ولم يحمل هما للأسر الفقيرة والمحتاجة وأسر الأيتام، والمحتاجين من الاخوة الوافدين للعمل في القطاعات الخدمية من نظافة وتشغيل وصيانة ومقاولات ولم يتدبرو قول الله جل وعلا «اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ «[سبأ: 13].
في المملكة تنتشر جمعيات البر الخيرية التي تهدف إلى التكافل الاجتماعي في رعاية الفقراء والمحتاجين، ويدعمها المسؤولون ورجال الاعمال وأهل الخير من المواطنين، وتتنوع الأعمال التي تقدمها هذه الجمعيات لمساعدة الفقراء والمحتاجين حسب الفئة المستهدفة، الا أنه يشوه هذا الصورة ممارسات البعض بالتخلص من بقايا الطعام في القمامة ومع النجاسات وقد كشفت التقارير المحلية أن نسبة هدر الأرز المستهلك في المملكة سنويًا تتراوح ما بين (35-40) %، بقيمة تصل إلى (1.6) مليار ريال تقريبآ.
هذه الظاهرة غريبة في مجتمعنا، ونحن في المملكة سباقون لمعالجة مثل هذه القضايا ونتمنى على المؤسسات الحكومية إيجاد البيئة النظامية للحد من هذه الظاهرة، وإقرار برنامج رقابي على أنشطة للأستفادة من بقايا الطعام .
بقلم
عبد المجيد شليل الحربي