منذ أن أبصرنا في هذه الدنياء قبل ما يزيد على خمسين عاما وجدنا من حولنا أباء وأجداد عشنا بينهم يكسوهم الورع في الدين والعلم في معاني قرآننا الكريم وفي علم التوحيد والفقة وغيره حتى لا يكاد بيت يخلوا من مكتبة خاصة منهل العلم والدين لتلك البيوت عاش أبائنا وأجدادنا بيننا عيشة دافئة يكسوها الود والوئام وقلت الجدال . كل يسير على طبيعته دون نقد او إنتقاص بحق الاخرين الى درجة انك تكاد تعتقد أن تلك الصفوة من الأباء والأجداد يكادون لا يفقهون شيء اعتقاد سائد في طفولتنا البريئة وفي الورع السائد بين هؤلاء الصفوة الذين تركونا الى مثواهم الاخير بجنان النعيم ان شاء الله .
هذا التعايش الوسطي أوجد الألفة والمحبة وعبادة لله تعالى دون تدخل في الغير أو المساس من عبادته والمبنية على النوياء الطيبة والحسنة بعيدة كل البعد عن نقد أو تجريح أو تنقيص للغير وهذا بالطبع ليس قلة في العلم او الفقه في الدين بين أوساط ذلك الأباء والأجداد وأنا أجزم أن بعضهم أعلم وأكثر فقه في الدين من غالبية جيل اليوم ممن حملوا شهادات علياء . إنما هو إتباع للوسطية وتجنب المئاثم في حق الغير كانوا من شدة غيرتهم على دينهم ولتوسيع أفاقهم وتفقههم في الدين يقتنون ويقرؤون لبعض الكتاب الملحدين وبعض من أقوال الشيعة والنصارى واليهود غايتهم فهم ما يضمرونه لديننا الإسلامي الحنيف فتجد بعض منهم وبحكم فطرته الدينية الغيورة على الاسلام يرد بقلم مليء بالعلم والثقافة الدينية داعما رده بأدلة شرعية وإسهابات منطقية لا يشوبها إندفاع أهوج أو رد بتعصب أخذين بالأعتبار الوسطية في القول والعمل ( لكم دينكم ولي دين )
هذا التيار الوسطي الذي عشناه في طفولتنا وفي صبانا نكاد نفقده هذه الأيام بين أوساطنا الإجتماعية سواء في مجالسنا العامرة بالأقارب والأصدقاء أو عبر بوابات تواصلنا الإجتماعية المقروءة والمسموعة أو عبر بوابات التواصل الألكترونية حتى أصبحنا نعيش بين تيارين متضادين تيار متشدد وتيار مرن فقدنا من خلالهما تيارنا الوسطي الذي تربينا عليه بين الأباء والأجداد والذي لم نكسب من خلاله إثم في مسبة أحد أو شتائم عندما يطرح موضوع نعايشه في وقتنا الحاضر على خلاف في حله من حرامه فتجد المتعصب يقف عند رايه في تحريم شيء ولا يريد الجدال حتى ولو من علق أو ناقش فيه عالم في الفقه أو التوحيد فيصل بهم الحد إلى تكفير ذلك وذاك بل وينسب ويشتم ممن هم على مرونة في الامر بأنهم يريدون أن يحلحلوا الدين ويفسدوه فكثر اللغط في ذلك والعياذ بالله فأتمنى من التيارين أن يؤخذ مثل هذه المواضيع بمأخذ الجد والنقاش بشكل علمي وحضاري وأن الذي لا يملك من العلم شيء أن لا يطلق عبارات مسمومة ولاذعة للغير بل يكون مستمع او متفرج إلى أن تتبين له الأمور وبالتالي يتطلب منه النهج منهج الوسطية والتي نتمنى أن تعود لنا بما تملكه من ألفة ومحبة وسماحة في ديننا ومعتقداتنا والله أسئل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى والسلام ختام
كاتبه
عبدالرزاق بن حمود الحسين الشغدلي
حائل
14 / 11 / 1439
المقالات > ( التيار الوسط )
عبدالرزاق الشغدلي
( التيار الوسط )
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.aenalhaqeqah.com/articles/1433278/