ينظر المتقاعد إلى التقاعد على أنه نهاية غير سارة لرحلة طويلة كانت حافلة بالعطاء والنّشاط ولا تتوقف الرحلة بالتقاعد فقط بل الى الجهل بما بعد التقاعد، فدور الفرد كمتقاعد ليس له تحديد واضح لمهامة ومسؤولياتة وبالتالي لا يبقى لهذا المتقاعد مركز اجتماعي، وهذا الذي يجعل كلمة (متقاعد) كلمة منبوذة من المتقاعد ذاته وتجد الرفض منه لأنها تفقده الكثير من المزايا المادية والمعنوية في المجتمع، ويعتبرها مرحلة النهاية لحياته ولايعلم بأنها بداية مرحلة جني ثمار الجد والاجتهاد في حياته ،ولعل عدم توفر الأنشطة البديلة التي يستطيع المتقاعد أن يقضي بها وقت فراغه هو الذي يجعله يتحسر ويتألم لوصوله إلى مرحلة التقاعد خاصة وأنه يجد الجميع لديهم استيعاب واضح لأدوارهم ومهامهم ومسؤولياتهم في المجتمع إلا هو، فمن أين يحصل على اعتراف المجتمع به كمتقاعد له حقوق وعليه واجبات كغيره من أفراد المجتمع.
كلمة متقاعد رغم قلة حروفها الا أن لها وقع قاس على الفرد وقد تزعجه وتؤرقه طويلاً حتى يؤمن بها وقد يبذل المستحيل من أجل تأجيلها وابعاد شبحها عنه، واتفق بعض العلماء على أن التقاعد ثاني أهم أزمة يمر بها الإنسان بعد المراهقة، لما لها من تأثير على حياة الفرد، ولما يمثله العمل من أهمية كبرى في حياة الفرد.
ولا شك أن عدم استغلال وقت الفراغ بصورة مفيدة بعد التقاعد، كالعمل المناسب، أو الأنشطة الترفيهية أو التطوع في الجمعيات الخيرية والأهلية وغيرها من المجالات له انعكاسات سلبية على الصحة الجسمية والنفسية للمتقاعد، وعدم توفر المؤسسات الرسمية التي تتيح للمتقاعد استغلال وقت الفراغ يزيد من هذه المشكلة لديه وقد تشعره بالغربة والوحدة داخل المجتمع لشعوره بأن المجتمع أوقعة في هذه المشكلة ولم يساعده في التغلب عليها، ولا شك أن الإعداد للتقاعد مبكراً يساعد في عدم الوقوع بهذه المشكلة وأخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهتها.
لذا وجب علينا الاهتمام بشغل أوقات فراغ المتقاعدين بإنشاء مراكز للرعاية المفتوحة (وأندية خاصة بهم)وبرامج في الإذاعة والتلفزيون لتسليتهم والترويح عنهم وحثهم على المحافظة على صحتهم واستغلال أوقات فراغهم بما يعوضهم افتقادهم للعمل ويضفي عليهم الشعور بالرضا والسعادة.
بقلم : رائدة الحميد
( صحيفة عين الحقيقة )