ماذا نقصد بالفئة المباركة؟ وأين نجدها؟ وكيف تقضي وقتها وتمضي حياتها؟ وكيف هي طريقة تفكيرها وسلوكها وتعاملها مع الآخرين؟ وما هي اهتماماتها؟ وإلى ماذا يسعون؟
تلك الفئة المباركة هم معشر القراء نجدهم في أماكن مختلفة من بيئنا ومجتمعنا ومن المحال أن تجدهم بشكل مجموعات فالنجوم تكون مبعثرةً في شتى المجرة، حتى على الصعيد العائلي لهم طريقتهم الخاصة وأسلوبهم الوحيد، يفكرون بشكلٍ مختلف، نظرتهم تكون أبعد وهي غير محدودة بأبعاد مقيدة ومفروضة. قد لا يجدون المحيط بهم محبٌ للقراءة والمطالعة، لكن ذلك لا يضيرهم ولا يثبطهم. أما سلوكهم فهو مغايرٌ تمامًا لسلوك الغير، وتعاملهم مع الأحداث، وطريقة حوارهم مع من حولهم تخبرك بأن من يقف أمامك لن تستطيع كسره أو مقاومته مهما كانت قوتك، مكانتك، سلطتك قد يغلبك قارئٌ مقعدٌ وعاجز لا شيء يتحرك فيه سوى لسانه. اهتمامات هذه الفئة هي الاطلاع ومعرفة المزيد ليس لهم حدود معينة يقفون عليهم ويكتفون بها بل لديهم شغفٌ كبير لاكتشاف الكثير وهم على يقين بأن هناك المزيد مما يجب معرفته وكشفه. القراء هم الفئة الأكثر تجنبًا للجدال، لكنهم إذا حضروا مناظرة أو مناقشة لأمرٍ ما فلن يتأخروا في الرد، لا يخافون الحوارات المفاجئة، ولا أسئلة ما بين السطور يتحدثون بطلاقة وبقوة الدليل والحجة يسكتون كل جاهلٍ يحاول الظهور بعباءة المثقف. ليسوا هكذا فحسب بل يحبون أن تشيع القراءة في الذين هم حولهم فيعرضون عليك ما قرأوه، ويحببون من لا يحب القراءة في القراءة والمطالعة، لن أقول بأنهم منبوذون بشكلٍ تام، لكنهم مخيفون بعض الشيء ؛لذا تجد أن هناك من يتجنبهم ويحاول الابتعاد عنهم مخافة التورط في ما لا يستطع التخلص منه. لن أقول بأن القراء هم قلة قليلة فهناك قراء لابأس بهم استطاعوا أن ينفثوا غبار الجهل وأن يتخلصوا من معتقدات خاطئة لا أساس لها غير منطقية واهنة وواهمة تعلموا وعلموا تثقفوا وطوروا من أنفسهم ومجتمعاتهم غيروا الكثر من الأفكار الجاثمة على عقولهم وهذا هو الصواب والمراد. هم يجدون أنفسهم مسؤولون وعليهم أن يرتقوا بمجتمعاتهم؛ لذا هم يقرأون ويحببون الناس في القراءة ومن كانت القراءة عصيةً عليهم فهم يعلمونهم مما تعلموا ويهدونهم سبل الصواب والمعرفة. يجدون بأن القراءة هي غذاء العقل وسكينة النفس ومتعة البصر والطمأنينة الروح. فاقروا من أجل أن تستمتعوا، من أجل أن تتعلموا، ومن أجل ثراء قاموسكم اللغوي والمعرفي. اقرأوا في كل شيء في شتى العلوم والمعارف والآداب وغيرها. اقرأوا فمزيدًا من القراءة يعني مزيدًا من الحيوات ولتعلموا أن الذي لا يقرأ هو شخصٌ لم يستمتع قط. كن قارئًا فالقراء هم الفئة المباركة المتلذذة العارفة بالمعنى الحقيقي للحياة.
بقلم/ نعمة القحطاني