المعلم جوهرة المجتمع
اثبتت الدراسات التربوية العلمية , أن المعلم جوهرة المجتمع الثمينة والتي لا تقدر بثمن, وعلى جميع وكافة المستويات , فإن صلح التعليم فقد صلح المجتمع بكافة معطياته الاجتماعية والانسانية والحضارية , فكلما امتلك المعلم رسالة تربوية انسانية فحتما سيكون هناك مجتمع يحمل هذه الرسالة ويعيش الحياة بروحها وتعليماتها بشكل طبيعي وفطري , والخبراء التربويين والاجتماعيون يتحدثون عن المجتمع وعلاقته بالتعليم ووجود حضارة لأي مجتمع يعود اصولها لمعلميها وطريقتهم بالتربية والتعليم , واليات ترسيخ الرسالة الانسانية التي يحملونها أثناء مهنتهم, وان العلاقة طردية ومتناسبة جدا, وبما ينعكس على مسار حياة المجتمع, ويقولون الخبراء :- " أينما وجدنا مجتمع واع ومثقف يمتلك حضارة , فحتما هناك تعليم سليم, قائم على معلم مخلص ومتفاني , يمتلك رسالة يسعى لتحقيقها " , لذا فعلاقة المعلم بالمجتمع علاقة القلب بالعقل والجسد بالروح , فهما كتلة واحدة لا يمكن ان تنفصل أو تتنافر , ولا يجوز أن تختلف , فأوامر العقل للقلب دوما بتناسق وانسجام ولا بد من عملهما معا وباستمرار, وبتوقف اي منهما لا سمح الله يتوقف الاخر ! لذا فالمعلم هو زمام أمان المجتمع, وهما أساس النهضة والعمران الحضاري والتطور الفكري بجميع المجالات دون اي استثناء , وطوبى لكل من تشرف وكان معلما مخلصا لأجيال المجتمع المتعاقبة , ومن خرج جميع المهن ومنح الشهادات العلمية والتربوية , وطوبى لمن كان له رصيدا تربويا في نفوس وقلوب الابناء صغارا او كبارا واصبحوا رؤساء واطباء ومحاميين وقضاة ومعلمين يعلمون المجتمع ويخرجونهم أجيال قوية صالحة للقيام بكافة ما يتطلب المجتمع من نهضة وحضارة وعمران معنوي ومادي , ويستقم المجتمع ببقاء المعلم وبوجوده داخله كأهم عنصر من عناصر الحياة , فهو الموجة والمرشد الحقيقي لمسار المجتمع, والتربية هى الحياة بنفسها ويكملها التعليم واسلحته المعروفة من الوعي والثقافة والقوة الفكرية التي تنتج الابداع والتميز والرقي للمجتمع .
وزيادة على قيمة المعلم في المجتمع , أن علاقة المعلم بما يسمى الدولة او الحكومة تشبه علاقة الوالد بالابن !!! فهما من بيت واحد واسرة واحدة لا انفصال بينهما ولا تباعد فالولد لأبية ! والوالد يحرص على بقاء الولد بصورة ووضع أجمل وأرقى وأفضل دوما لأنها صورته أولا وأخيرا , والولد كله لأبية ان صلح وأجاد وتحسن فهو تحسن وتطور من الاصل ومن الرعاية والاهتمام ! لذا فالحكومة الراقية ترعى المعلم وتسعى لتطويره, وتحسين كافة الظروف المحيطة به, ولا يعقل أن يحدث اي اختلاف بينهما الا لان يكون بصالحهما او بصالح الابن فهو من يستحق الرعاية الكاملة منه وان تكون الحكومة راعية لمصالحة ولتطويره مهما كانت الظروف ومهما كانت العقبات , فلا أحد يستطيع الابتعاد عن الاخر , وحتما سيبقى الخير موجود ولصالح المجتمع والفرد داخل المجتمع نفسه , لذا فالمعلم كنز ثمين يتم المحافظة عليه ليزيد ويصبح لامعا اكثر واكثر.
كما انه يوجد لغة خاصة بين المعلم والمجتمع , لغة مميزة وراقية تصل الى الانسجام والتناغم , ولغة الانسجام والتناغم ان لم نجدها بين المجتمع ومؤسساته المتنوعة ومعلم الاجيال فتلك كارثة حضارية كبرى ! وان وجدت فذلك انتصار ما بعدة انتصار, وسعادة للمجتمع ,ونصرة لكل المقاييس التربوية والتعليمية والسياسية ! لا استطيع ان اتخيل ان يحدث هناك اي انهزام لأي منهما بنفوس اي فرد من افراد المجتمع, ولا يصح ان يكون انكسار او انهزام لان اصل العلاقة علاقة ود وحب لا علاقة بغض او عداء , والانتصارات والنجاحات, وتحقيق الانجازات لهما معا , وهما من يحصدانهما , فهما اساس وعمود لمجتمع , والمعلم اساس الوطن ومستقبل قوي وواعد , واي نجاح لأي طرف منهما هو نجاح لهم وللوطن معا بكافة معطياته .
ووجود سياسة التفاهم والود المتبادل بين جميع الاطراف ! المعلم والمجتمع من جهة و المجتمع وافراده من أبناءه الطلبة من جهة أخرى , بما تحتم على جميع الاطراف ايجاد الية تنسيقية بينهم , تؤدي بهم للاتفاق وقرارات وتفاهمات دائمة, ولا بد من وجودها وبكل محبة ورضا وسعادة , وعلى الجميع ان يبتعد عن سياسة من يكسب او يخسر الأخر !!! لأنه هنا الخسارة على الجميع والمكسب للجميع ! ووجودها أصلا يضمن وجود عمل تربوي مهني يليق بوطننا الاردني الذي نحب وننتمي !!! ودوما التأييد لكل ما يحقق رفعة وتحسين وضع المعلم وتحسين ظروف عملة وحياته المهنية كاملة, وضمان أداء واجبة بكل أريحية ورضا واقتدار, كي ينعكس ذلك على الطلبة اللذين هم أصل المجتمع ذكورا واناثا.
ولي رائي الشخصي النابع من رؤيتي الادارية التربوية والتعليمية على الساحة التربوية الاردنية , هو بقاء صورة المعلم ناصعة وطيبة كما هي دوما في عيون الناس جميعا, وكافة أطياف المجتمع , وجميع الاطراف والمعنيين , والمكسب الحقيقي لكافة الاطراف ان يكون لدينا نظام مجتمعي يحافظ على قيمة المعلم ومهنة التعليم وان تبقى رسالة التعليم واضحة ناصحة أمام المجتمع , وبقاء مهنة التعليم وحمايتها للمجتمع , وهذه الكفالة والحماية حق له وواجب على المجتمع ومؤسساتها .
المعلم بوطني يستحق الكثير , وضروري ان يكون المعلم مرتاح البال والعقل ليتفرغ لمى هو مطلوب منه كواجبات جسيمة بتربية وتعليم ابنا المجتمع , التربية السليمة القوية , فالسيد لا يربي الا اسياد , والحرة لا تعلم الا الاحرار , والمجتمع بالأنظمة والقوانين التي تحمي مهنة التعليم وتحافظ على القيمة المعنوية لوجوده في المجتمع , قوية وصريحة وواضحة ليبقى المعلم مرتكزا على عرش الاحترام والتقدير من كافة الجهات الرسمية الحكومية والمعنوية الشعبية .
طوبى للمعلم الاردني الراق بفكرة وسلوكه وكلامة وكل ما يقدمه لمهنته , وطوبى لحكومة ترعى معلمها وتهتم به لأبعد حد لنظرتها الثاقبة ولإيمانها الراسخ بان تحسين وتامين مهنة التعليم من اولى الاوليات ومن اهم الاعمال . وتحرص على بقاءه نموذجا وقدوة تحتذى , وطوبى لمجتمع احترم معلمه ومربي ابناءه وموجة انجازات وانتصارات وطنه وبلدة وابناءه .
وعهدا علي وبإذن الله سأبقى الانسانة التي تؤمن بالتعليم , وتؤمن برسالته النبيلة , سابقي المعلمة والتربوية القوية , التي ترعى كل ما يؤدي لرفعة وكرامة ابناءك من طلبة وطالبات أعلمهم وأقدم لهم ما يسندهم ويقوي عزيمتهم ووجودهم بهذه الحياة , وسأبقى سفيرة التميز بوطني ومعايير جائزة تربوية ترعى وتهتم بشؤون التعليم عموما والمعلم خصوصا , وسأبذل قصارى جهدي لأكون الاردنية النموذج لأي معلمة او تربوية تحرص كل الحرص لبقاء التعليم أجمل وأرقى و أقوى , وأحلى , كالجوهرة التي يزيد قيمتها كلما شاهدوا عطاءها , ورسالتها التربوية الانسانية بالتعليم .
د. هيفاء علي طيفور
الخبيرة الاردنية التربوية / المملكة الاردنية الهاشمية
عضو هيئة التدريس في جامعة حائل / المملكة العربية السعودية