قُوة الشَخْصِيَّة..أَيِنَ تَكْمُنْ؟
مِمَّا لاشَك فِيه أَنَّ قُوة الشَخْصِية تَكمُن فِي مَايَتميَّز به المَرء مِنْ صِفات جَذْابة تَجْعل مِنْ حَوله يُقْبل عَليه وَيَتقَبل أَراَءه وَيَحتَرِم حِواراتُه وَيُصْغِي إِلى مُلاحَظاتِه ونَصائِحُه وَرُبمَا يَجِدُ مُتعة فَيّ الْنقَاش مَعه حَتى وَإِنْ كَان طَوِيلا.ً
لَكِنْ مِنْ أَيّنَ تَأتِي قُوة الْشَخصِية ؟
وَمَاهِي الْصفَات الْتِّي يَنْبغِي أَنْ تتَصِفَ بِهَا حَتى تَكُون شَخْص ذُو كَارِيزْمَا فَعَالة وَجَذْابَة تَسْتطِيعْ مِنْ خِلالِها جَذْبَ اَلْآخَرِين إِلَيِّك دُونَمَا تَصَنُع وَمِنْ ثُمَّ تَترُك فِيهم أَثراً حَمِيداً .
َلَعلَّ مِنْ أَهَمْ هَذِة اَلْصِفَات أَنْ تَتَمتَع بِالسَلَام الْدَاخِلي وَالْخَارِجي، وَأَنْ تَكُون هَيّناً لَيّناً أَثْناء اَلْنقَاش وَطَرح أَفْكارِك ، رَفيقَاًْ فِي كُلْ أَقْوَالِكْ وَأفعالك مَعَهُمْ.
بَلْ اجعل مِنْ الْرفْق حَمَائِم سَلاَم تُرَفْرِفْ حَولك وَحَولَهُم
وإِنْ أرَدْت أنْ تَحظَى بِالْقَبوُل فِي الْقُلُوب بَادِرهُم بِالإِحْتِواء وَبَادِلهُم الإِحْتِرام فَإِنَّ طَبِيعَة اَلْنفْس الْبشَرِية تَمِيل إِلى مِنْ يَحْترِمها وَيُقدرها.
وَمِمَّا يُؤسِف هَذِة الأَيَّام حَقِيقَة أَنْه اَخْتَلَط اَلْحَابِل بِالنَابِل وَأَصْبَح هُناكَ لَبْسٌ كَبِير بَين مَفْهُوم قُوة الْشَخْصِية و (قْلة الْأَدَبْ فِي اَلْحِوار)
هُناَك مَنْ يَدَعِي أَنَّه صَرِيح فِي أَقْواله وَأَفْعالِه بَيِنَّمَا هُو مَصْدَر تَجْرِيح لِمَنْ حَولَه.. فَهْو لاَيَعْرِف مِنْ النَقْد إِلاَّ مَايَهدِم وَلاَيَنَتَقِي مِنْ الأَلْفاظْ إِلّا أَسوَأها ،نَاهِيكَ عَنْ صَوتُه المُرتَفِع أَثْنَاء الْحَدِيثْ وَهُو يَعْتقد أَنَّه قَدْ بَلغَ بِذَلِك أَعْلى مَرَاتِبْ القُوة.
وُكُلْ هَذا يُفَسِره مَنْطِقُه العَجِيبْ أَنَّه يَنْدَرِج تَحْتَ مُسَمَّى ( أَنَا صَرِيحْ)
عَجَبِّي!!!
وَمَاشَأْن اَلْنَاس بِصَرَاحَةٍ مقيتة كَهَذِه تُنَفرُ اَلْقَاصِّي قَبل اَلْدَانِّي وَلاَ تُؤْتِّي ثِمَارَها.
ثُمَّ ضَعْ هَذِة الآية اَلكَرِيمة نَصْبَ عَيِنَيكْ وَتَذِكرْ أَنَّه خُوطِب بِها سَيِّدَ الْخَلْق وَهُو مَنْ أُوتِيَّ جَوامِع اَلْكَلِّم صَلَّى الله عَليِه وسَلم
( وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )
هُنَالِك فَارِقٌ عَظِيم بَيِّنَ
أَنْ تَكُون صَاحِب شَخْصِيّة قَوِيّة تَتْرُك أَثراً إِيجَابَّياً فِي حَيَاة الآخَرِين وَأَيّضَاً تَتْرُك لَهُم إِنْطِباعاً حَسناً عَنْك فِي قُلُوبهِم مِمَّا يَجْعَلُهم يُقْبِلون عَليّكَ فِي كُل مَرةٍ بِودٍ مُتَدَفِق وَاحْتِرامٍ فَائِق وَهذَا يُحْسَبُ لَك لا َعَلَيك.
أَمَّا أَنْ تَظُن أَنَّكَ صَاحِبْ شَخْصِيِّة قَويّة وَأَنْتَ لاَتَفْقَه شَيّئاً مِنْ مَواطِن قُوة الشَخْصِية وَصِفَاتُها سِوى مَقُولة (أَنا صَرِيحْ ) هُنا عَليّك أَنْ تَقِفْ قَلِيلاً مَعْ نَفْسِك، صَوِّبْ أَخْطَاؤُك ،ثُمَّ حَاوِلْ تَقْويِمها قَدْر الْمُستَطَاع
وَلابَأس أَنْ نَبْذُل الْكَثِير مِنْ اَلْجُهد وَالْوَقْت فِي سَبيِل إصْلاَح بَعض اَلْمفَاهِيم والسلوكِيّاتْ الخَاطِئة حَتَّى تَصْلُح مَعها ذَوَاتُنا الْبَشَرِيّة اَلْتِّي يعول عَلَيها صَلاحُ المُجتَمع بِأَكْمَله.
بقلم/
هاجر بنت محمد
(كاتبة سعودية)