هاتفت أحد أهالي مدينة القاعد في شمال حائل في ليلة ٩/٢٦ في شهر رمضان - وكنت أعرفه للتو - ودار بيننا حديث حول موضوع ما وبجمل سريعة سألته : هل فلان بن فلان الفلاني من ربعكم ؟ قال : نعم (أبو بدر )
قلت هو رجل كبير كيف صحته الآن ؟
قال : زين لكنه تعب الفترة الماضية أصابته جلطة وتعب مرة لكن الآن أبشرك أنه طيب كنت حينها جالسا في فناء منزلي أثناء الحجر في الرياض نظرت إلى السماء وإذا مجموعة من النجوم فقالت إحداهن لي : يا ناكر المعروف
أنسيت كلام أبيك ؟ لاتنسوا معروف الناس عليكم صغيرا كان أم كبيرا
أبو بدر الرجل المذكور أظنه الآن شارف على السبعين على الخير والطاعة
كنت (أنا) في مرحلة الطفولة في أواخر عهد الملك فيصل وبدايات عهد الملك خالد - رحمهما الله تعالى - نسكن في شرق الرياض في مكان يعرفه الكثير من الناس بخشم العان
لم يكتمل عمري الخمس سنوات أُقنعت بأن أدخل في مرحلة جديدة بعد اقناع أخي الأكبر لي بأن أدرس وأسجل في المدرسة وأنا حقا كنت صغيرا على الدراسة فأكثر أخي الكلام علي اقناعا طوال الإجازة الصيفية حتى اقتنعت مع كثرة تخويفنا من كثرة ضرب المعلمين للطلاب في ذلك الوقت
وكانت مقاييس القبول في المدرسة في ذلك اثنين لا ثالث لهما تاريخ ولادتك في تابعية أبوك أو حفيظة نفوسه(دفتر العائلة اليوم )والثاني الأمر الغريب ترفع يدك اليمنى من فوق رأسك حتى تلامس بها أذنك اليسرى وهذا دلالة على اقتراب عمرك من السابعة وكنت طوال الإجازة أتدرب على ذلك وكانت مع السحب المتكرر من يد أخي الأكبر تلامس مرة ومرة لا تلامس
قبل ٤٤عاما وفي يوم ١٣٩٧/١٠/٢٢ تحيزم الثلاثة - أبي وأخي الأكبر وأنا متجهين إلى مدرسة الأبناء بخشم العان دخلنا المدرسة سألنا عن مدير المدرسة قالوا ذاك مكتبه دخلنا الثلاثة و إذا بالمدير رجل طلق المحيا حينها لم نتعود أن نرى أحد يجلس على مكتب أتوقع الآن أنه في ذلك الوقت لم يصل عمره الثلاثين عاما
قال أعطوني الملف وكان يشتمل على صورة تابعية أبي والعكوس(الصور الشخصية) أخذ الملف وفتحه وشاهد تاريخ الميلاد قال : (معليش الولد صغير) ومع الإلحاح البسيط حيث كان المدير ذو مكانة كبيرة ففي ذلك الزمن من النادر جدا أن يعرف الناس مديرا واحداً - إن عرفوا - فقال تطييبا لخاطرنا : أرفع يدك من فوق رأسك وأمسك أذنك اليسرى فسبحان الله لم استطع حاولت وقصّرت يدي قليلا فلم استطع اعتذر المدير وقال : ما نقدر السنة القادمة تأتي تبددت الأحلام وبمشهد درامي سريع بكيت أمام مرأى المدير فقام المدير من مكتبه وأخذ الملف وقال : خلاص أعطني الملف ووقع عليه وقال : خلاص تدرس مع الطلاب لاتبكي لا تبكي ما أجملها من رحمة !!
فجعل بموافقته ذلك اليوم يوما عظيما في حياتي وبعد سنوات من التعليم تأسست بين يديه تعليميا والعمل لاحقا فقد كلّفت بكتابة أسئلة الثانوية العامة في الوزارة من بين ثلاثمئة ألف معلم ومعلمة وله الفضل في ذلك
و حقيقة كل من كان في سنّي في ذلك الوقت لم يدخلوا المدرسة حتى أن بعضهم وهم أكبر مني سنا لم يدخلوا إلا في السنة اللاحقة
حقيقة قبلني في مدرسته من طيب أخلاقه متّعه الله بالصحة والعافيه
لذا أرى أن في حياتي الأولى أصحاب الفضل ثلاثة :
أبي لإنه أخذ أمي
وأمي لأنها أنجبتني
وأبو بدر (مدلول بن عبيد الرمالي) من أهالي القاعد الآن على يديه خطوت الخطوة الأولى والتي كانت سبب الخير والنجاح لي فيما بعد حتى أني عددت من الأصغر سنا في كل المراحل اللاحقة فيما بعد
هذا الرجل له في رقبتي فضل و سأشرف بزيارته في القاعد في قادم الأيام - بإذن الله تعالى - و أقبّل رأسه لأن صاحب الفضل والمعروف في الحياة له بصمة في الحياة تذكر فتشكر .
سالم بن دواس المهيني