في عمق الصمت
مع زحمة الحياة نتناسى أهمية بعض الأمور التي اعتدنا عليها
قدتكون مصدر قوة لنا، ولكننا نتجاهل أهميتها ربما لاعتيادنا عليها أو لانشغالنا بأمور أخرى في كثير من المرات تكون تافهة ولكننا نضخمها
ونندب حظنا ونتمسكن ونتباكى مدعيين لاأحد يفهمني،لا أحد يدعمني!
في يوم من الأيام طلبت خدمة التنقل بالمركبة لإحدى الشركات المشهورة في مدينتي
وكالمعتاد عندما وصل السائق للموقع
اقتربت من المركبة بعد التأكد من رقم لوحتها
فتحت باب السيارة..
ما لفت انتباهي
نظافة السيارة ورائحتها
ربما لأنني دقيقة الملاحظة
وأحب الأماكن النظيفة،فشعرت بالراحة.
ركبت المركبة وألقيت السلام على السائق
لم يرد علي! وأشاح بيده مؤشرا على أذنه
بأنه لا يسمع..
ارتبكت وشعرت بمشاعر متخلطة بين الألم والأمل!
سألني بلغته هل كل شي على مايرام؟
أشرت بيدي نعم يمكنك أن تنطلق
وبدأت الرحلة
كان شابًا وسيمًا كأي رجل في مقتبل العمر.
طوال الرحلة وأنا أستشعر نعمة السمع والتحدث
اللتان لايملكهما هذا الشاب
وفي أعماق الهدوء والصمت المريح
تسائلت...
ياترى كيف حياته؟
كيف يتخاطب مع الناس؟
كيف يغضب؟
كيف يطالب بحقه؟
كيف يوصل أفكاره للعالم؟
ليس بإمكانه سماع الأصوات الجميلة من أنغام وتراتيل!
أو حتى صوت البحر الهائج ،صوت زخات المطرحينما ترتطم بالأرض،حفيف الأشجار،تغاريد البلابل،ماذا عن زمجرة الرعد؟
صوت أمه حين تناديه!
صوت طفله حينما يبكي أو يضحك؟
تبدو حياته هادئة ساكنة خالية من الضجيج الذي نشتكي منه نحن في حياتنا المزدحمة .
هل يشعر بالوحدة لأنه غير قادر على تعبير مافي داخله؟
مثل أغلب الناس التي تشتكي أنا وحيد !و في الحقيقة هو يتجول من مقهى إلىى النادي مغطيًا أذنيه بسماعات صغيرة بالكاد تستطيع أن تراها ،
أويجلس بين أصدقائه أومع عائلته وأحاديثهم الطريفة بين أصوات الحديث والضحكات.
وفي نهاية اليوم يتذمر ويلقي باللوم على من حوله لأنهم لا يفهمهوه أولا يستمعون إليه!
وبعد لحظات ،تأملت في حياتنا..
كم كلمة ننطقها في اليوم بلا حسبان؟
قد نجرح أحدهم أونخيف ضعيفًا..
أونتسلط ونحكم على الآخرين مدعيين أنا أفهم منك!
وبعد كل ذلك نعتذر لم أقصد،كنت غاضبًا فحسب؟
لانفكرقبل أن نخرج هذه الكلمات التي قد تغير حياتنا أو حياة الآخرين.
فكروا قليلاً معي واستشعروا نعمة الصحة التي تجعلنا ملوكًا نمشي على هذه الأرض.
نحن نرى فقط الجانب المظلم في حياتنا.
بينما الصورة الكبيرة هي نور يتخللها ثقوب سوداء معدودة..
غالبًا هذه الثقوب تكون مخرجًا أو طريقًا للإنطلاق والتحليق للأعالي.
فالشكر لله على نعمة التحدث والسمع.
وكل النعم التي حبانا الله بها .
انتهت الرحلة سريعًا ووصلت لوجهتي وأنا بداخلي الكثير من الهدوء والسلام الذي عداني إياه ذلك الشاب الصامت ذو الأخلاق الرفيعة.