[ALIGN=CENTER][COLOR=red]من هو الذبيح[/COLOR]
ان الحمد لله نحمده وستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيآت أعمالنا والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اما بعد/
إن حكم الأضحية سنة مؤكده على إجماع الجمهور لكن من وهو الذبيح هل هو إسماعيل ام إسحاق ؟ فقد اختلف المفسرون حول الذبيح الذي كان صابرا لأمر أبيه ففي الآيات الكريمات من سورة الصافات
فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ
وَقَوْله : { فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَرَادَ قَوْم إِبْرَاهِيم بِإِبْرَاهِيم كَيْدًا , وَذَلِكَ مَا كَانُوا أَرَادُوا مِنْ إِحْرَاقه بِالنَّارِ . يَقُول اللَّه : { فَجَعَلْنَاهُمْ } أَيْ فَجَعَلْنَا قَوْم إِبْرَاهِيم { الْأَسْفَلِينَ } يَعْنِي الْأَذَلِّينَ حُجَّة , وَغَلَّبْنَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِمْ بِالْحُجَّةِ , وَأَنْقَذْنَاهُ مِمَّا أَرَادُوا بِهِ مِنْ الْكَيْد
(( وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ))
وَقَوْله : { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ } يَقُول : وَقَالَ إِبْرَاهِيم لَمَّا أَفْلَجَهُ اللَّه عَلَى قَوْمه وَنَجَّاهُ مِنْ كَيْدهمْ : { إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي } يَقُول : إِنِّي مُهَاجِر مِنْ بَلْدَة قَوْمِي إِلَى اللَّه : أَيْ إِلَى الْأَرْض الْمُقَدَّسَة , وَمُفَارِقهمْ , فَمُعْتَزِلهمْ لِعِبَادَةِ اللَّه . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ } : ذَاهِب بِعَمَلِهِ وَقَلْبه وَنِيَّته. وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ : إِنَّمَا قَالَ إِبْرَاهِيم { إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي } حِين أَرَادُوا أَنْ يُلْقُوهُ فِي النَّار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : سَمِعْت سُلَيْمَان بْن صُرَد يَقُول : لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يُلْقُوا إِبْرَاهِيم فِي النَّار { قَالَ إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ } فَجَمَعَ الْحَطَب , فَجَاءَتْ عَجُوز عَلَى ظَهْرهَا حَطَب , فَقِيلَ لَهَا : أَيْنَ تُرِيدِينَ ؟ قَالَتْ : أُرِيد أَذْهَب إِلَى هَذَا الرَّجُل الَّذِي يُلْقَى فِي النَّار ; فَلَمَّا أُلْقِيَ فِيهَا , قَالَ : حَسْبِيَ اللَّه عَلَيْهِ تُوُكِّلَتْ , أَوْ قَالَ : حَسْبِيَ اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيل , قَالَ : فَقَالَ اللَّه : { يَا نَار كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيم } قَالَ : فَقَالَ اِبْن لُوط , أَوْ اِبْن أَخِي لُوط : إِنَّ النَّار لَمْ تُحْرِقهُ مِنْ أَجْلِي , وَكَانَ بَيْنهمَا قَرَابَة , فَأَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِ عُنُفًا مِنْ النَّار فَأَحْرَقَتْهُ . وَإِنَّمَا اِخْتَرْت الْقَوْل الَّذِي قُلْت فِي ذَلِكَ , لِأَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَكَرَ خَبَره وَخَبَر قَوْمه فِي مَوْضِع آخَر , فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَمَّا نَجَّاهُ مِمَّا حَاوَلَ قَوْمه مِنْ إِحْرَاقه قَالَ { إِنِّي مُهَاجِر إِلَى رَبِّي } فَفَسَّرَ أَهْل التَّأْوِيل ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَاهُ : إِنِّي مُهَاجِر إِلَى أَرْض الشَّام , فَكَذَلِكَ قَوْله : { إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي } لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ : { إِنِّي مُهَاجِر إِلَى رَبِّي } وَقَوْله : { سَيَهْدِينِ } يَقُول : سَيُثَبِّتُنِي عَلَى الْهُدَى الَّذِي أَبْصَرْته , وَيُعِيننِي عَلَيْهِ
رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ
وَقَوْله : { رَبّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ } وَهَذَا مَسْأَلَة إِبْرَاهِيمُ رَبَّه أَنْ يَرْزُقهُ وَلَدًا صَالِحًا ; يَقُول : قَالَ : يَا رَبّ هَبْ لِي مِنْك وَلَدًا يَكُون مِنْ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ يُطِيعُونَك , وَلَا يَعْصُونَك , وَيُصْلِحُونَ فِي الْأَرْض , وَلَا يُفْسِدُونَ , كَمَا : - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : { رَبّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ } قَالَ : وَلَدًا صَالِحًا. وَقَالَ : مِنْ الصَّالِحِينَ , وَلَمْ يَقُلْ : صَالِحًا مِنْ الصَّالِحِينَ , اِجْتِزَاء بِمَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمَتْرُوك , كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَكَانُوا فِيهِ مِنْ الزَّاهِدِينَ } بِمَعْنَى زَاهِدِينَ مِنْ الزَّاهِدِينَ .
فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيم
"فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيم" أَيْ ذِي حِلْم كَثِير
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ
"فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْي" أَيْ أَنْ يَسْعَى مَعَهُ وَيُعِينهُ قِيلَ بَلَغَ سَبْع سِنِينَ وَقِيلَ ثَلَاث عَشْرَة سَنَة "قَالَ يَا بُنَيّ إنِّي أَرَى" أَيْ رَأَيْت "فِي الْمَنَام أَنِّي أَذْبَحك" وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاء حَقّ وَأَفْعَالهمْ بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى "فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى" مِنْ الرَّأْي شَاوَرَهُ لِيَأْنَس بِالذَّبْحِ وَيَنْقَاد لِلْأَمْرِ بِهِ "قَالَ يَا أَبَتِ" التَّاء عِوَض عَنْ يَاء الْإِضَافَة "افْعَلْ مَا تُؤْمَر" بِهِ "سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللَّه مِنَ الصَّابِرِينَ" عَلَى ذَلِكَ
فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ
"فَلَمَّا أَسْلَمَا" خَضَعَا وَانْقَادَا لِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى "وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ" صَرَعَهُ عَلَيْهِ وَلِكُلِّ إنْسَان جَبِينَانِ بَيْنهمَا الْجَبْهَة وَكَانَ ذَلِكَ بِمِنًى وَأَمَرَّ السِّكِّين عَلَى حَلْقه فَلَمْ تَعْمَل شَيْئًا بِمَانِعٍ مِنْ الْقُدْرَة الْإِلَهِيَّة
قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
"قَدْ صَدَّقْت الرُّؤْيَا" بِمَا أَتَيْت بِهِ مِمَّا أَمْكَنَك مِنْ أَمْر الذَّبْح : أَيْ يَكْفِيك ذَلِكَ فَجُمْلَة نَادَيْنَاهُ جَوَاب لِمَا بِزِيَادَةِ الْوَاو "إنَّا كَذَلِكَ" كَمَا جَزَيْنَاك "نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ" لِأَنْفُسِهِمْ بِامْتِثَالِ الْأَمْر بِإِفْرَاجِ الشِّدَّة عَنْهُمْ ((إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ))
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِين " أَيْ الِاخْتِبَار الْوَاضِح الْجَلِيّ حَيْثُ أُمِرَ بِذَبْحِ وَلَده فَسَارَعَ إِلَى ذَلِكَ مُسْتَسْلِمًا لِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى مُنْقَادًا لِطَاعَتِهِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وَفَّى " وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ
"وَفَدَيْنَاهُ" أَيْ الْمَأْمُور بِذَبْحِهِ وَهُوَ إسْمَاعِيل أَوْ إسْحَاق قَوْلَانِ "بِذِبْحٍ" بِكَبْشٍ "عَظِيم" مِنْ الْجَنَّة وَهُوَ الَّذِي قَرَّبَهُ هَابِيل جَاءَ بِهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَذَبَحَهُ السَّيِّد إبْرَاهِيم مُكَبِّرًا
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ
"وَتَرَكْنَا" أَبْقَيْنَا "عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ" ثَنَاء حَسَنًا
كما جاء بالتشهد الاخير
هذا والله اعلم والهدف من ذلك حتى يتسنى للقارئ الاطلاع على التفاسير حول من هو الذبيح[/ALIGN]
[COLOR=blue]رشيد الغريب
"عين حائل " خاص
Rasheed169@hotmail[/COLOR]