[ALIGN=CENTER][COLOR=red]سلسلة من (جوامع الكلم ) -3[/COLOR]
عن أبي عبدالله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله  يقول : ( إن الحلال بيّن , وإن الحرام بيّن , وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس , فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه , ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام , كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه , ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه , ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) رواه البخاري ومسلم 0
هذا الحديث أجمع العلماء على عظمه وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام .
قوله : ( إن الحلال بيّن , وإن الحرام بيّن , وبينهما أمور مشتبهات ) :
في هذا الحديث تقسيم للأحكام إلى ثلاثة أقسام :
1- القسم الأول : الحلال البيّن , وهذا كلٌ يعرفه كالثمر , والبر , واللباس ونحو ذلك .
2- القسم الثاني : الحرام البيّن , وهذا أيضاً كلٌ يعرفه كالزنا وشرب الخمر وما أشبه ذلك .
3- القسم الثالث : مشتبه لا يعرف هل هو حلال أم حرام ؟
قوله : ( لا يعلمهن كثير من الناس ) : إذن فهذا الاشتباه لا يكون على جميع الناس بل على بعضهم دون بعض . ومن هم الذين يعلمون هذه المشتبهات ؟ هم العلماء .
قوله : ( ومن وقع في الشبهات ) : أي فعلها .
قوله : ( وقع في الحرام ) : أي أنه ذريعة إلى الوقوع في المحرم لا أن ممارسة المشتبهات حرام واختاره ابن عثيمين رحمه الله .
إذن : من كثر تعاطيه للشبهات صادف الحرام وإن لم يتعمده , وقد يأثم بذلك إذا نسب للتقصير أو أنه يعتاد التساهل ويتمرن عليه ويجسر على شبهة ثم شبهة أغلظ منها , وهكذا حتى يقع في الحرام عمداً .
( وإن في الجسد مضغة ) : سميت بذلك ؛ لأنها بقدر ما يمضغ أو ؛ لأنها صغيرة بالنسبة لباقي الجسد .
( إذا صلحت صلح الجسد كله , وإذا فسدت فسد الجسد كله ) : وإنما كان صلاح البدن وفساده تابعاً لصلاح القلب وفساده ؛ لأنه مبدأ الحركات البدنية والإرادات النفسانية .
الفوائد المستفادة من هذا الحديث :
1- قال الحسن البصري رحمه الله :" أدركنا قوماً كانوا يتركون سبعين باباً من الحلال خشية الوقوع في الحرام" أ .هـ
وقال أبو ذر  : " تمام التوقي أن يتقي الله العبد بترك بعض الحلال مخافة أن يكون حراماً " أ . هـ .
2- الحث على اتقاء الشبهات وإن من لم يتوق الشبهة في كسبه ومعاشه فقد عرض نفسه للطعن فيه
3- تعظيم القلب والسعي فيما يصلحه وترك ما فيه ضرره , وليُعلم أن العقوبة من جنس الجناية .
4- أن هذا الحديث دليل على قاعدة : " سد الذرائع " .
وقاعدة سد الذرائع : هي أن كل ذريعة توصل إلى محرم فإنا نسدها لئلا نقع في المحرم , كقوله  :  ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم  فنهى  عن سب آلهة المشركين مخافة أن يسبوا الله .
6- في الحديث رد على العصاة الذين إذا نهوا عن المعاصي قالوا : التقوى هاهنا وضرب أحدهم على صدره كما ورد في الحديث في إشارة النبي على صدره وقوله : ( التقوى هاهنا ) فاستدل بحق على باطل .
فنقول : إن هذا الحديث الذي بين أيدينا يوضح الحديث الذي استدللت به .
نقول : إن التقوى في القلب حق , ولكن : " إذا صلح القلب صلحت الجوارح " .
7- هل نستفيد من هذا الحديث أن العقل في القلب أم لا ؟
نعم , فيه إشارة إلى أن العقل في القلب والقرآن شاهداً بذلك , قال  :  أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها ...  ولكننا لا نعلم كيفية ارتباطه به وهذا اختيار العلامة ابن عثيمين رحمه الله .
وصلى الله على سيدنا محمد [/ALIGN]
[COLOR=blue]الشيخ /وليد بن سالم الشعبان
عضو الدعوة والإرشاد في فرع وزارة الشئؤن الاسلامية بحائل
" عين حائل " خاص [/COLOR]