[ALIGN=CENTER][COLOR=red]حوار ساخن ... في أحضان ليلة شاتية[/COLOR]
من وحي من قهرت مشاعرهم ، ومن وحي بعض الممارسات لعادات اجتماعية خاطئة يتوشح بها بعضنا، لانستعرضها ترفا بل نـُشرِّحُها - كمبضع الجرّاح - لمحاولة القضاء على الوباء أو تحجيمه ، وعلى خـُطى "..مابال أقوام يفعلون كذا.. وكذا .." مع اعتزازنا بالجانب المملوء والمشرق من الكوب وهو الأغلب بالطبع ، وأيضا من وحي أن الإنسان أحيانا يحب أن يقرأ نفسه لا أن يراها أو يسمعها ، وإن شئت قل نوعا من جلد الذات.9
الأهداء : لأرواح الشهداء وذويهم من أبناء أمتي على امتداد وطني الإسلامي العظيم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- أين أنت ؟ كنت أبحث عنك طوال النهار . هيا اركب .
(إمتطيا صهوة ذلك الطريق الأفعى فاحتظنهما ... التفت إليه صاحبه )
- نعم ... ماذا تريد ؟
- أريد أن أقول أن هنالك عقول كثيرة لم تدرك ولم تتعلم بعد ثقافةالحوار
وتعدد الآراء وهذا للأسف أصبح مزاجا عاما... على الأقل من وجهة
نظري، وهذا كل مايقلقني الآن .
- أرجوك أدخل في الموضوع دون فلسفة .
- كنت بالأمس شاهدا على حوار ساخن خارج المدينة في رحلة خلوية وفي
أحضان ليلة يوم شاتي . أواني مبعثرة هنا وهناك وحوار تفوح منه رائحة
التضاد والمجموعة يحيطون بفاكهة الشتاء وصوت التهامها لتلك الأعواد
لايُسمع إلا في لحظة صمت حينما تصاب تلك الأفواه بالبُكم لتقف مشلولة
أمام أبواب قد أوصدت بوجه سلاسة الحوار، ويصدر من أهداب لهيبها
ضوءا خافتا يسفر عن وجوه كثيرة يعلوها التشنج والإنفعال وعيون
يكسوها الإحتقان وجدل حول الاجتياح الصهيوني الأخير لغزة .
- ثم ماذا بعد ... ؟
- سأسترجع مادار من حوار . لعل ذاكرتي تسعفني . ثم أريد أن يُنظـّـر كلانا .
"فصديقك من صدقك لا من صدّقك "
- إذا ً اسمعنا .
- إليك الحوار أو بالأحرى الجدال !!!
**********************************
- "حماس " هي السبب .
- كأنك تقول " إسرائيل " حمل وديع وسبب هذه الحرب هي تلك الصواريخ
العبثية كما سماها أحدهم !!
- نعم ... هذه هي الحقيقة .
( ثلاثة من المجموعة يهزون رؤوسهم تأييدا لكلامه)
- أي حقيقة تعني . إن " إسرائيل " ليست بحاجة إلى ذرائع ألم تحتل الأرض
وتنتهك العرض . هل نسيت تاريخهم الطويل في الإجرام .
- لا .. لم أنس ولكن "حماس" عليها أن تستمع إلى صوت العقل .
- أي عقل.. وهل العقل أن تستسلم وترضخ لطغيان "إسرائيل" .
- لا.. ولكن على الأقل عليها أن تلتزم بأجندتها لا أجندت غيرها .
- إنك تردد ماتردده بعض وسائل الاعلام . ثم على افتراض أن بعض أجندتها
تتوافق مع أجندت غيرها أليس هنالك أمر أو قل منهج في السياسة يقال
له تقاطع المصالح - على حد قولهم -.ثم هل تريد منها الإنتظارحتى
تجهزعليها "إسرائيل"على مرأى ومسمع من العالم ناهيك عن أخواتها
في الدم والدين !!!؟
( صفـّقة مجموعة أخرى تأييدا لطرحه )
- ولكن بعض تلك المواقف من بعض الدول ليست تعاطف معها بقدرماهي
تحقيق مصالح لتلك القوى فبالتالي ليست مواقف مبدئية .
- هب أن بعضا مما قلت حقيقة وأن السياسة تحكمها المصلحة فما المانع
من الإستفادة من تلك المواقف طالما أنها تصب في مصلحتها . وهل
يعد هذا عيبا !!!. ثم لماذا نحن دائما نتكيءعلى تلك المواقف المسبقة
أعني (الفكرة المسبقة ) عن هذا أو ذاك جماعات ودول ولا تعنينا تلك
المواقف الملموسة الواقعية لا لشيء إلا لأنها خالفت ماأصبح من
المسلمات في عقولنا !؟ وأصبح من المألوف لدينا وقد يكون بعضا
من هذه المسلمات خاطئ . ثم أليس من الأولى أن نحسن الظن
بالآخرين حتى يثبت العكس !!!
- هل تعني بأن نهمش تجارب الآخرين ولا نبني عليها !!
- لا... أعني بأن نربط هذه الممارسات الفعلية الواقعية بتلك الأفكار المسبقة
عن هذا أو ذاك فإن توافقا نكون قد علمنا أن هنالك ارتباط بين النظرية
والتطبيق ونبني على ذلك . أما إذا اختلفا فعلينا الأخذ بالواقع والملموس
والحكم على الآخرين من خلاله لأنه هو المحك .
- لقد سمعت أيضا بأن "حماس" إخوانية .
- وهل هذه جناية !!!؟ ثم هل هذا وقته وفي هذا الظرف الصعب بغض النظر
عن صحة ذلك من عدمه أليس هنالك أولويات !!!؟ ثم من قال أن هذه
الحرب ضد "حماس" فقط ... ياعزيزي لابد أن تعرف بأنها ضد الشعب
الفلسطيني عامة وضد مايتمتع به من روح المقاومة . أتعرف لماذا !؟ كي
لا يكون هذا الشعب مثالا يحتذى لبقية شعوب العالم الإسلامي والتي
تعاني من وطأة الإحتلال البغيض !
- اليوم دفاعك مستميت عن "حماس" وهل هي خالية من العيوب !؟
- من قال هذا !؟ ولكن ياصاحبي هنالك أولويات كما قلت . ولكن يبدوا أنه
قد اختلط ترتيب الأولويات في سلم عقولنا.فانسقنا خلف كل ناعق !!.
- على رسلك . وكأنك الواعي الوحيد بيننا !!
- لا تغير دفت الحديث إلى وجهت أخرى .
- الا تلاحظ أنك مندفع ومتحمس أكثر من اللازم !!
( ضجيج وقهقهات أصدرتها مجموعته )
- وعلى افتراض أن ماتقوله صحيح . ولكن ألا ترى معي أن الإعتدال في
هذه المسألة يعتبر تخاذل وعدم نصرة !
- لك أن تتصورماتشاء ولن يغير ذلك في الواقع...أعني على الأقل في واقعي
شيء.
- لماذا ؟ أليست " الحكمة ضالت المؤمن أن وجدها أخذ بها "
- وكأنك تقول أننا على خطأ !
- نعم ... هذه هي الحقيقة !!!.
( نعم ... نعم قالتها مجموعته وهم يقهقهون )
- من تكون حتى تصدر الأحكام جزافا هنا وهناك !؟ إن تصوراتك هذه الليلة
خاطئة . ثم أرجوك أنا لست بحاجة إلى أن أستقي منك هذا الهراء. أرجوك أغلق هذا الباب ودعني أستمتع برحلتي .
( لما رأى بأن الحوار بدأ يأخذ منحا آخرقال القابع خلف القدر والذي
يقوم بإعداد الطعام للمجموعة يريد أن يغير دفة الحديث )
- لقد اصبتمونا بالملل والرتابة بهذا الجدل البيزنطي والبحرالذي لاشاطيء
ولا ساحل له.
( أيدته مجموعة ثالثة كانت محايدة )
- سأنهي الحديث ولكن لابد أن تعرف بأن دفاعي هومن باب الجهاد ولو
بالكلمة ومن باب " أنصر أخاك ... " ثم أن اختلاف الرأي لايفسد
الود ....
- أي ود ؟ انت تركت فيها ود !! سأدع لك المكان . ثم ياشباب في المستقبل
لن أحضر طالما أن هذا موجود - مشيرا إلى صاحبه في الحوار -
(تعكر صفوالرحلة وأصبح لكل منهما أنصاره وأصبحت
النفسيات مشدودة)
********************************
( التفت إلى صاحبه في السيارة قائلا :)
- أليست هذه النهاية مؤلمة . ألا تلاحظ أن هنالك انشطار في العلاقة بينهما
وهذا في الغالب هو واقع كل تجمع في مجتمعنا الإسلامي بل أجزم بأنه
تغلغل في كل بيت - ويا للأسف - في هذه الأزمة وما سبقها من أزمات .
- ولكن أليس هذا اختلاف في الرؤى أعني به أنه اختلاف تنوع . ولا أظن
أن هنالك مشكلة وهذا يبدو أنه ظاهرة صحية .
- لوقال هذا أحد غيرك لما لمته لأنه ربما يجهل مثل هذا . ولكن أنت ...لا...
سألومك.فهذا الإختلاف ليس اختلاف تنوع كما تقول . بل هو اختلاف
تضاد وتشاحن حول المسلمات . وإلا هل من العقل أن أقف في صف
عدو الأمة وأبرر له فعلته وألوم أخي في الدم والمعتقد !!؟ أو حتى أقف
على الحياد !!! أليس هذا من الخذلان وعدم النصرة !!؟ أليس النصرة من
المسلمات التي رضعناها مع حليب أمهاتنا !!!؟ أين نحن من
" مثل المسلمون في توادهم....."؟
- وهل هذا نوع من الفرز !!؟
- نعم فهو مبني على الحدث - الواقع - أعني أنه مبني على العقل
والموضوعية فهو فرز بين عنصرين أو شيئين متناقضين لاثالث لهما إما
أبيض أو أسود وليس هنالك بين بين أي ( منطقة رمادية ) . لذلك مانقلت
لك من حوار آنفا هو يندرج تحت قائمة الفرز لأن أحدهما مع والآخر ضد
فأحدهما لابد أن يكون على صواب والآخر خاطيء وقد يقع فيه أحدنا دون
علمه أو بعلمه فبذلك يتناقض ويتعارض في طرحه مع مااستقاه من
المسلمات الشرعية،وهذا مما يثير البلبلة والغبش ومن أكبرالمعوقات أمام
توحدنا نحو عدونا الأكبر .
- بالمناسبة من هو عدونا الأكبر!!!؟
- عدونا الأكبر هو الظلام وكل من يصرعلى أن يجعلنا نكثر من لعنه
ويحرضنا على ذلك دون أن يعلـّمنا كيف نتقيه، ويضع أمامنا كثير من
المعوقات كي لانبلغ الهدف والغاية من علة وجودنا على ظهرهذه
المعمورة ويصرفنا عن إيقاد الشموع للأخذ بأسباب الرقي والتقدم في
كل المجالات والتي لا تتنافى مع منهجنا الرباني ضد ظلام الجهل
والتخلف،وصدق من قال:" خير لك من أن تلعن الظلام أوقد شمعة"
" وبدلا من أن تعطيني سمكة علمني كيف أصطادها ".
- ياصاحبي لقد ادخلتني في صحراء تيه . ولكن تصدق... لقد سمعت من
يردد بأن هذه الحرب أعني (حرب غزة ) حرب فرز .
- نعم ... وفي حالتنا تلك ليس هناك موقف رمادي ومن اتخذ هذا الموقف
لاشك بأنه ضد وليس مع لأنها أعني (تلك الحرب ) لاتحتمل موقف
ثالث وخصوصا أنك تحارب عدو أزلي ولا جدال أو مراء في ذلك .
- هل ثمت مايقلقك الآن ؟
- أبدأ ... أبداً .. سوى ماقلت .
- إذا ًهيا لنعد لقد ابتعدنا كثيرا عن البلد .[/ALIGN]
[COLOR=blue]( رؤية / عبدالعزيز النعام )
" عين حائل " خاص[/COLOR]