[ALIGN=CENTER]
[COLOR=red]( الحسّاس ...)[/COLOR]
رؤى لأحداث وصور لأوضاع مقلوبة من وحي واقعنا المعاصر، نستعرضها هنا لأن الإنسان أحيانا يحب أن يقرأ نفسه لا أن يراها أو يسمعها ، ونستعرضها لمن قمعت مشاعرهم ، وإن شئت قل نوعا من جلد الذات... ولانستعرضها ترفا بل نـُشرِّحُها - بمبضع الجرّاح - لمحاولة الشفاء من الوباء أو تحجيمه على الأقل ، وعلى خـُطى:"..مابال أقوام يفعلون كذا..وكذا.."مع اعتزازنا بالجانب المملوء والمشرق من الكوب وهو الأغلب بالطبع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 )
( قدم بخطى متعثرة وكأنه يحمل على عاتقه هموم الكون ألقى بالسلا م ، وألقى بجسده على أحد الارائك،كان ساهما شارد الفكر ايقظ شروده سؤال صاحبه ناظرا إليه قا ئلا بضحكته المجلجلة )
ــ : مابك ؟
( نظرإليه من خلف نظا رته الشفافة نظرات عتاب ثم واصل سرحانه ... أعرفه - يقصد صاحبه هذا- إنه أحيانا كالآخرين لايعير ما أقوله أي اهتمام فقد يصل به الحد إلى أن يتخذ من همومي وقتا للتسلية فسؤاله الليلة بهذه الضحكة الخبيثة لايطمئنني إنه سيمارس استهزائه ... ياإلهي لمن أفرغ مافي صدري؟ مهما يكن سأقول المهم أن أجد من يسامرني أولعل تصوري عنه هذه الليلة في غير محله. قد أكون مخطئا إنه في أغلب اوقاته جادا ... في هذه الأثناء قطع صاحبه حبل هواجسه وشروده.. فكَـرّ السؤال مرة أخرى ولكن هذه المرة كان جادا فعلا ...)
ــ : مابك لماذا لاترد ؟
( فتمتم...الحمد الله الآن استطيع أن أرتاح إلى أنه سيسمعني بجدية أكثر ).
ــ : ماذا تقول ؟ وبماذا تتمتم ؟
ــ : رد بصوت واهن هناك أشياء تؤرقني إنها ممارسات في حياتنا اليومية أحيانا قد نعرف أنها أخطاء ومع ذلك نمارسها وأحيانا قد لانعرف ... إنها تجبرعقلي للتفكير بها دوما.
ــ : اعرف أنك حساس أتفه الأشياء تقلق مضجعك !!.
ــ : ان مايقلقني ليس شيئا تافها كما تعتقد ‘ ثم ليس عيبا أن أملك احساس بهذه الشفافية .
ــ : لااعتبر ذلك عيبا بل بالعكس إن ذلك دليل على حيويتك ولكن
هناك أشياء صغيرة لايجب أن نشغل تفكيرنا بها دوما .
ــ : إنك تتحد ث وكأن الإنسا ن باستطاعته اختيار كل مايسعده فقط ولكن ماذا اقول إن تفكيرك احيا نا يصبح بليدا .
ــ : طالما أن هذا رأيك في تفكيري.. إذا ً لاداعي لاكمال هذا الحوار.
ــ : إنني لاأقصد أن أهينك بقدرما كنت أريد أن أوضح لك الحقيقة لاأكثر.
ــ : اذا ً لماذا تشكوا لي ما دمت تعرف حقيقتي !!؟.
ــ : انني قلت أحيانا ... ثم إنك صاحبي ومستودع اسرا ري .
ــ : بل قل مستودع أحزانك وهمومك ولكن قل لي ماهي ؟ بالتأ كيد انها اشياء صغيرة !
ــ : ومن قال لك أنها أشياء صغيرة !؟
ــ : احيانا هي كذلك .
ــ : لا.. لا .. هذه المرة الأمرمختلف إنها صورمقلوبة يا عزيزي
سأقصها عليك .
ــ : صورمقلوبة ...!! إنك تهوي التلا عب بالألفاظ .
ــ : ليس هذا المهم أرجوك استمع سأرويها لك لعلك تفهم!!إنها ليست صغيرة .
ــ : كلي آذان صاغية استمر .
( 2 )
المكان:أحد البيوت المتوسطة. الزمان : مساء يوما ما .
( حوارعتاب بين الزوجين )
ــ : أنتِ السبب !
ــ : لا...لا... أنتَ الذي أحضرته لهم ( تعني الدش )!
ــ :نعم أحضرته لهم ولكن ألم أقل لك يجب متابعتهم؟وأنتِ التزمت بذلك!
ــ : كنت أظن...ولكن لاأستطيع تربيتهم لوحدي!وأنتَ دائما خارج المنزل
مع أصحابك ! ثم العلة بالمستخدم وليست بالجهاز .
ــ : وإذا كان جاهلا !
ــ : علينا بتوجيهه . ثم إن صراخك بسبب مايشاهدونه من لقطات مخلة وعواطف جياشة وتعلقهم بها في تلك المسلسلات ( المدبلجة ) في كل هذا معك حق ولكن نحن لنا اليد الطولى في ذلك أيضا . لأن هؤلاء الشباب بأمس الحاجة إلى رعايتنا..لاأعني توفير المأكل والمشرب والمأوى ..وهذه ضروريات ولاشك ، ولكن لماذا نـُغفل الرعاية العاطفية !؟
ــ : هل تعنين بأن ابنائنا لديهم فراغ عاطفي !؟
ــ : نعم مؤكد وهم مهيئون لمن يملء هذا الفراغ. فوجدوا التروية في تلك المسلسلات ... خذ مثالا : هل شكرنا يوما ما أحدهم على عمل قام به أو قامت به !؟ هل جلسنا معهم منفردين أومجتمعين لتبادل الآراء الودية والعاطفية في كل شأن سواء كان خاص أو عام دون الأوامر والنواهي !؟ هل...وهل...!؟ والكثير من الأسئلة الملحة ... ولا اظن بأننا قد قمنا بذلك على الوجه المطلوب !!!
( 3 )
المكان:الاستقبال في أحد الفنادق .الزمان : صباح يوما ما .
( حوار مكسور بين موظف الإستقبال الأجنبي والزبون العربي )
ــ : رفيق انت فيه تلفون عشان أنا يجي ... واي ؟
ــ : رفيق انت قرفة رقم تمانين ؟
ــ : ييس .
ــ : رفيق انت لازم فيه يدفع ناو .
ــ : انت ابغى ايش يدفع ناو ؟
ــ : أنت فيه لازم يدفع فاتورة ضمان يوم جديد ... ضمان أول كلاص فورثلاثه ديز .
ــ : حا ضر.. أوكيه .. أوكيه .
(همس له صاحبه ورفيقه في الرحلة )
ــ : ولماذ تكسر لغتك بهذه الطريقة ؟
ــ : ليس هذا المهم ... المهم أن ندفع ضمانا للأيام القادمة !!!.
( 4 )
المكان : المستشفى . الزمان : قبيل فترة الغداء .
( فوضى وضجيج ... المرضى يتبادلون الزيارات داخل القسم )
ــ : مما تشكوا ؟
ــ : عندي مرض الـ.... وهذا نوع من العلاج الذي أتناوله
( كان يحتفظ بنوعية من علاجه ليريه أصحابه )
ــ : تفحص جاره العلاج ثم افتى قائلا كنت أعاني سابقا من نفس المرض الذي تعاني منه الآن ولكن علاجي كان يختلف !!!
خرج جاره أصابه الوهم ... توهم أن لديه مرضا غيرماقيل له وأن لديه مرضا آخرا أصعب ... لذلك أوهمه الأطباء بأنه مريض بهذا المرض البسيط كي لاينهار هكذا خُيل له !!!… يوم بعد يوم أصبح طريح الوهم !!! لم يثق في كلام الاطباء !!! وثق في كلام جاره!!!
( 5 )
المكان : أحد الاستراحات. الزمان : مساء ليلة داكنة .
(حوارتشاحن بين اثنين كل واحد منهما يهوى فريقا منافسا للآخر)
ــ : لولا تعا طف الحكم معكم لما حققتم الفوز !!.
ــ : من قال هذا ؟
ــ : الجميع وعينيّ .
ــ : الجميع ليس صحيحا أماعيناك فلن اصدقهما .
ــ : انهما اصدق من عينيك .
ــ : والدليل انك تكسوهما بهذه النظا رة العتيقة.
( ضحكات الجالسين اثارته )
ــ : لماذا لاتحترم نفسك !؟.
ــ : وهل احترمت نفسك أنت!! .
( سخن الكلام ثم انتهى بالشجار وفي قلب كل منهما شيء ما نحو الآخر ... الاخرون هيأ وا الجو لذلك ) . وفي صباح اليوم التالي خرجت الصحف وهناك تناقض في الطرح فكل يمتدح النجم الذي يحبه ولو اخفق والفريق الذي يهوى ولو كان هزيلا !!! فكيف بها لو لم تكن منقولة على الهواء !!؟ أين المصداقية في الطرح !!؟
( 6 )
المكا ن:أحد المدارس .الزمان : قـُبيل وقت الفسحة .
( مضى من الحصة جزء يسير.المعلم مستمر في الأداء دخل الموجه أو بالأحرى المفتش بصورته التقليدية صمت المعلم إلا من كلمات الترحيب...الطلبة هابوا هذا القادم الجديد. واصل المعلم الأداء في الوقت الذي انكب فيه المفتش على الاطلاع على دفترالتحضير وبعض الأوراق . ثم ألقى بعض الاسئلة على الطلبة لم يستطع الاجابة إلا قلة من الطلاب. المفتش قوّم المعلم من خلال هذا المنظار الأعوج خلال الـوقت المتبقي من الحصة عن نصف عام !!! غضب المعلم فأسند الكلام لأحد زملائه ) .
ــ : من هو الأحق والأجدر بهذا التقويم ؟ اليس هو الرئيس المباشر!!؟
ــ : من تعني به ؟
ــ : اعني به مديرالمدرسة إنه الأجدر والأكثر دقة في التقويم باعتباره بجانبنا طوال العام الدراسي .
ــ : وهذا لايمنع بأن يشتركا في التقويم !
ــ : بزيارة واحدة أو حتى بزيارتين !!!
( 7 )
ــ : هذا كل ما عندي الليلة يا صا حبي .
ــ : يا عزيزي إن تلك الصور التي اسميتها مقلوبة لاتخفى علي ولكن الفرق بيني وبينك أنك ترى هذه الصور للمرة الأولى . أما بالنسبة لي فقد رأيت ما يشابهها الكثير!! فاعتدت عليها فماعدت أثور لتلك الصور. أما أنت صحيح أنك حساس ، وجوهرك له بريق ، ولكن حتما ستتبلد نحو هذه الصور أوغيرها وتصبح عادة يدمنها الآخرون أمامك دون أن تتأثر بها لكثرة تكرارها ولأنه قد يكسو جوهرك الثمين بعض الطبقات التي تطفيء بريقه وهذا مالا أتمناه لك...
يقول ( اوشو ) أحد حكماء الهند:" الإنسان كالبصلة والفن يكمن في تجريد البصلة من طبقاتها الخارجية والوصول إلى جوهرها العميق،ومن هذه الطبقات الحواس المادية المعطلة ترى الأشياء التي يسمح لك مجتمعك برؤيتها وكذلك اللمس والشم وبقية الحواس .. لقد فقد الإنسان معظم قدرات حواسه . جميع حواسنا معطلة . لم يسمح لنا بأن نكون طبيعيين ، ولذلك فقد الإنسان وقاره وبراءته وجماله واناقته ، وبسبب ممارسات الكبت هذه أصبح الجسد غير قادر على اختيار مشاعرالنشوة . لم نعد نشعر بالفرح ، وبسبب هذه الطبقة فإن كل مايدخلك يجب أن يمرعبرهذه المصفاة فهي تدمر وتفسر وتتلاعب بالأشياء وتعطيها ألوانا مختلفة،وهكذا تصبح الحقيقة مزيفة بتلك الطبقات والتطبيع الايديولوجي الاجتماعي ، والرياضي ، والسياسي ... لديك جسد في منتهى الحساسية ، يملك أبوابا (حواس ) متعددة للاتصال بالواقع . افتح جميع هذه الأبواب ودع نسيم الحياة يتدفق إلى داخلك ودع شمس الحياة تشع في داخلك تعلم كيف تقوي مشاعرك لتتمكن من ازالةهذه الطبقات ، وعندما تزول تعمل الحواس ".
ــ : إذاً أنت بهذا القول المنقول تدعم موقفي .
ــ : نعم .. ولكن مع ذلك سأسدي إليك نصيحة ... لماذا لاتدع الخلق للخالق !؟
ــ :عجبي لم أكن اتوقع منك هذا الكلام ولكن عزائي
بأنني قد افرغت مافي صدري .[/ALIGN]
[COLOR=blue]( رؤية / عبد العزيز النعام )
" عين حائل " خاص[/COLOR]