[ALIGN=CENTER][COLOR=red]جفاء ووفاء .... قصة مؤثرة [/COLOR]
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة إمرأة عاشت هذه القصة تقول :
في هــذه الغــرفة والواســعة والعيشــة الرضــية والوجــوه الســمحة
والقلوب الطيبت أتعذب كل يوم لماذا ؟
قــبل أربعــين عاما كنت صغيرة دون العشرين وكان زوجي شيخا في الســتين ،
كانــت لــه زوجة سابقة ، وأبناء ماتوا جميعا لم يبق منهم على قيد
الحياة سوآ ولد واحد هو "سـلـيـمـان" كان هادئا وديعا وكان والده يطلب
منه أن يسميني "أمــي" فكان يناديني كذلك .
لم أحــب هــذا الولد ولم يكن في قلبي رحمة لــه ، وكنت أشعر أنه حمل
ثقيــل ، كنت أتمنى موته صرت أفتعل المشكلات بسببه وأتذمر منه ، وأدعو
علــيه كان صغيرا لايحتمل الضرب فكان والده يقرص أذنه أو يشد شعره ،
أما أنا فكنت أضربه وأحبسه في غرفته وأحرمه من وجبة غدائه ، عاملته
بكل قسوة وحين رزقني الله ولدا قسوت عليه أكثر ، صرت دائما عابسة
في وجهـه أكدر عليه حياته لا أعيره أي اهتمام ، أما ابني فله المكانة الرفيعة
والوجه المتهلل .
كــبر "سـلـيـمـان" وكبر ابني أيضا لم يكن الفارق العمري بينهما كبيرا
لكــن الفــارق الاجتماعي كــان واضحا "سـلـيـمـان" ملابسه رثة متسخة
وحقيبـته مقطعـة ، أما ابني "يـوسـف" فكان دائما نظيفا مرتبا أحرص على
فطوره وغدائه .
مــرض زوجــي وازدادت قســوتي على "سـلـيـمـان" كنــت أحضــر
الغــداء لــي ولابــني مــن أطايــب الطعــام وأجــوده ، وكنت أترك لـسـلـيـمـان
الفضــلة ، تمنيــت موتــه وســعيت إلى ذلك مرارا بتركي للغداء بعد أن نفرغ
مـنه دون غطــاء في المطــبخ لعــل الهــوام أن تأكل منه أو تمشي عليه فيتسمم
ويموت "سـلـيـمـان" لكن لم يضره ذلك بشيء بإذن الله تعالى .
ضيقت عليه الخناق ، آذيته باللسان وباليد ، اتهمته بالسرقة ، ولم تفد
كل المحاولات ، كان ملازما لفراش والده يرعاه ويعتني به حتى مات .
كــان يومــا باردا لم يشفع صقيعه ولا الحزن الذي غمرنا بوفاة زوجي
لـسـلـيـمـان فطــردته مــن البيت وقلت لــه : "لم يعد لك مكان هنا ، وليس عندنا شيء لتطالبنا به" .
خــرج والحــزن يكســو وجهــه والأســى في عينه وقلبه مكلوم كسير ،
شــاب في الخامسة عشرة من عمره ، أين يذهب ؟ وإلى من يلجأ ؟ كل هذا
لا يهمني ، المهم أنني استرحت منه .
خــرج وخرجــت معــه آثاره ولم نعد نعرف عنه شيئا ، عشت مع ابني
في ســعادة وراحــة حــتى كــبر واستثمر المال وتاجر وأغناه الله وأقام مصنعا
كــبيرا للبلاستك ، تزوج وبنى قصرا كبيرا فيه غرف كثيرة وملاحق كبيرة ،
لكــن هــذا القصــر لا يســعني، زوجة ابني ضاقت بي ، كانت تسومني سوء
العــذاب منعــتني من دخــول المطبخ أو الجلوس مع الأولاد في غرفهم قبل الــنوم ، حـتى النخــيل الــتي أحــبها رفضــت أن أعــتني بهــا أو أســقيها لأن البستاني يفعل ذلك .
جعلــتني في أقصــى البيـت في غرفة ، وحين بدأ لها أن تستفيد منها ..
اخرجـتني إلى الملاحــق فــلم أعــد أرى أحــدا ، ابــني مشــغول بعملــه وبهــا وبمشــاويرها الــتي لا تكاد تنتهي ، وحين تبقى في البيت تصب غضبها علي
تقــول : إنـني أفسد عليها أبناءها وأنني أحرجها أمام ضيوفها وأنني .. وأنني ..
صــارت حــياة ابـني شــكوى وتذمــرا حــتى صار يذهب إلى المصنع وهو
مهمــوم مشغول البال مما يجعله يفقد صفقة كبيرة ذهبت إلى غيره وكانت في
طريقها إليه .. فجن جنونه فكانت فرصتها لتضرب ضربتها .
عــرض علــي ابــني الذهــاب إلى أحد الأقارب "أبناء عمومتي" حتى تهــدأ
العاصــفة ووعدنــي بأنه سيأتي ليأخذني ، حملت حقيبتي وأرسلني مع السائق .
كــان ابــن عمــي كــريما معــي بالــرغم من ضيق ذات اليد ، أعطاني
المــلحق غــرفة واحــدة ودورة مــياه وفــراش صغيرا في أحد جوانب الغرفة
وضعت رأسي على الوسادة واستسلمت لتفكير عميق .
مضــت اللــيالي ، وشــهر وثــان وثالــث ولا أحد يسأل ، أو يدس في
جيبي مبلغا من المال ، لم يأت وأظنه لا يأتي !!.
سـلـيـمـان أين أنت !! الآن أذكرك لقد أذقتك المر صبحا ومساء ، أين
أنــت لتروي غليلك بحالي ولتشمت بي وبما وصلت إليه !! إن الله سبحانه يمهل ولا يهمل !!.
وفي ظهــيرة أحــد الأيــام اعتدلــت في جلســتي وأســدلت خماري على
وجهــي وتوشــحت غطــاء عــلى جسدي أثر صوت ابن عمي يطرق الباب
ويتنحنح "جاك ضيوف يا أم يوسف" .
ضيوفي يأتون دون احتفال يدخلون يثرثرون قليلا ثم يخرجون ، من
هــذا الضيــف الميز الذي يستحق كل هذا الاحتفاء ؟ ابني ؟ لا أظن مرت
سنتان ونصف وهو لم يسأل عني .
فـتح الــباب فـإذا أنا قبالة شاب في الأربعين من عمره تقريبا ينضح شبابا وبهاء ويكسو وجهه نور الطاعة وتحفه لحية كثة دخل وسلم :
- من أنت يا ولدي ؟ ما عرفتك ؟
كلمة واحدة قالها زلزلت كياني وهزت وجداني .
- أنا ولدك سـلـيـمـان .
أخــذ بــيدي وحمــل حقيـبتي وبدأ يحدثني عن أبنائه وزوجته "إنهم في شوق لرؤيتك ، لقد أحبوك وهم في البيت ينتظرونك" .
بعــد ذلـك بأيــام لامــني "سـلـيـمـان" كثيرا أنني بقيت عند أقاربي ولم
أبحــث عــنه ، أخــبرني أنه يتقصــى أخبارنا دائما وأنه يعرف عنا تقريبا كل
شــيء قـال لــي "إنـه لا ينسى العشرة إلا اللئيم" .
لذا فأنا في عيشة رضية وبين قلوب طيبة ومع هذا أتعذب كل يوم .[/ALIGN]
[COLOR=blue]
كاتب بن زعل السلامة
abo_samii@hotmail.com
" عين حائل " خاص[/COLOR]