[ALIGN=CENTER]
[COLOR=red]
(... الهواية ... بين المسرح والكومبارس ...) [/COLOR]
رؤى لأحداث وصور لأوضاع مقلوبة من وحي واقعنا المعاصر، نستعرضها هنا لأن الإنسان أحيانا يحب أن يقرأ نفسه لا أن يراها أو يسمعها ، ونستعرضها لمن قمعت مشاعرهم ، وإن شئت قل نوعا من جلد الذات... ولانستعرضها ترفا بل نـُشرِّحُها - بمبضع الجرّاح - لمحاولة الشفاء من الوباء أو تحجيمه على الأقل ، وعلى خـُطى:"..مابال أقوام يفعلون كذا..وكذا.."مع اعتزازنا بالجانب المملوء والمشرق من الكوب وهو الأغلب بالطبع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 )
( أطلق لهواجسه العنان )
ــ : إنهم يقولون بأنني أريد مجتمعا مثاليا ،وهل
هذه الرغبة عيبا !!؟ أم أن ذلك مستحيل !!؟ . نعم إنه مستحيل في نظرهم
لأن نظرهم هذا قد جللته الماديات.
(هبت نسمة شمالية فبترت حبل هواجسه وداعبت شعر رأسه . ملأ رئتيه بشهيق مسموع ، وأحدث زفيرا به أخرج مافي جوفه من هواء فاسد ونهض بحركة سريعة مقرونة بهواجسه ) ...
ــ : سأذهب إليه حتما سأجده إنه الوحيد الذي يفهمني .
( 2 )
ــ : خيرا !!
ــ : هكذا تقابل ضيوفك !
ــ : آسف تفضل .
ــ : أبدا ... أعتقد أن من قال كل إنسان يبحث عن شئ يفتقده قد أصاب كبد الحقيقة . ها أنذا أبحث عنك . لم أجد سواك لمثل هذا الأمر .
ــ : هل هذا وقت الفلسفة ؟ تفضل !!
ــ : لا ... ليس هنا.. بدل ملابسك... سأنتظرك.
ــ : أهلا بك .
ــ : اشكرك على كل حال ...وآسف لما بدر مني ..لكن قل لي ماذا عندك ؟
( 3 )
(ترجل من عربته ودلف نحو ظل نخلة مجاورة )
ــ : أعرفك مولعا بالنخلة منذ صباك. كم تسلقتها لتظفر بالرطب . لاألومك
إنها طيبة .
ــ : لم يجبه .
( تعلق بصره بالنخلة وجوهريا جعلها شاشة عرض ليعبرمن خلالها ويستعيد ظواهر غير طبيعية في مجتمعه بل يجزم أنها مرضية أسند عقله على كفه مستعينا بذاكرته مواصلا ذلك الشريط المتمثل أمام نا ظريه ...
أيقظ شروده صرخة قوية في أذنه من صاحبه )
ــ : هيه ... أعادته لواقعه... سأله
ــ : مابك ؟
ــ : لاتنزعج استمع إلي
( أمسك بعصا صغيرة وأخذ يضرب بها الأرض وقال )
ــ : صنف علماء النفس دوافع السلوك إلى" دوافع أولية فطرية
وأخرى ثانوية مكتسبة (اجتماعية) وهذه نتعلمها من خلال خبرتنا في
البيئة وتعاملنا مع الآخرين وهي عاملا مؤثرا هاما في سلوكنا كالحاجة
إلى الأمن والتقدير الإجتماعي وتحقيق الذات..."، ويقولون أيضا " أن على الفرد أن ينال قسطا من التدريب الأخلاقي وضبط النفس حتى ينال الثناء
ويتجنب اللوم والتوبيخ ... "
ــ : لم أفهم !!!
ــ : قد نتلافي الظلام بوجود القمر أو بإضاءه شمعة أو فانوس أوأي شيء آخر لنحسره عن موقعنا ولكن ليس كافيا لرؤية كل الاشياء من حولنا نستطيع
أن نرى ماحول هذا الضوء ظاهريا فقط …
( قاطعه جليسه بضحكة عاليه أتبعها بقوله )
ــ : انك من فرط تأثرك كدت تخطف بصري بعصاك !!.
ــ : هل هذا كل ما يضحكك إنهاحركة لاشعورية ... قلت إننا نستطيع أن نرى
ماحول هذا الضوء ظاهريا فقط .
ــ : لكن من الممكن أن يختفي هذا الضوءفبذلك نفقد الرؤية الظاهرية للأشياء.
ــ : نعم .. ولكن ألا يتبع الليل النهار؟ في هذه الحالة لانفقد الرؤية الظاهرية للأشياء. فالنهارمن نعم الله عزوجل كالليل وكأي شيءآخرخلقه الله دون عبث
ــ : لكن رغم وجود الإضاءه الكافية للرؤية كالنهار مثلا. فهذا لا يعطينا
سوى صورة مظهرية للأشياء. كما قلت آنفا .
ــ : نعم .. وهنا يبدأ دور الإنسان بما حباه الله من فراسة... ودقة ملاحظة ،
وبعد نظر ، وتجربة يستطيع بعون الله ثم مايمتع به من تلك المزايا
معرفه جوهر من يعتقد أن جوهره خافيا على الآخرين وبذلك نجد في
مجتمعنا حالات مرضيّة تنتشرفيه .. أسبابها البعض وليس الكل . هذا
ماعنيته بتلك المقدمة النفسية.
ــ : أليس من المفروض على الإنسان أن ينعكس جوهره على مظهره !؟
ــ : نعم . هذا هو الإنسان السوي . أما ما نحن بصدده فهو غير سوى
- من هؤلاء البعض- لذلك فإن ماتقوله من انعكاس الجوهر على المظهر لايحدث حتى يفهم ويعي هذا الإنسان - من البعض - رسالته في الحياة ويتعمق في فهم ما يوصيه عليه بناء مجتمعه مع إخوانه من أمثاله .. لكن هيهات إن هذا الإنسان للأسف لم يع رسالته تلك بل أحدث الخلل في مجتمعه وأصبح هوالآفة التي تنخر في جسد هذا المجتمع لمرض في نفسه إن هذا الإنسان واقع ملموس يعيش بيننا لانستطيع عزله .
ــ : لماذا !؟
ــ : لأنه ليس مريضا مرضا عضويا معديا ظاهرا للعيان فـيُحمي منه المجتمع
وذلك بإيداعه أحد المستشفيات لعلاجه وليس مجنونا لأن المجنون أيضا
يحمى منه المجتمع بإيداعه إحدى المصحات النفسية . لكن المشكلة هو
ذلك الذي يتقيأ الخبث…الغيرة…الحسد…في كل اتجاه وفي كل مناسبة
فيسرح ويمرح كما يشاء دون رادع . ينتقد الآخرين بنقطة ضعفه ويرميهم
بنفس صفته ويعلل ألف سبب وسبب لما يعمله الصادقون من الأعمال
السوية الخيّرة مما قد يجعل - من خلال منظوره - عملهم هذا أقل من
عاديّا ، ويفسر النوايا ... تخيل يفسر النوايا !!! فيزرع الشك في نفوس
مستمعيه نحو أصحاب تلك الأعمال السوية.
ــ : ولما كل هذا الخبث !؟
ــ : الا تدري لماذا !؟.. لأنه يريد بعمله هذا تقليل المسافة بينه وبين الأسوياء
وليطمس الفوارق بين النوايا الطيبة الحسنة والنوايا الخبيثة الرديئة
والخلط بينهما .
ــ : ألم يعلم بأن (… من يعمل مثقال ذرةٍ شرًّا يره ) .
ــ : رغم ذلك فهو يسعى جادا لقلب الموازين الطبيعية للأشياء ويمارس
ذلك في جو أتاح له الفرصة بشكل كبير لنفث سمومه ... لأنه استطاع
أن يجد مسرحا يمارس على خشبته هوايته الملعونة يشاركه في ذلك
عدد من ( الكومبارس ) الذين يترتب دورهم على التطبيل والتهليل له
ولم يعوا مع الأسف " ... اثنان لاتنساهما أبدا .. الله .. والدارالآخرة "...
أحس بأنني قد أثقلت رأسك ... هيا لقد أفل ضوء الشمس .
( 4 )
(تنهد صاحبه وأرادأن يشاركه فأردف قائلا قبل أن يرمي بجثته على المقعد)
ــ : " إذا لم تخش عاقبة الليالي ... ولم تستح فاصنع ماتشاء "
ياصاحبي يقول (أوشو) عن ( النضج ) : " ..لاتخلق التعاسة لنفسك أو لأي شخص آخر، ولا تعير أهمية لما يقوله الآخرون . إن الذين يعيرون أهمية كبيرة لما يقوله الآخرون هم أشخاص غير ناضجين . إنهم يعتمدون على رأي الآخرين ولايمكنهم أن يقوموا بأي عمل باستقلالية.."
ــ : كلام جميل .
ــ : دعني أكمل فكرته .. يقول أيضا :
"... ولايمكنهم أن يعبروا عن أفكارهم بصدق يقولون مايريد الآخرون سماعه ... فرجال السياسة - مثلا - يقولون الأشياء التي تريد سماعها ، ويعطونك الوعود التي تتمنى تحقيقها ، ويعرفون أن ليس بإمكانهم تنفيذ هذه الوعود ، ولو أخبروك بصدق عن حقيقة الأحوال ، سوف يزاحون من السلطة من دون شك. إنه عالم غريب يشبه مصحا عقليا، وإذا تمكنت أن تصبح واعيا لذاتك في هذا المصح العقلي . فأنت إنسان مبارك...".
(عراهم صمت لبرهة لايسمعان فيه سوى صوت أنين المركبة وصفيرالهواء النافذ إليهما . اتجها نحو المدينة يمخران عباب ذلك السيل الجارف من السيارت واختفيا رويدا... رويدا ) .[/ALIGN]
[COLOR=blue](رؤية / عبد العزيز النعام )
" عين حائل "[/COLOR]