[ALIGN=CENTER][COLOR=red]شباب مبدعون .. في معرض الأشجار ونباتات الزينة[/COLOR][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER]الحواس من نعم الله علينا .. فعلينا أن لانعطـّلها بل نفعّلها بما يفيد ..
وأن لايكون ذلك بتفعيل حاسة دون أخرى أو على حسابها .. ولكن المتأمل لحياتنا يجد أن هنالك تعطيل لبعض حواسنا أو جُلـّها أو صرفها بما لايفيد من قِـبل البعض ..!!
أردت هنا أن أسجل إنطباعاتي حول زيارتي لمعرض الأشجار ونباتات الزينة
والذي أقامته ( أمانة منطقة حائل ) في مشتلها ( بحي الورود ) بجهودها الذاتية وبسواعد أبنائها ومنسوبيها أولئك الشباب المتـّقدون حماسة وإخلاصا ، ونظرة ذات أبعاد فائقة في فهم النفسيات الإنسانية . بالإضافة لما وهبهم الله من لطافة وحسن استقبال لزوارالمعرض ، وشفافية تجعلك تزيح اللثام عن بعض الإستفهامات التي تشغلك ، وإبداء الملاحظات دون تحفظات .. هذا ماعايشته واقعيا خلال زيارتي للمعرض أواخر أيامه وذلك في صباح يوم الخميس الموافق ( 1/5/1431هـ ) ولأن هؤلاء الشباب لهم اليد الطولى بفكرة هذا المعرض وأخص بالذكر من قابلتهم من هؤلاء ذلك الصباح الندي بتلك القطرات التي تكسوا الورود وأوراق الأشجار، وبوجوههم الرّضيّة ، وبصماتهم ولمساتهم التي لاتخطئها العين وعلى رأسهم المهندس (عبدالمحسن حمود المطير ) وزميله الأستاذ( محمد عثمان العديلي ).. ففي الوقت الذي ينعم ويرفل الكل بالعيش في كنف أسرته أو أصحابه في مثل هذه الأيام الربيعية .. إلا أن هؤلاء الشباب ومع حرمانهم من تلك الأجواء أبت عقولهم إلا أن تصقل حواسنا وتزيل تلك الطبقات المتكلّسة على جوهرها .. أرادة أن تفعّل تلك الحواس بما يفيد ، أن تعيد الفرح إليها .. وأرادة أن تعيدنا للطبيعة وأن تجعل شمس الحياة تطل بأهدابها على دواخلنا المُهمّشة والغافلة عن بعض المعانى الحقيقية للحياة ..إن هؤلاء الذين يحرضونك على مشاهدة أوغرس شجرة أو إقتناء وردة .. لا شك بأنهم مبدعون .. كيف لا وهم يتأسون بوصايا خير خلقه - صل الله عليه وسلم - للعناية بالبيئة والتشجيع على الغرس بقوله :" إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها "
وبقول علي – رضي الله عنه - : " من أمضى يوما من عمره في غير حق قضاه أو فرض أداه أو مجد بناه أو خير سمعه أو علم اقتبسه ، فقد عق يومه وظلم نفسه .. "
وهنا تزدحم الذاكرة بأقوال منها قول لا أذكر صاحبه أوردته للإستئناس به وفيه يقول : " الجمود صفة الكسالى والتقليد سمة العامة والأميين ، والمتميزون هم الذين يجددون في أساليب عملهم ، ويبتكرون في الوسائل وينشطون في كل اتجاه استثمارا للطاقات وسدا للحاجات .. "
ويقول (اوشو) الحكيم والمعلم الروحي الهندي في كتابه (الإبداع ) : " إن الشخص المبدع هو إنسان يتحلى بالبصيرة وهو الذي يمكنه أن يرى ويسمع أشياء لم يسمعها أي شخص قبله "
وهذ المعرض نقلة نوعية تحسب للأمانة ممثلة بشبابها وحينما أقول نقلة نوعية أعني بأن مايقام من معارض عادة يُعنى بالنواحي الإستهلاكية للإنسان من مأكل و ملبس ومشرب ومركب .. أما هذا المعرض فهو يُعنى بالمشاعر والنواحي الإنسانية والتى هُمّشة في حياتنا.. لذلك فهو نقلة نوعية ففي مثل هكذا معرض تفعّل الحواس .. فالعين تنعم وتسمو وتتنقل بطرفها في أحضان تلك الفسيفساء من ألوان الزهورالبديعة والتي أبدعت بتنظيمها ورسمها تلك الأنامل المخلصة ، لتعزف فوقها وتغرد طيورتستمتع بمعزوفاتها آذان لأنفس تنعم بالشفافية ، وأنوف ترفل بتلك الروائح العبقة الزكية .. فشكرا لهؤلاء الشباب أصحاب تلك العقول النيّرة والذين أتاحوا لنا فرصة أن نعيش أوقاتا ممتعة ..
يقول (اوشو) أيضا في كتابه ( الحدس أبعد من أي حس ) : "..الإنسان كالبصلة والفن يكمن في تجريد البصلة من طبقاتها الخارجية والوصول إلى جوهرها العميق ، ومن هذه الطبقات الحواس المادية المعطلة .. لقد فقد الإنسان معظم قدرات حواسه . لم يُسمح لنا بأن نكون طبيعيين ، ولذلك فقد الإنسان وقاره وبراءته وجماله واناقته ، أصبح الجسد غير قادر على اختيار مشاعرالنشوة . لم نعد نشعر بالفرح .. لديك جسد في منتهى الحساسية ، يملك أبوابا متعددة للاتصال بالواقع .. حواس النظر ، الشم ،السمع ... افتح جميع هذه الأبواب ودع نسيم الحياة يتدفق إلى داخلك ودع شمس الحياة تشع في داخلك تعلم كيف تقوي مشاعرك لتتمكن من ازالة هذه الطبقات ، وعندما تزول تعمل الحواس " .
فشكرا مرة أخرى للأمانة وشكرا لمنسوبيها وشبابها والعاملين بها . وشكرا لتلك العقول النيرة ، ولمن على مثل سواعدهم تـُبنى الأوطان .. شكرا لهم لأنهم ساعدونا على تجريد بعض حواسنا من تلك الطبقات المتكلـّسة على جوهرها .. فهم حقيقة مثال يُحتذى .[/ALIGN]
[COLOR=blue]رؤية / عبدالعزيز النعام
" عين حائل " خــاص[/COLOR]